الصومال: توترات سياسية وغموض يلف مصير الانتخابات

24 يونيو 2020
لم يتضح النموذج الانتخابي للرئاسيات المقبلة(مصطفى حاجي عبدالنور/فرانس برس)
+ الخط -
يزداد الوضعان السياسي والأمني في الصومال توتراً، مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في البلاد، مطلع العام 2021. هذا التوتر، يبرز خصوصاً في العاصمة مقديشو، حيث تُكثّف المعارضة الصومالية، المتمثلة في الكتلة الحزبية المعارضة بقيادة الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، جهودها من أجل تنظيم هذه الانتخابات في موعدها، بعد ورود أنباء عن إمكانية تأجيلها إلى أجل غير مسمى. ومن المتوقع أن تمثل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أمام البرلمان الصومالي في 27 يونيو/حزيران الحالي، وذلك للبت في موعد محدد لإجراء هذا الاستحقاق. وتواجه اللجنة تحديات كثيرة وعقبات جمّة، من أجل تنظيم الانتخابات المقررة في 7 فبراير/شباط المقبل.

وأكد الرئيسان السابقان للصومال، حسن شيخ محمود وشريف شيخ أحمد، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه أخيراً في مقديشو، ضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، وعدم التفكير في تأجيلها، تفادياً لحدوث مشاكل سياسية وأمنية، قد تجر البلاد إلى مربع القلاقل والأزمات. وقال رئيس منتدى الأحزاب المعارضة، شريف شيخ أحمد، إن المعارضة تطالب بتنظيم انتخابات حرّة ونزيهة وتُجرى في موعدها، وتحظى بدعمها، محذراً من تأجيل الانتخابات مهما تعددت الأسباب، إلى جانب دعوته لخلق جوٍّ من التفاهم بين الشركاء السياسيين في البلاد.

من جهته، قال رئيس حزب "هلدور" عبد القادر عثمان، المقرب من الحكومة الصومالية، لـ"العربي الجديد"، إن البلاد تمر بحالة ضبابية بسبب قرب موعد الانتخابات، وعدم وضوح الرؤية بخصوص النظام الانتخابي الذي ستعتمده البلاد. ولفت إلى أن عقد انتخابات مرة كل أربع سنوات واجب دستوري، ولكنه يعتمد على إمكانية تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في موعدها، وفق النموذج المنصوص عليه في قانون الانتخابات. ورأى عثمان أن خطاب رئيسة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، حليمة إسماعيل إبراهيم، أمام البرلمان أواخر الشهر الحالي، هو الذي سيحدد مستقبل المرحلة المقبلة، وأيضاً عقد اجتماع رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو مع رؤساء الولايات، كما أن دور مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال جيمس سوان مهم لإيجاد توافق بين الأطراف الصومالية بخصوص الانتخابات، سواءً بتنظيمها وفق المحاصصة القبلية أو النظام الانتخابي الجديد، أي التصويت المباشر وانتخاب أعضاء البرلمان من الشعب.


من جهته، رأى الصحافي عبد الفتاح معلم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم انتخابات مباشرة، وفي موعدها المحدد، سيكون غير ممكن، معتبراً أنه يمكن في المقابل تنظيم انتخابات غير مباشرة، يختار الشعب من خلالها نواب البرلمان، ومن ثم يجتمع هؤلاء النواب لانتخاب رئيس للبلاد، وهي الصيغة الانتخابية الأقرب لإجراء انتخابات جديدة، لكنها ستأتي أيضاً بعد مرور أشهر من موعدها المقرر في فبراير/شباط المقبل.

وبحسب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإن أعداد الأحزاب المسجلة حالياً، والتي تستعد لخوض غمار الانتخابات في تزايد ملحوظ، إذ فاقت الـ80 حزباً حتى الآن، وهو ما يعكس ضبابية المشهد السياسي في البلاد وتفككه إلى أحزاب شتى، ونشوء أحزاب سياسية تحركها القبائل والشخصيات السياسية.

