الصدر... يغرد

15 أكتوبر 2018
+ الخط -
مما لا شك فيه أن القوى السياسية العراقية ليست على قلب واحد في ملف تشكيل حكومة وطنية، تسابقت أذرعها السياسية والاقتصادية للاستحواذ على الوزارات وتحويلها إلى عنصر دعم مادي ومعنوي لمشاريعها السياسية، وهذا أمر رسخته للأسف المحاصصة التي بدأت بعد تشكيل أول حكومة عراقية بعد 2005..

رسالة الصدر التي كانت موجهة لقادة السنة حصراً، كشفت عن فريق سياسي يقف مع المحاصصة ويدعمها ويحاول استغلالها للاستحواذ على وزارات في حكومة عادل عبد المهدي المقبلة. الصدر لأول مرة لم يكن واضحاً في بيان هوية ذلك الفريق، وفتح الباب على مصراعيه أمام تكهنات المحللين والساسة والرأي العام..


مضمون رسالة الصدر كان يوحي بأن هذا الفريق الذي ينتمي إلى السنة هو المعرقل لتشكيل الحكومة المقبلة - على حد قوله - ما يدفعنا للتساؤل المشروع: هل بقيت القوى الشيعية والكردية خالية من وجود فريق هنا أو هناك يؤيد المحاصصة ويدعمها ويحاول الاستحواذ على وزارة أو أكثر تحت مسمى الاستحقاق الانتخابي؟

رسالة الصدر كانت توجيه اتهام ليس لفريق من السنة بل لكل السنة، بأنهم هم من يحاولون إعادة الفاسدين والطائفيين إلى مقاليد الأمور، رغم أنهم كانوا الحلقة الأضعف في كل الحكومات التي تشكلت بعد 2004..

الصدر لم يكن شفافاً سوى في قوله (وجود فريق) لكن بدون أي إشارة له، وهذا ما ولد اتهامات داخل البيت السني، ووفر مادة دسمة لبقية القوى التي تحاول النيل من أي فريق وطني لتوجيه التهمة له..

رسالة الصدر حملت عبارة خنجر، ورغم أنها كانت في سياق ضمني لكن الكثيرين عدّوها الشفرة التي أراد الصدر من وجهة نظرهم كشف هوية الفريق الذي يقصده داخل البيت السني، ترى هل كان الصدر متعمداً في ذكر العبارة؟ وإذا كان هذا صحيحاً فماذا لدى الصدر من أدلة على كلامه؟ والكل يعرف بأن خميس الخنجر أول سياسي عراقي يرفض تبوؤ منصب حكومي في الدولة العراقية، وقدم الكثير من المبادرات التي كانت باتجاه رفض المحاصصة والطائفية وحكم الأحزاب، وكان أول من طرح مبدأ تشكيل حكومة حل الأزمات ورفض تكريس نفوذ الأحزاب..

رسالة الصدر في نهاية المطاف خلقت الكثير من المتاهات في المشهد السياسي العراقي، وجعلت القوى السنية في قفص الاتهام، رغم أن الكثير من التسريبات تؤكد أن أغلب القوى الشيعية والكردية على حد سواء، ومنهم سائرون، يفرضون ضغوطاً قوية جداً على عادل عبد المهدي للقبول بشخصيات في الظاهر تكنوقراط، لكنهم يمثلون أجندة تلك القوى حرفياً.