الصراع السياسي يخترق الجامعة التونسية

09 مارس 2014
+ الخط -

تحول الصراع السياسي في تونس حيث مهد الربيع العربي إلى همٍ يطال الجميع، وانتقل من الأحزاب إلى الشارع و الجامعات، ليتحول الاختلاف إلى صراع عنيف بين التيارات الطلابية المختلفة، كان من نتائجه التعدي على الأمينة العامة للاتحاد أماني ساسي من جانب عناصر من داخل وخارج كلية الحقوق والعلوم السياسية بالمنار، لترقد طريحة الفراش في قسم الإنعاش بإحدى مستشفيات العاصمة تونس ليلة كاملة قبل أن تخرج تحت الرعاية الطبية.

واستقرت الحالة الصحية للأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس أماني ساسي، وقال ناجى الدزيري المقرب من أماني ساسي إنها غادرت المستشفى نحو المبيت الجامعي الذي تقيم فيه لكنها ستبقى تحت الرقابة الطبية، مضيفا أنه لم يتم فتح تحقيق جدي في الحادثة بعد.

وفي بيان له، دعا الاتحاد العام لطلبة تونس، وزارة الداخلية التونسية إلى فتح تحقيق في الحادث، وأكدت المنظمة الطلابية في بيان أصدرته السبت أن "الأمينة العامة أماني ساسي ترقد حاليا في غرفة الإنعاش بمستشفى "شارل نيكول" بعد الاعتداء عليها بعنف شديد من قبل عناصر قيل إنهم من داخل وخارج كلية الحقوق والعلوم السياسية بالمنار".

وأضاف البيان أن العملية كانت مدبرة منذ أيام لاستهداف الأمينة العامة أثناء توجهها لإجراء الامتحانات كرد على الحوار الذي أجرته على قناة "نسمة" و فضحت فيه موجة العنف في الجامعة التونسية ووجهت أصابع الاتهام إلى ما يسمى بالفصيل الطلابي لحركة النهضة.

يأتي ذلك بعد أربعة أيام عن أحداث عنف دامية بين طلبة إسلاميين وطلبة يساريين وقعت بجامعة رقادة في محافظة القيروان، سقط خلالها عشرات الجرحى من الجانبين، حيث استنكر على إثرها شباب حركة النهضة الإسلامية بالجامعة ما وصفه بـ"الهجمة الشيوعية المدنسة لحرمة الجامعة" مؤكدا مواصلته العمل على تثبيت الخطاب الإسلامي الوسطي المعتدل والحريات التي ضمنها الدستور.

وقالت الأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس (اليساري) أماني ساسي قبل الاعتداء عليها إن ''ممارسة بعض عناصر الاتحاد العام التونسي للطلبة (إسلامي) لموجة العنف بكلية القيروان ومنوبة يعبر عن انفلات فكري قبل انطلاق انتخابات المجالس العلمية بالجامعات التونسية".

فيما نفت الفصائل الطلابية الإسلامية ضلوعها في الاعتداء بالعنف على أماني ساسي خاصة في ظل انقسام حاد بين الأطراف المكونة للاتحاد العام لطلبة تونس، حيث أصبحت المنظمة (اليسارية)، ومنذ سنة تحت قيادة مكتبين ينتميان إلى مؤتمر رد الاعتبار الذي يقف خطه السياسي موقف التناقض مع التحالف مع "نداء تونس" على الساحة الشعبية، ومؤتمر البناء الذي يدفع في اتجاه إشراك كافة الأطياف الديمقراطية في البلاد بما في ذلك نداء تونس.

في الوقت ذاته، أكّدت إحدى زميلات أماني ساسي أن المعتدين هم أبناء حزب العمال (يساري) وأن شخصا يدعى هيثم الهمامي هو المسؤول الأول عن هذا الاعتداء. فيما يعني أن الانقسام داخل التيار اليساري هو سبب العنف وأن المعلومات التي نسبت الاعتداء للاتحاد العام لطلبة تونس لا أساس لها من الصحة.

وأدى الانقسام في المنظمة إلى تفكك الوحدة النقابية الكلاسيكية للاتحاد العام لطلبة تونس وتراجع قوة ضغطه السياسي وشراسته في الدفاع عن الطلاب كما كان دوره منذ ستينيات القرن الماضي.

وفي خضم هذه الأحداث تباينت أراء الأحزاب السياسية بين من يدين ومن يتهم، حيث أكد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية اليسارية تضامنه مع الفصيل اليساري للجامعة، مضيفا أن عنف الميليشيات لا مستقبل له في إشارة إلى المنظمة الطلابية الإسلامية وحث الطلاب على التصدي لهذه الميليشيات التي تقودها "وجوه بائسة" على حد تعبيره.

ومن جهة أخرى تباينت آراء بعض الأحزاب الإسلامية حيث دعا إسكندر الرقيق رئيس حزب التحالف الوطني للسلم والنماء وزارة الداخلية إلى القبض على طلبة الاتحاد اليساري واصفا إياهم بالإرهابيين، فيما طالبت رابطة حماية الثورة بحل حزب الجبهة الشعبية واعتبرت أن صور أحداث العنف التي شهدتها كلية رقادة تثبت وجود ميليشيات تابعة للجبهة الشعبية اليسارية استعملت العصي والحجارة والأسلحة البيضاء لإحداث العنف، منددة بما اعتبرته صمتا رهيبا للحقوقيين والساسة وقيادات الاتحاد والمكلف العام بنزاعات الدولة على ممارسة الجبهة للعنف الذي تكرّر أكثر من مرّة حسب قول الرابطة.

وكان أحمد إبراهيم وزير التعليم العالي في حكومة محمد الغنوشي الأولى اتخذ قرارا يقضي بإلغاء الأمن الجامعي وهو ما اعتبرته مكونات المجتمع المدني آنذاك إجراءا ثوريا واستبشر له الطلبة واعتبروه تحررا حقيقيا للحرم الجامعي من الأمن الذي طالما شكل في العهد السابق طوقا على الطلاب وكان يمارس نوعا من العمل المخابراتي فضلا عن أشكال القمع المتنوعة.

المساهمون