كشف رئيس "اتحاد الصحافيين السودانيين"، الصادق الرزيقي، عن إجماع الصحف المحلية الصادرة في السودان على التوقف عن الصدور، لمدة يوم أو اثنين، في حال فشلت الجهود الجارية لحسم الزيادة على طباعة الصحف التي أقرتها المطابع أخيراً، مؤكداً أن الزيادة من شأنها المساهمة في تشريد أغلبية الصحافيين السودانيين.
وكانت المطابع قد أقرّت زيادة على طباعة الصحف في السودان تراوح بين 15 و16 في المائة، وتعد الزيادة الثالثة من نوعها، خلال العام الحالي فقط.
ونجمت عن الزيادة أزمة في الوسط الصحافي السوداني، وهددت معظمها بالتوقف عن الصدور، لا سيما في ظل الظروف القاسية التي تواجه صناعة الصحافة في البلاد والتي أدّت إلى توقف صحف عدة عن الصدور، بالإضافة إلى دور القيود الأمنية المفروضة في هذا المجال.
وأعلن الرزيقي عن اتصالات مع الحكومة للتدخل وحل أزمة زيادة الطباعة، وأشار إلى تلقي وعود من وزير الإعلام نائب رئيس الوزراء، أحمد بلال عثمان، بالتدخل وحسم الأمر. وأكد قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات لتقليل خطر الزيادة عن الصحف، عبر تخفيف أو إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على الطباعة، وإلغاء الرسوم الضريبية على عائدات توزيع الصحف، والتي تمثل 7 في المائة من موازنة الدولة.
وقال إن "المبلغ لا يشكل عبئاً كبيراً على الحكومة"، وشدد "إذا لم تتدخل الدولة ستتوقف الصحف لا محالة".
وأوضح أن "الزيادة ستضاف للتراجع الكبير والمخيف للصحف السودانية، فضلاً عن المشكلات القائمة والمتصلة بمداخيل الصحيفة وعائدات الإعلان والتوزيع"، وأكد اتفاق الاتحاد مع ناشري الصحف على رفض الزيادة باعتبار أنها ستؤثر على أوضاع أغلبية الصحف وتخرجها من السوق.
وأضاف "إذا توقفت الصحف سيتشرد عدد كبير من الصحافيين الذين يقارب عددهم الـ800 صحافي".
وأفاد لـ"العربي الجديد"، بوجود اجتماعات مع أصحاب المطابع لتخفيف حدة الزيادة، وأوضح "إذا لم يتم الاتفاق، أجمعت الصحف على التوقف لمدة يوم أو يومين، تعبيراً عن احتجاجها على الزيادة".
وبدأ ناشرون تحركات مكوكية واتصالات متعددة، في اتجاه نزع فتيل الأزمة والبحث عن بدائل للخطوة. وبرزت مقترحات بزيادة أسعار الصحف من خلال رفع سعرها من أربعة جنيهات إلى خمسة، لكن الخطوة واجهت اعتراضاً من قبل عدد من الناشرين، باعتبار أنها ستثقل كاهل القراء بالنظر للوضع الاقتصادي في البلاد.
ووصف الناشر ورئيس تحرير صحيفة "التيار" اليومية، عثمان ميرغني، الزيادة في أسعار الطباعة بـ"المهولة"، وقال لـ"العربي الجديد"، إن الزيادة تبتلع تقريباً كل مداخيل وإيرادات الصحف، وضمنها إرادات الإعلانات، ولن تقدر الصحف عملياً على الاستمرار، إلا إذا زادت أسعار البيع.
وأردف ميرغني "قرار الزيادة صعب، لأن السعر الآن عال جداً. أربعة جنيهات للصحيفة مبلغ ضخم مقارنة بميزانية المواطن السوداني، ومن الصعوبة اتخاذ القرار"، وأضاف "وهذا يعني عملياً توقف صناعة الصحافة في البلاد أو اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية، كتخفيض عدد الصفحات وتقليص عدد الصحافيين ومحاولة إيجاد نوع من الضبط القاسي على الإنفاق في مجال صناعة الصحافة".
ورأى أن استمرار الوضع الحالي من شأنه أن يمثل انتكاسة كبيرة للصحافة السودانية، بالنظر إلى افتقادها للقدرة على الاستمرار، فضلاً عن إسهامه في تشريد عدد كبير من الصحافيين.
في المقابل، دافع أصحاب المطابع عن الزيادة باعتبارها نتاجاً طبيعياً لارتفاع أسعار الدولار الذي وصل في السوق الموازي إلى نحو 20.5 جنيهاً، وأكدوا تأثير ذلك على الاستيراد، باعتبار أن معظم أدوات الطباعة، لا سيما الورق، يتم استيرادها من الخارج، وأكدوا أنهم كتجار لن يقبلوا العمل بالخسارة ولو توقفت الصحف.
لكن صحافيين رأوا أن الخطوة تمثل توجهاً حكومياً للضغط على الصحف السودانية وجرها نحو الاندماج، باعتباره سياسة حكومية عبرت عنها الدولة أكثر من مرة، وأعلنها الرئيس السوداني عمر البشير بنفسه، خاصة أن تعدد الصحف أصبح يشكل قلقاً للحكومة.