صنّفت صحيفة "تليغراف" البريطانية الصحراء المغربية بالمرتبة الأولى ضمن أفضل عشرة مواقع صحراوية يُنصح هواة "الراحة" بزيارتها لقضاء أوقات عطلاتهم والاستمتاع بمناظر الصحراء الخلابة.
بداية، لاكتشاف الصحراء بأحاسيسها الخالدة وبمكوناتها الفريدة التي تتركها في نفس المسافر، يتوجب عليه التجوال فيها ركوباً فوق الجمال، أو مشياً على الأقدام أو السيارات الرياضية رباعية الدفع لكي يستمتع بالمظاهر التضاريسية الصحراوية التي يطلق عليها أهل الجنوب الكبير، وبلغتهم الحسانية مسميات عدة مثل: بالقلب والكدية والظلعة، الطارف، السن، الطوق والزملة وغيرها. هنا يحتاج المسافر لقاموس اللغة الحسانية التي لها جذر كبير في اللغة العربية.
لا بدّ للمسافر أن ينطلق أولاً من مراكش مروراً بمرتفعات "تيزيتيشكا" التي تصل قمتها إلى علو 2000 متر عن سطح البحر، وهنا يجوز للمسافر عندما يصل القمة أن يلمس السماء وهو يعبر بين ضبابها وغيومها ومطرها وثلوجها.
يسكن أهل تيشكا بملامحهم وأرواحهم التي نحتتها الطبيعة الخضراء والرياح البادرة ومياه جبالهم العذبة على أطراف الجبال الشاهقة في بيوت من الطين، بنوها بأيديهم على حوافّ الطرق المتعرّجة، وسوف يشهق عندما يكتشف أن هذه البيوت لم يهندسها أحد، كيف وقفت على الزوايا الحادة والمرتفعة التي توحي بالموت، لا أحد يعلم. إنّما هي صنعة تخصّ أهل تلك الجبال الذين ذهب أغلبهم إلى مدارس تبعد عشرات الكيلومترات، إمّا فوق الحمير، أو حفاة، وبحقائب قماشية تتدلى منها الكتب، وبمعاطف مصنوعة من الصوف تسقط عند أكواعهم عندما يركضون. هذه البيوت تتشابه مع أخرى ولكن على مساحة أكبر عندما ينهي المسافر رحلته في "جنّة الله" فوق لينزل إلى سهولها. بيوت حمراء مبنية على شكل مربعات، تتساوى أغلبها في الارتفاع لتشكل قرية جميلة وادعة تحتضن بعضها في الشتاء، وتقترب من بعضها صيفا كي لا تضيّع همس الأحاديث.
أقرأ أيضاً:زيت أرغان: للتجميل والطبخ والضيافة المغربية
من البيوت أو المحلات الواقفة على الزوايا، يمكن للمسافر أن يشتري الصناعات التقليدية المغربية التي تتنوع بين الأطباق والفخار والزرابي والصدف، أو قليلا من الهناء وحياة البساطة التي نغسل فيها ملابسنا على جانب نهرٍ جارٍ ونحشوها في أكياس صغيرة ونشدّ الخيط على عنق الكيس حتى لا تهرب منه حوائجنا الثمينة. يستطيع المسافر أن يهديها لأحبته أو يحتفظ بها.
ولحفنة من التاريخ، بدأ العمل في شق طريق تيزيتيشكا سنة 1924، مع المحاولات الأولى لقوات الاستعمار الفرنسي لغزو قبائل جنوب الأطلس الكبير. وكان ذلك بمبادرة من الجنرال "دوكون" حاكم مراكش، التي أكملها خلفه الجنرال "هيري" بالاستعانة بـ"مصلحة الاستعلامات" التي تحولت في ما بعد إلى "مصلحة شؤون الأهالي" في إدارة الاستعمار الفرنسي بالمغرب. حيث قام جنود الاستعمار بإحداث الطريق غير المعبّدة. وبدأت الأشغال فيها سنة 1925 وانتهت بحلول سنة 1939 لتتحمّل مصلحة جديدة محدثة بالمغرب في عهد الاستعمار هي "مصلحة الأشغال العمومية" تعديل بعض مساراتها وإنهاء إنجازها.
