الصناعة النفطية عند مفترق طرق

19 نوفمبر 2014
مخاطر حول صناعة النفط( وكالة الاناضول/getty)
+ الخط -
يبدو أن انخفاض أو تأرجح الأسعار العالمية للنفط قد يخفض مستويات الاستثمار في قطاع النفط، سواء في قطاعات الاستخراج والنقل والتخزين وموانئ الشحن والتكرير للمشتقات النفطية، أو من ناحية البنى التحتية لهذه القطاعات والمنشآت الجديدة، أو ما يسمى بالصناعة النفطية.
المؤشرات الدولية تؤكد أن تراجع أسعار النفط قد يخفض الاستثمار في النفط الصخري الأميركي بمقدار 10% في العام المقبل، مما يبطئ نمو القطاع الذي حول الولايات المتحدة إلى منتج عالمي كبير.
دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تعمل بدبلوماسية شديدة الاحتراف؛ من أجل إعادة هيكلة مبيعات "أوبك" الخارجية. خصوصاً مع انعقاد اجتماع وزراء النفط للمنظمة آخر الشهر الحالي، لمناقشة هبوط أسعار النفط. إذ إن هذا الهبوط أدى إلى فقدان المنتجات النفطية 30% من قيمتها، ووضعت ميزانيات الكثير من الحكومات المنتجة للنفط داخل "أوبك" في منطقة الخطر. كذا، تعتبر فنزويلا وإيران من أكثر المتضررين من تراجع الأسعار، بالإضافة إلى العراق وليبيا نتيجة مواجهة الإرهاب والعنف.
الضرر لن يقع فقط على الدول المنتجة للنفط. فعلى الرغم من أن الدول المنتجة للنفط سيكون أمامها مشاكل كبيرة، إلا أن الدول المستهلكة للنفط ستعاني أيضاً من نقص الإمدادات طويلة الأمد، ويأتي ذلك نتيجة تحديات تطوير آليات الإنتاج.
وفي ظل انخفاض الأسعار ووجود مخزون نفطي في الدول قد يؤدي إلى تراجع الطلب، لن تكون الدول المنتجة للنفط طموحة جداً في المستقبل، للتوسع في مشاريع البنى التحتية والإنفاق الاستثماري على المنشآت الجديدة.
وهذا ما سيؤثر على الصناعة النفطية وبالتالي على غالبية الشركات العالمية العاملة في الدول المستهلكة للنفط، وبطبيعة الحال ستصل الارتدادات إلى حجم التعامل في البورصات وأسهم الشركات العاملة في قطاع البنى التحتية للاستثمارات.
ومن هنا، سيكون الكساد مصير قطاع الإنشاءات النفطية في مجال البنى التحتية، مما قد يؤثر حتى على نوع العقود النفطية التي تتعامل بها دول العالم ومجتمع الأعمال في مجال الطاقة.
لذلك، إن الوصول اليوم إلى معادلة أو اتفاق مقبول بين المنتجين والمستهلكين حول استقرار أسعار النفط مابين 90 و100 دولار خلال العام 2015، سيكون الحافز أمام استقرار الأسواق والاقتصاديات الدولية في كل العالم.
أما عدم استقرار السوق، فسيؤدي إلى وقف خطط التطوير للشركات النفطية الوطنية، وخصوصاً في الدول المنتجة الكبرى في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. علماً أن هذه الأخيرة، تنفق ما يقارب خمسة إلى ستة مليارات دولار على كل مليون برميل للنفط وفقاً لعقود الخدمة النفطية. إضافة إلى ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار لكل مليون برميل وفقاً لعقود المشاركة بالإنتاج. ونمط العقود النفطية هذا هو الأكثر استخداماً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
عبّرت الوكالة الدولية للطاقة عن قلقها، إزاء حالة عدم الاستقرار التي تعتري بعض الدول العربية ذات الأهمية بالنسبة لإمدادات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في العراق وليبيا. وتحدثت الوكالة عن أهمية توافر عنصر الأمن والاستقرار في مناطق تصدير الطاقة. واعتبرت الوكالة أن المشكلة الحالية تلحق الضرر بدول أوروبا ودول قارة آسيا التي تحصل على نحو 60% من احتياجاتها النفطية من دول الشرق الأوسط.
لذا، على الدول كافة أن تتفهم حالة الكساد المقبلة على الاقتصاد العالمي ودورة الأموال، نتيجة تباطؤ اقتصاديات النفط في الإنفاق، وهو ما يعني توقف أو تباطؤ خطط تطوير الاستثمارات خاصة في البنى التحتية.
وقد عبرت "أوبك" عن تخوفها من انخفاض الأسعار الذي سيؤدي إلى تراجع الاستثمار في إنتاج النفط. وهو ما سوف يشار إليه في اجتماعها المقبل في 27 نوفمبر/تشرين الثاني. وكذلك تشير شركة الـ "بي بي" النفطية إلى أن هبوط أسعار النفط سيؤدي إلى ضبط الإنفاق الرأسمالي في قطاع الطاقة. كما أن شركة توتال الفرنسية تشاطر "بي بي" المخاوف ذاتها، لكن مع الاخذ بقدرة الشركات على التأقلم من أسعار النفط الجديدة.
الخلاصة أن التراجع التنازلي لأسعار النفط، خلال الربع الأخير من عام 2014 ومطلع الربع الأول من عام 2015 قد ينعكس سلباً على خطط تطوير البنى التحتية لقطاع النفط في دول العالم عموماً وخصوصاً دول "أوبك".
دلالات
المساهمون