وأعلن وزير الداخلية الصومالي الأسبق عبد الكريم حسين جوليد تشكيل حزب سياسي جديد، وذلك بغية الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. ويُعتبر حسين جوليد شخصية تحظى بدعم داخلي وخارجي، ويتوقع أن يتصدر المشهد الانتخابي المرتقب في الفترة المقبلة. كما ينوي السفير الصومالي السابق لدى الرياض طاهر محمود جيلي، تشكيل حزب سياسي، وبدأ مبكراً بإطلاق حملة انتخابية في مواقع التواصل الاجتماعي.

إلى ذلك، مثّلت المفاوضات بين الصومال والجمهورية غير المعترف بها "صوماليلاند" نقطة توتر جديدة في مستقبل الانتخابات المقبلة. ورأت المعارضة السياسية أن زجّ ملف المفاوضات بين الإدارتين الشمالية والجنوبية، يراد منه صرف الأنظار عن نوايا الحكومة الفيدرالية لتأجيل الانتخابات الرئاسية، وأن رئاسة الصومال هي التي تسرعت في تنظيم هذه المفاوضات في هذا التوقيت بالذات، لكسب انتصارات سياسية، بينما يتوقع منها تنظيم الرئاسيات.

وتعليقاً على ذلك، قال مدير مركز مقديشو للبحوث والدراسات، عبد الرحمن عبد، لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات بين الصومال و"صوماليلاند"، أو جمهورية أرض الصومال، وهي الجمهورية المعلنة ذاتياً إثر الانفصال عن مقديشو في العام 1991، جاءت في وقت يستعد فيه الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو لدخول انتخابات تشريعية ورئاسية من المزمع إجراؤها بحلول العام المقبل، وهو يحتاج إلى كسب الرأي العام في الداخل، وتحقيق انتصار معنوي، وحشد الأصوات لإعادة انتخابه لولاية ثانية، وذلك لتحقيق مكاسب سياسية، في وقت يتضاعف دور المعارضة الصومالية. وأضاف عبدي أن نتائج الاجتماع الذي عقد في جيبوتي، لن يغيّر من الواقع السياسي في الصومال شيئاً، سوى أن يخرج منه فرماجو ورئيس "صوماليلاند" موسى بيحي منتصرين، وتتعزز آمالهما وتطلعاتهما في تحقيق مكاسب سياسية، وأن تنال "صوماليلاند" الاستقلال على المدى المنظور، ما دامت الأقاليم الجنوبية متصدعة وتعاني من الأزمات السياسية والإرهاب، فيما العالم يكاد يفقد أمله في إيجاد صومال موحد بعد عقود من الفوضى والانهيار.

أما مدير مركز "هرجيسا" للبحوث محمود عبدي، فأكد لـ"العربي الجديد"، أن هدف هذه المفاوضات من قبل الحكومة الصومالية الفيدرالية، هو إثبات موقف إيجابي لدى المنظمات الدولية، بسبب سعيها حالياً لعقد مؤتمر تشاوري بشأن ملف الانتخابات لرؤساء الولايات الفيدرالية الخمس، تمهيداً لانتخابات جديدة. أما بالنسبة لـ"صوماليلاند"، فرأى أنها تريد رفع سقف المطالب، لإيجاد تمويل خارجي للإنفاق على الإدارة المحلية في أرض الصومال. وأشار محمود إلى أن المفاوضات الجديدة بين الطرفين هي مجرد حملة انتخابية مبكرة، وإظهار فرماجو بمظهر الشجاع الذي نجح في جلب "صوماليلاند" رغماً عنها إلى طاولة المفاوضات، بعدما تأججت الأزمة السياسية بين الطرفين، ودخلت "موانئ دبي" الإماراتية على خط الأزمة بين الإدارتين الشمالية والجنوبية.

كذلك، يبدو الصومال متجهاً حالياً نحو مرحلة جديدة من التدخلات الخارجية، لا سيما من دول خليجية وإقليمية ودولية، لها دور كبير في ملف تنظيم الانتخابات الصومالية. وأعلنت الولايات المتحدة أخيراً عن تبرعها بمبلغ ستة ملايين دولار أميركي لإجراء الانتخابات، كما أن سفيرها لدى مقديشو، دونالد يماموتو، يحاول إقناع الترويكا الحاكمة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

 

المساهمون