01 نوفمبر 2024
الشهباء ومصير الثورة
منذ انطلاق الثورة السورية في 2011، وخروج المتظاهرين في مناطق متفرقة من المدن والبلدات السورية، كانت العين على حلب، على اعتبار أن خروجها سيكون مفصلياً في عمر الثورة الوليدة، وأن مجرد إعلان المدينة العصيان على النظام في دمشق سيكون كفيلاً في ترجيح كفة الأصوات المنادية بإسقاط النظام. مرت الأيام، وخرجت حلب، مدينتها وريفها، لتنضم إلى المطالبين بإسقاط النظام. ومع التحوّل إلى الثورة المسلحة، شهدت المحافظة معارك طاحنة أدت، في النهاية، إلى فقدان النظام السيطرة التامة على الريف وخسارته نصف الشهباء.
حلب منذ البداية كانت أساساً في استمرارية الثورة، فلولا سيطرة المعارضة على الريف ما كان لطرق الإمداد أن تفتح، ولا كان بالإمكان حماية مجموعات كبيرة من اللاجئين الذين هربوا من بطش النظام إلى مناطق، يمكن أن يطلق عليها اسم آمنة نسبياً. لاجئون ونازحون شكلوا مع الوقت خزاناً بشرياً للمعارضة ومقاتليها، قبل ظهور "داعش" وأشباهه في تلك المنطقة، وغيرها من المناطق التي عرفت أيضاً طريقها إلى الخروج من قبضة النظام في دمشق.
اليوم يبدو أن حلب تدفع الثمن. قد لا تكون وحدها في ذلك، لكنها بالتأكيد تتحمل العبء الأكبر والأفظع. مجازر يومية، وبأشكال متعددة، لا تحمل إلا ملامح انتقام من المدينة وريفها. مشاهد الدمار والجثث في مناطق متفرقة تأتي على مرأى ومسمع العالم الذي يتشدّق بالحديث عن الهدنة واحترامها، على اعتبار أن النظام، ومن خلفه روسيا والمليشيات المتحالفة معهما، كانا حريصين منذ البداية على الهدنة، ولم يستغلوها، بالتواطؤ مع الغرب أو من دونه، لنيل مزيد من المكاسب ووضعها على طاولة التفاوض. هم حققوا ذلك في أكثر من منطقة. لكن، بقيت حلب عصية، ومن دونها لا معنى للحسم.
كانت حلب، ولا تزال، رمانة الميزان في مسار الثورة السورية ومصيرها. المصير الذي يسعى الغرب إلى الوصول إليه بأي وسيلة ممكنة، حتى لو كانت على حساب سيلان مزيد من الدماء على الأرض السورية. على هذا الأساس، يأتي غض الطرف عن المجازر القائمة حالياً، والإدانات التي تشجع ولا تشجب ما هو حاصل على الأرض، مع الإصرار على المضي في مسار سياسي عقيم، يبقي النظام على حاله، بل ويمنحه مزيداً من الحصانة، ويؤمن له، بالحد الأدنى، الخروج الآمن، هذا في حال قبل النظام بذلك. أما إذا لم يقبل، فلا بأس في بقائه على حاله، فلا أحد الآن في وارد الضغط على حلفاء دمشق، بل المهم إرضاؤهم.
مثل هذه النظرة الغربية إلى وضع النظام هي نفسها النظرة إلى الهدن المتلاحقة على الأرض، والتي من الواضح أنها تطبق من طرف واحد. حلب على موعد مع واحدةٍ من مثل هذه الهدن التي ترافقت مع قصف جديد لأحد المستوصفات، وهو ما يعطي الانطباع بما سيكون عليه الوضع على الأرض، في مقابل التهليل الدولي بإنجاز هدنةٍ غير موجودة فعلياً، وليست إلا ذراً للرماد في العيون والتقليل من الإحساس بالذنب أمام بعض الرأي العام الذي لا يزال يطالب بوقف المذبحة.
إعلان الهدن اليوم هو ستار للتغطية على ما تشهده المحافظة، ولتأمين مزيد من القدرة على غض الطرف عن مأساة آلاف من البشر القابعين تحت رحمة براميل النظام وغارات الميغ الروسية، وتشبيح المليشيات الموالية. ستار لن يحجب طويلاً جريمة الحرب المرتكبة بحق المدينة أولاً وبحق السوريين بشكل عام. وبالتأكيد، لن يقف التاريخ صامتاً عن المشاركين الفعليين في الجريمة، بل ستشمل كل مع ساهم وغطى وصمت عن هول ما يحدث، وسيحدث.