ومروراً بورزازات، التي تعتبر إحدى عواصم السينما العالمية منذ أن صوّر فيها فيلم "لورانس العرب" سنة 1962. ستبدو للمسافر مناظر سريالية: أبراج الأجراس ومعابد رومانية وتماثيل مصرية ومعبد التيبت بل حتى قبة الصخرة الموجودة في القدس، وكلها مشيدة بإتقان يحاكي أصولها. على بعد أقل من كيلومترين عن ورزازات تقع قصبة تاوريرت وتيفولتوت التي تعتبر إحدى أجمل المعالم المبنية من الطين في المغرب، سواء من ناحية حجمها أو زخرفتها. إضافة إلى قصبة تاسملا التي تغطي أنقاضها أعشاش اللقالق.
أقرأ أيضاً:"جزيرة الكنز" تجذب ملايين المغاربة
ثم سيجد المسافر واد "درعة" أو منبع الخير، أطول أنهار المغرب بطول يصل إلى 1100 كلم، الممتد نحو الجنوب راسماً واحة ضيقة تبلغ مساحتها أكثر من 200 كلم. ومن بين المدن والقرى التي يمكن عبورها، يجد أيضا مدينة زاكورة ولافتتها الشهيرة التي كتب عليها "تومبوكتو 52 يوما" والتي تعتبر المنطلق الحقيقي لاكتشاف الجنوب الكبير، وهناك حيث واد "درعة" يُفسح للمسافر الطريق نحو الغرب وسيلمح أولى الكثبان الرملية التي تعطي جمالية للصحراء. يستطيع المتجوّل أن يقيم مخيما في العراء تحت ضوء القمر كأولى خطوات المغامرة الخالدة.
في الصباح، يتابع خريطة سيره إلى قلعة "مكونة"، قلعة الورد الدمشقي أو قلعة الألف قصبة التي يُحتفى بها كل عام بالأهازيج وطقوس خاصة. الأفضل زيارة هذا المكان الذي يشبه فعلا طقس دمشق نهاية شهر إبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران. ففي هذه الفترة، يكتسي واد "مكون" و"دادس" حلة من ورود برية كثيفة. ويمكنه التوقف للمشاركة بمهرجان موسم الورد لكي يتعرف على طبيعة البلاد وأهلها وعن مكانة ماء الورد في الثقافة المغربية. فالورد وماؤه رمز الحفاوة وكرم الضيافة المغربية، إذ يقدمه المغاربة لضيوفهم في الولائم والحفلات، وهي عادة تقليدية وعُرْفٌ اجتماعي ما زال حيا في جميع أنحاء المغرب. وبوسع المسافر أيضا حضور عملية تقطير ماء الورد أو فقط شراء مشتقاته أو بكل بساطة باقات ورد كبيرة لتجفيفها.
ثم يشدّ الطريق إلى "تنغير"، المدينة التي شيّدت عاليا عند مخارج جبل "تودرا" الشهير ومنحدراته التي يصل طولها نحو 250 متراً، وسط مشهد طبيعي متباين في الأشكال والألوان، مازجا بين صحراء محصبة وجبال متنوعة وواحة نخيل خضراء.
الصحراء بمساحتها الشاسعة وجهة مفضّلة للسياح الأوروبيين خصوصاً من أجل ممارسة رياضاتهم المفضلة في سباق الرالي، أو الدراجات الهوائية وغير الهوائية لمسافات طويلة، أو ركوب الكرافانات والذهاب إلى عمق الصحراء و"الغطس" بمعالمها، فقد قدّرت وزارة السياحة المغربية عدد السياح لسنة 2014 بـ10.3 ملايين سائح، أي بارتفاع نسبته 2.4% مقارنة مع سنة 2013.
