مع اقتراب فصل الصيف، تزداد مخاوف أهالي المحافظات الساحلية اليمنية وسكانها من ارتفاع درجات الحرارة، التي تتجاوز عادة 40 درجة مئوية، في ظل استمرار الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي عن كل مدن وقرى الساحل غرب اليمن وجنوبه. وقد فاقم تلك المخاوف عدم قدرة مئات آلاف الأسر الفقيرة على توفير بدائل تعمل على تشغيل المبردات والمكيفات وتقيهم شرّ حرّ الصيف وأمراضه.
هكذا، أصبح الصيف زائراً غير مرحب به في مناطق اليمن، لا سيما الحارة منها. عبدالله درهم من سكان محافظة الحديدة الساحلية (غرب). يحكي عن معاناة الأهالي بسبب الحر وانعدام التيار الكهربائي في العام الماضي، مشيراً إلى أنهم يتألمون من دون أن يكون في يدهم ما يمكنهم من تخفيف ذلك الألم. يقول لـ"العربي الجديد": "وهذا العام، يحل علينا الصيف للمرة الأولى، والحديدة تعيش ظلاماً دامساً مستمراً منذ نحو سنة كاملة، بعدما انقطعت الكهرباء منتصف الصيف الماضي بسبب الحرب". يضيف: "ونحن نعرف أننا مقبلون على أيام من العذاب، إذ ليس في إمكاننا تشغيل المكيفات لمواجهة الحر، خصوصاً أنّ أكثر أبناء المناطق الساحلية هم من أكثر اليمنيين فقراً". ويشير إلى أنّ السلطات لم تستطع حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي منذ سنوات على الرغم من توفر المشتقات النفطية في المدينة على غير العادة في الشهور الماضية.
تكيّف الأهالي مع غياب الطاقة الكهربائية، وقد ابتكروا بدائل كثيرة للإنارة وحفظ الطعام وتبريد كميات قليلة من المياه، بالإضافة الى قدرة السكان الأفضل حالاً على تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية التي تحتاج إلى طاقة قليلة عبر استخدام بطاريات السيارات التي تشحن بواسطة الألواح الشمسية. لكنهم عجزوا عن توفير بدائل لتبريد المنازل.
ويؤكد درهم على "عدم قدرتنا على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة في المنازل، لذا لا يجد الرجال والأطفال حلاً أمامهم إلا الخروج مساء إلى الشارع الذي يكون أقل حرارة من داخل المنازل". ويلفت إلى أنّ النساء والرضع هم أكثر المتضررين من حرارة الجوّ، إذ لا يُسمح لهم بالخروج كغيرهم.
من جهتها، تشكو خديجة عبد الودود من مدينة عدن (جنوب) من تلف المواد الغذائية بشكل سريع في فصل الصيف، وهذا ما يضرّ بميزانية أسرتها الشهرية التي تراجعت كثيراً نتيجة الحرب وارتفاع أسعار السلع. وكانت خديجة من الذين يحرصون على تخزين كميات من المواد الغذائية لا سيما الخضار والفواكه والمعلبات، للاستهلاك طوال الشهر، إذ إنّ منزلها يقع بعيداً عن موقع السوق. لكنها اليوم تقصد السوق يومياً، نظراً لتلف المواد الغذائية نتيجة عمل المبردات لساعات محدودة وغير كافية. تقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الصيف يقبل علينا فيما نجد صعوبة كبيرة في تخزين حتى المعلبات لفترة طويلة. كذلك فإن اجتياز المسافة ما بين المنزل والسوق تحت أشعة الشمس الحارقة صعب للغاية".
عن معاناة النساء بسبب الحر، تؤكد عبد الودود أنّ هؤلاء يعانين في المناطق الفقيرة أضعاف ما يعانيه الرجال. المرأة غير قادرة على اعتماد الحلول التي يلجأ الرجل إليها عادة لمواجهة الحرارة المرتفعة، مثل نزع الملابس أو الخروج مساء. تضيف: "يستطيع الرجل البقاء في المنزل أو في الشارع وأجزاء كثيرة من جسمه مكشوفة من أجل تبريد جسمه، بينما لا تستطيع المرأة اليمنية ذلك. كذلك، فإنّ المرأة التي تعيش مع أسرة الزوج، تظل بملابسها التي تغطي كامل جسمها داخل المنزل"، وهذا ما يزيد من معاناتها.
وتهاجم عبد الودود "الحكومة التي عجزت عن حل مشكلة الكهرباء منذ أقل من عام. لا يشعر المسؤولون سواءً الذين في العاصمة صنعاء أو في الرياض أو في عدن بمعاناتنا نحن أبناء المناطق الحارة الفقيرة. هم يعيشون على المكيفات ويستمتعون بخدمات الكهرباء العامة أو الخاصة". وتناشد وزارة الكهرباء والطاقة بتحمل مسؤوليتها.
في السياق، يوضح مصدر في وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية أنّ حل مشكلة الكهرباء عملية معقدة وأي حلول سريعة لن تكون دائمة، وليس بوسعها توفير الطاقة الكهربائية المطلوبة. ويشير لـ"العربي الجيد" إلى أنّ "مدينة الحديدة تحديداً سوف تعرف أحوالاً صعبة". ويؤكّد أنّ أي حلول للطاقة الكهربائية في فصل الصيف لن تكون مثمرة أو ناجحة، لأن حلّ هذه المشكلة يتطلب إمكانيات مادية كبيرة وقدرات فنية عالية، بالإضافة إلى وقت طويل. وهذه متطلبات لا نستطيع توفيرها في زمن الحرب".