من المؤكد أن حلب أكثر من مجرد مدينة، هي اختصار للثورة منذ بدايتها، واليوم محاولات إنهائها خدمة لمصالح وعلاقات دولية، على حساب دماء مئات آلاف السوريين.
حلب منذ البداية كانت أساساً في استمرارية الثورة، فلولا سيطرة المعارضة على الريف ما كان لطرق الإمداد أن تفتح، ولا كان بالإمكان حماية مجموعات كبيرة من اللاجئين الذين هربوا من بطش النظام إلى مناطق، يمكن أن يطلق عليها اسم آمنة نسبياً. لاجئون ونازحون شكلوا مع الوقت خزاناً بشرياً للمعارضة ومقاتليها، قبل ظهور "داعش" وأشباهه في تلك المنطقة، وغيرها من المناطق التي عرفت أيضاً طريقها إلى الخروج من قبضة النظام في دمشق.
اليوم يبدو أن حلب تدفع الثمن. قد لا تكون وحدها في ذلك، لكنها بالتأكيد تتحمل العبء الأكبر والأفظع. مجازر يومية، وبأشكال متعددة، لا تحمل إلا ملامح انتقام من المدينة وريفها. مشاهد الدمار والجثث في مناطق متفرقة تأتي على مرأى ومسمع العالم الذي يتشدّق بالحديث عن الهدنة واحترامها، على اعتبار أن النظام، ومن خلفه روسيا والمليشيات المتحالفة معهما، كانا حريصين منذ البداية على الهدنة، ولم يستغلوها، بالتواطؤ مع الغرب أو من دونه، لنيل مزيد من المكاسب ووضعها على طاولة التفاوض. هم حققوا ذلك في أكثر من منطقة. لكن، بقيت حلب عصية، ومن دونها لا معنى للحسم.
كانت حلب، ولا تزال، رمانة الميزان في مسار الثورة السورية ومصيرها. المصير الذي يسعى الغرب إلى الوصول إليه بأي وسيلة ممكنة، حتى لو كانت على حساب سيلان مزيد من الدماء على الأرض السورية. على هذا الأساس، يأتي غض الطرف عن المجازر القائمة حالياً، والإدانات التي تشجع ولا تشجب ما هو حاصل على الأرض، مع الإصرار على المضي في مسار سياسي عقيم، يبقي النظام على حاله، بل ويمنحه مزيداً من الحصانة، ويؤمن له، بالحد الأدنى، الخروج الآمن، هذا في حال قبل النظام بذلك. أما إذا لم يقبل، فلا بأس في بقائه على حاله، فلا أحد الآن في وارد الضغط على حلفاء دمشق، بل المهم إرضاؤهم.
مثل هذه النظرة الغربية إلى وضع النظام هي نفسها النظرة إلى الهدن المتلاحقة على الأرض، والتي من الواضح أنها تطبق من طرف واحد. حلب على موعد مع واحدةٍ من مثل هذه الهدن التي ترافقت مع قصف جديد لأحد المستوصفات، وهو ما يعطي الانطباع بما سيكون عليه الوضع على الأرض، في مقابل التهليل الدولي بإنجاز هدنةٍ غير موجودة فعلياً، وليست إلا ذراً للرماد في العيون والتقليل من الإحساس بالذنب أمام بعض الرأي العام الذي لا يزال يطالب بوقف المذبحة.
إعلان الهدن اليوم هو ستار للتغطية على ما تشهده المحافظة، ولتأمين مزيد من القدرة على غض الطرف عن مأساة آلاف من البشر القابعين تحت رحمة براميل النظام وغارات الميغ الروسية، وتشبيح المليشيات الموالية. ستار لن يحجب طويلاً جريمة الحرب المرتكبة بحق المدينة أولاً وبحق السوريين بشكل عام. وبالتأكيد، لن يقف التاريخ صامتاً عن المشاركين الفعليين في الجريمة، بل ستشمل كل مع ساهم وغطى وصمت عن هول ما يحدث، وسيحدث.
من المؤكد أن حلب أكثر من مجرد مدينة، هي اختصار للثورة منذ بدايتها، واليوم محاولات إنهائها خدمة لمصالح وعلاقات دولية، على حساب دماء مئات آلاف السوريين.