أقرأ أيضاً:اليوم اختتام "مهرجان الشمس" المغربي
بداية، لاكتشاف الصحراء بأحاسيسها الخالدة وبمكوناتها الفريدة التي تتركها في نفس المسافر، يتوجب عليه التجوال فيها ركوباً فوق الجمال، أو مشياً على الأقدام أو السيارات الرياضية رباعية الدفع لكي يستمتع بالمظاهر التضاريسية الصحراوية التي يطلق عليها أهل الجنوب الكبير، وبلغتهم الحسانية مسميات عدة مثل: بالقلب والكدية والظلعة، الطارف، السن، الطوق والزملة وغيرها. هنا يحتاج المسافر لقاموس اللغة الحسانية التي لها جذر كبير في اللغة العربية.
لا بدّ للمسافر أن ينطلق أولاً من مراكش مروراً بمرتفعات "تيزيتيشكا" التي تصل قمتها إلى علو 2000 متر عن سطح البحر، وهنا يجوز للمسافر عندما يصل القمة أن يلمس السماء وهو يعبر بين ضبابها وغيومها ومطرها وثلوجها.
يسكن أهل تيشكا بملامحهم وأرواحهم التي نحتتها الطبيعة الخضراء والرياح البادرة ومياه جبالهم العذبة على أطراف الجبال الشاهقة في بيوت من الطين، بنوها بأيديهم على حوافّ الطرق المتعرّجة، وسوف يشهق عندما يكتشف أن هذه البيوت لم يهندسها أحد، كيف وقفت على الزوايا الحادة والمرتفعة التي توحي بالموت، لا أحد يعلم. إنّما هي صنعة تخصّ أهل تلك الجبال الذين ذهب أغلبهم إلى مدارس تبعد عشرات الكيلومترات، إمّا فوق الحمير، أو حفاة، وبحقائب قماشية تتدلى منها الكتب، وبمعاطف مصنوعة من الصوف تسقط عند أكواعهم عندما يركضون. هذه البيوت تتشابه مع أخرى ولكن على مساحة أكبر عندما ينهي المسافر رحلته في "جنّة الله" فوق لينزل إلى سهولها. بيوت حمراء مبنية على شكل مربعات، تتساوى أغلبها في الارتفاع لتشكل قرية جميلة وادعة تحتضن بعضها في الشتاء، وتقترب من بعضها صيفا كي لا تضيّع همس الأحاديث.
أقرأ أيضاً:زيت أرغان: للتجميل والطبخ والضيافة المغربية
من البيوت أو المحلات الواقفة على الزوايا، يمكن للمسافر أن يشتري الصناعات التقليدية المغربية التي تتنوع بين الأطباق والفخار والزرابي والصدف، أو قليلا من الهناء وحياة البساطة التي نغسل فيها ملابسنا على جانب نهرٍ جارٍ ونحشوها في أكياس صغيرة ونشدّ الخيط على عنق الكيس حتى لا تهرب منه حوائجنا الثمينة. يستطيع المسافر أن يهديها لأحبته أو يحتفظ بها.
ولحفنة من التاريخ، بدأ العمل في شق طريق تيزيتيشكا سنة 1924، مع المحاولات الأولى لقوات الاستعمار الفرنسي لغزو قبائل جنوب الأطلس الكبير. وكان ذلك بمبادرة من الجنرال "دوكون" حاكم مراكش، التي أكملها خلفه الجنرال "هيري" بالاستعانة بـ"مصلحة الاستعلامات" التي تحولت في ما بعد إلى "مصلحة شؤون الأهالي" في إدارة الاستعمار الفرنسي بالمغرب. حيث قام جنود الاستعمار بإحداث الطريق غير المعبّدة. وبدأت الأشغال فيها سنة 1925 وانتهت بحلول سنة 1939 لتتحمّل مصلحة جديدة محدثة بالمغرب في عهد الاستعمار هي "مصلحة الأشغال العمومية" تعديل بعض مساراتها وإنهاء إنجازها.
