لا يفارقُ أحمد عبد الرحمن (45 عاماً) الإحساس بالعجز. علماً أن كونه أصماً، لم يمنعه من العمل وتأسيس عائلة. لكن التفاصيل اليومية، وعدم تقبل المجتمع له، كفيلة بتكريس هذا الشعور. يكفيه أنه لا يستطيع تدبير جميع أموره وأمور أسرته، ما يضطره إلى الاستعانة دائماً بزوجته أو أحد أفراد عائلته أو أصدقائه. يقول لـ "العربي الجديد": "أكره شعور العجز هذا، وخصوصاً حين أجد نفسي غير قادر على نقل وجع طفلي للطبيب". يضايقه أيضاً عدم قدرته على إنهاء معاملات أفراد أسرته في الدوائر الحكومية، بسبب عدم وجود متخصصين في لغة الإشارة.
لا تختلف معاناة هيثم محمد (30 عاماً) عن عبد الرحمن. هو أيضاً يشعر بالغبن لأن الجامعات المحلية رفضت استقباله بالرغم من أن علاماته تؤهله لدراسة الطب. العلامات هنا لم تجده نفعاً، لأنه أصم. يوضح لـ "العربي الجديد": "لم يتم قبولي في الجامعة، بعكس أخي، بالرغم من الفارق في العلامات. كذلك، لم أجد وظيفة تشعرني بالثقة في ظل محدودية الفرص التي توفرها وزارة الخدمة المدنية للصم، عدا عن رفض الشركات الأهلية توظيفي بمجرد معرفتها بأنني أصم. لجأت إلى الأعمال الحرفية التي لا أحبها ولا أتقنها. كل هذه الظروف حالت دون زواجي أيضاً، لأن العائلات كانت ترفضني كزوج لبناتها".
يعيش الصم في السعودية على الهامش. تراهم معزولين عن بقية أفراد المجتمع. لا تسعى الدولة إلى دمجهم في المدارس أو الجامعات. يفتقرون لأبسط الخدمات، كالتعليم الجامعي والوظائف. وفي حال توظيفهم، لا تتم مساواتهم مع بقية زملائهم، أقله في الدرجة الوظيفية، وعادة ما لا يتجاوز راتبهم الشهري ثلاثة آلاف ريال.
قدرت وزارة التخطيط السعودية عدد الصم في البلاد بنحو 720 ألفاً، يعانون صعوبة في التواصل مع الإدارات والمؤسسات العامة بسبب قلة الاستعانة بمتخصصين بلغة الإشارة. في السياق، تقول مديرة عام التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم سابقاً، والمهتمة بشؤون الصم، فوزية أخضر، إنه "من حق الصم الحصول على الوظائف القيادية، وأن تتاح لهم الفرص لتحقيق ذلك عبر الخدمة المدنية بدلاً من حصرهم في وظائف معينة". تضيف لـ "العربي الجديد": "من حق الصم أيضاً أن تتاح لهم الفرص لمواصلة تعليمهم الجامعي من دون شروط تعجيزية"، مطالبة "برامج الإعلام المرئي ونشرات الأخبار بالتوجه إلى الصم أيضاً".
من جهته، يتطرق الأستاذ المتخصص في تعليم الصم والبكم محمد الحنون إلى احتياجات الصم في المملكة. يقول: "لا يتاح للصم متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات السعودية، والحصول على الوظائف التي يطمحون إليها. هم مجبرون على الاكتفاء بالفرصة التي أتيحت لهم منذ سنوات قليلة، وهي الدراسة في كلية الاتصالات في الرياض. لذلك، يكتفي كثيرون بنيل الشهادة الثانوية، علماً أنه في الآونة الأخيرة، تمكن كثير من الصم من الالتحاق ببعثات للدراسة في الجامعات الأوروبية". يلفت أيضاً إلى حاجتهم إلى "كتب خاصة ومصورة"، مشيراً إلى "افتقارهم إلى مناهج خاصة تلائم أعمارهم، عدا عن قلة الدورات والندوات والأبحاث، التي تتطرق إلى معاناتهم في المجتمع واحتياجاتهم".
يضيف الحنون: "لا توجد لغة إشارة موحدة بين مختلف مناطق المملكة لتعليم الصم". أما من الناحية الاجتماعية، فيعاني الصم من عدم قبول المجتمع لهم، عدا عن افتقارهم للمترجمين لتسهيل أمورهم في القطاعات الحكومية، ليتمكنوا من إتمام الإجراءات.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل، الذي عقد في الرياض في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ركز على أهمية الأبحاث الطبية، ودعم المجالات التربوية والتعليمية للأشخاص المعوقين، بالإضافة إلى أهمية تدريب وتأهيل وتوظيف هؤلاء. كذلك، تطرق إلى أهمية الاستعانة بمتخصصين في علم النفس، لمساعدتهم على تجاوز معاناتهم في بيئة لم تتقبلهم بعد، في ظل عدم سعي الدولة إلى دمجهم، ليصبحوا جزءاً من نسيج مجتمعهم.