ومروراً بورزازات، التي تعتبر إحدى عواصم السينما العالمية منذ أن صوّر فيها فيلم "لورانس العرب" سنة 1962. ستبدو للمسافر مناظر سريالية: أبراج الأجراس ومعابد رومانية وتماثيل مصرية ومعبد التيبت بل حتى قبة الصخرة الموجودة في القدس، وكلها مشيدة بإتقان يحاكي أصولها. على بعد أقل من كيلومترين عن ورزازات تقع قصبة تاوريرت وتيفولتوت التي تعتبر إحدى أجمل المعالم المبنية من الطين في المغرب، سواء من ناحية حجمها أو زخرفتها. إضافة إلى قصبة تاسملا التي تغطي أنقاضها أعشاش اللقالق.
أقرأ أيضاً:"جزيرة الكنز" تجذب ملايين المغاربة
ثم سيجد المسافر واد "درعة" أو منبع الخير، أطول أنهار المغرب بطول يصل إلى 1100 كلم، الممتد نحو الجنوب راسماً واحة ضيقة تبلغ مساحتها أكثر من 200 كلم. ومن بين المدن والقرى التي يمكن عبورها، يجد أيضا مدينة زاكورة ولافتتها الشهيرة التي كتب عليها "تومبوكتو 52 يوما" والتي تعتبر المنطلق الحقيقي لاكتشاف الجنوب الكبير، وهناك حيث واد "درعة" يُفسح للمسافر الطريق نحو الغرب وسيلمح أولى الكثبان الرملية التي تعطي جمالية للصحراء. يستطيع المتجوّل أن يقيم مخيما في العراء تحت ضوء القمر كأولى خطوات المغامرة الخالدة.
في الصباح، يتابع خريطة سيره إلى قلعة "مكونة"، قلعة الورد الدمشقي أو قلعة الألف قصبة التي يُحتفى بها كل عام بالأهازيج وطقوس خاصة. الأفضل زيارة هذا المكان الذي يشبه فعلا طقس دمشق نهاية شهر إبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران. ففي هذه الفترة، يكتسي واد "مكون" و"دادس" حلة من ورود برية كثيفة. ويمكنه التوقف للمشاركة بمهرجان موسم الورد لكي يتعرف على طبيعة البلاد وأهلها وعن مكانة ماء الورد في الثقافة المغربية. فالورد وماؤه رمز الحفاوة وكرم الضيافة المغربية، إذ يقدمه المغاربة لضيوفهم في الولائم والحفلات، وهي عادة تقليدية وعُرْفٌ اجتماعي ما زال حيا في جميع أنحاء المغرب. وبوسع المسافر أيضا حضور عملية تقطير ماء الورد أو فقط شراء مشتقاته أو بكل بساطة باقات ورد كبيرة لتجفيفها.
ثم يشدّ الطريق إلى "تنغير"، المدينة التي شيّدت عاليا عند مخارج جبل "تودرا" الشهير ومنحدراته التي يصل طولها نحو 250 متراً، وسط مشهد طبيعي متباين في الأشكال والألوان، مازجا بين صحراء محصبة وجبال متنوعة وواحة نخيل خضراء.
الصحراء بمساحتها الشاسعة وجهة مفضّلة للسياح الأوروبيين خصوصاً من أجل ممارسة رياضاتهم المفضلة في سباق الرالي، أو الدراجات الهوائية وغير الهوائية لمسافات طويلة، أو ركوب الكرافانات والذهاب إلى عمق الصحراء و"الغطس" بمعالمها، فقد قدّرت وزارة السياحة المغربية عدد السياح لسنة 2014 بـ10.3 ملايين سائح، أي بارتفاع نسبته 2.4% مقارنة مع سنة 2013.
أقرأ أيضاً:اليوم اختتام "مهرجان الشمس" المغربي