لا تختلف معاناة هيثم محمد (30 عاماً) عن عبد الرحمن. هو أيضاً يشعر بالغبن لأن الجامعات المحلية رفضت استقباله بالرغم من أن علاماته تؤهله لدراسة الطب. العلامات هنا لم تجده نفعاً، لأنه أصم. يوضح لـ "العربي الجديد": "لم يتم قبولي في الجامعة، بعكس أخي، بالرغم من الفارق في العلامات. كذلك، لم أجد وظيفة تشعرني بالثقة في ظل محدودية الفرص التي توفرها وزارة الخدمة المدنية للصم، عدا عن رفض الشركات الأهلية توظيفي بمجرد معرفتها بأنني أصم. لجأت إلى الأعمال الحرفية التي لا أحبها ولا أتقنها. كل هذه الظروف حالت دون زواجي أيضاً، لأن العائلات كانت ترفضني كزوج لبناتها".
يعيش الصم في السعودية على الهامش. تراهم معزولين عن بقية أفراد المجتمع. لا تسعى الدولة إلى دمجهم في المدارس أو الجامعات. يفتقرون لأبسط الخدمات، كالتعليم الجامعي والوظائف. وفي حال توظيفهم، لا تتم مساواتهم مع بقية زملائهم، أقله في الدرجة الوظيفية، وعادة ما لا يتجاوز راتبهم الشهري ثلاثة آلاف ريال.
قدرت وزارة التخطيط السعودية عدد الصم في البلاد بنحو 720 ألفاً، يعانون صعوبة في التواصل مع الإدارات والمؤسسات العامة بسبب قلة الاستعانة بمتخصصين بلغة الإشارة. في السياق، تقول مديرة عام التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم سابقاً، والمهتمة بشؤون الصم، فوزية أخضر، إنه "من حق الصم الحصول على الوظائف القيادية، وأن تتاح لهم الفرص لتحقيق ذلك عبر الخدمة المدنية بدلاً من حصرهم في وظائف معينة". تضيف لـ "العربي الجديد": "من حق الصم أيضاً أن تتاح لهم الفرص لمواصلة تعليمهم الجامعي من دون شروط تعجيزية"، مطالبة "برامج الإعلام المرئي ونشرات الأخبار بالتوجه إلى الصم أيضاً".
من جهته، يتطرق الأستاذ المتخصص في تعليم الصم والبكم محمد الحنون إلى احتياجات الصم في المملكة. يقول: "لا يتاح للصم متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات السعودية، والحصول على الوظائف التي يطمحون إليها. هم مجبرون على الاكتفاء بالفرصة التي أتيحت لهم منذ سنوات قليلة، وهي الدراسة في كلية الاتصالات في الرياض. لذلك، يكتفي كثيرون بنيل الشهادة الثانوية، علماً أنه في الآونة الأخيرة، تمكن كثير من الصم من الالتحاق ببعثات للدراسة في الجامعات الأوروبية". يلفت أيضاً إلى حاجتهم إلى "كتب خاصة ومصورة"، مشيراً إلى "افتقارهم إلى مناهج خاصة تلائم أعمارهم، عدا عن قلة الدورات والندوات والأبحاث، التي تتطرق إلى معاناتهم في المجتمع واحتياجاتهم".
يضيف الحنون: "لا توجد لغة إشارة موحدة بين مختلف مناطق المملكة لتعليم الصم". أما من الناحية الاجتماعية، فيعاني الصم من عدم قبول المجتمع لهم، عدا عن افتقارهم للمترجمين لتسهيل أمورهم في القطاعات الحكومية، ليتمكنوا من إتمام الإجراءات.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل، الذي عقد في الرياض في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ركز على أهمية الأبحاث الطبية، ودعم المجالات التربوية والتعليمية للأشخاص المعوقين، بالإضافة إلى أهمية تدريب وتأهيل وتوظيف هؤلاء. كذلك، تطرق إلى أهمية الاستعانة بمتخصصين في علم النفس، لمساعدتهم على تجاوز معاناتهم في بيئة لم تتقبلهم بعد، في ظل عدم سعي الدولة إلى دمجهم، ليصبحوا جزءاً من نسيج مجتمعهم.