الشمال العراقي يزداد توتراً قبل الانتخابات التشريعية

06 فبراير 2018
لم تسرق الشرطة محوّلات كهربائية من الموصل (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -


مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية العراقية المقررة في 12 مايو/أيار المقبل، تصاعدت حدة الخلافات والاتهامات المتبادلة بين سياسيين وقوات أمنية في محافظة نينوى، شمال العراق، في وقت أكدت فيه قيادات في مليشيا "الحشد الشعبي"، أنها "بصدد إطلاق عملية عسكرية واسعة للقضاء على جماعة مسلحة تسمي نفسها (الرايات البيضاء)". وهو ما دفع سياسيين ومراقبين للاعتقاد بأن جزءا كبيرا من المستجدات ليس بعيداً عن الدوافع الانتخابية.

في هذا السياق، أكد مصدر أمني عراقي لـ "العربي الجديد"، أن "الأوضاع الأمنية في مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى) متوتر بشكل كبير، على خلفية الاتهامات التي وُجّهت لقوات الشرطة الاتحادية، ومليشيا الحشد الشعبي، بالقيام بعمليات سرقة منظمة شملت مواد البنية التحتية في المدينة". وبيّن أن "القوى الأمنية هناك أرسلت للمسؤولين المحليين رسائل شديدة اللهجة طالبتهم بوضع حد لمروجي ما وصفوها بالإشاعات الكاذبة".
وأشار إلى أن "بعض الضباط العراقيين يعبرون عن مخاوفهم من احتمال وقوف جهات مغرضة وراء صدور تصريحات مسيئة للقوات العراقية"، موضحاً أن "بعض القيادات الأمنية لوّحت باحتمال اللجوء إلى القضاء إذا تكررت مثل هذه الحالة".

في السياق، نفت قيادة الشرطة الاتحادية الأنباء التي تحدثت عنها النائبة جميلة العبيدي، بشأن سرقة منتسبيها محولات كهرباء من الموصل ونقلها إلى أربيل. وذكرت في بيان أن "قيادة الشرطة الاتحادية تستنكر وبشدة التصريحات الصحافية للنائبة عن محافظة نينوى جميلة العبيدي، والتي اتهمت فيها قوات الشرطة الاتحادية بالتورط في عمليات تهريب محولات الكهرباء ومضخات المياه".

وأشارت القيادة إلى أن "قوات الشرطة الاتحادية قاتلت وسطّرت أروع ملاحم البطولة على مدى ثلاث سنوات، عاش خلالها مقاتلونا أقسى الظروف والمواقف والمصاعب أثناء قتال تنظيم داعش الإرهابي"، لافتة إلى أنها "ترفض رفضاً قاطعاً مثل هذه الاتهامات التي تقف وراءها مكاسب شخصية".

ودعا بيان الشرطة الاتحادية العبيدي إلى "تجنب الخوض في القضايا الأمنية التي تخص أجهزتها الخاصة، وأن تواصل الدعاية في مشروع تعدد الزوجات". وكانت العبيدي قد طالبت البرلمان العراقي العام الماضي بتشريع قانون يتيح للعراقي تعدد الزوجات، مشددة على منح المتزوجين بهذه الطريقة منحا مالية.

كما شدّد السياسي المستقل علي الحيالي، على أن "تصريحات العبيدي بشأن وجود عمليات سرقة وتهريب كبيرة في الموصل خطيرة، ولا بد من الوقوف عندها وكشف ملابساتها بأسرع وقت ممكن". وكشف لـ "العربي الجديد" أن "جميع الاحتمالات مفتوحة ولا يمكن لنا تصديق طرف على حساب الآخر، لكن المؤكد أن اقتراب موعد الانتخابات هو السبب في كل ما يجري".



وأضاف أنه "إذا صدق نفي الشرطة الاتحادية، فإن العبيدي كانت تهدف لتحقيق مكاسب انتخابية من وراء تصريحاتها، وإذا كان العكس هو الصحيح، فربما تريد الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي ترتيب الأوراق قبل مجيء حكومة محلية جديدة في الموصل عبر الانتخابات، ترسم ملامح وضع أمني جديدة هناك". وبيّن أن "المتابع للأوضاع الأمنية في الموصل ومناطق أخرى شمال العراق، يلاحظ أن الأمور تسير باتجاه التأزم"، مع بدء التوتر في مناطق محافظة صلاح الدين، تسبب به ظهور جماعة مسلحة جديدة تطلق على نفسها تسمية "الرايات البيضاء".

إلى ذلك، قال مسؤول المحور الشمالي في مليشيا "الحشد الشعبي" أبو رضا النجار، إن "الأيام المقبلة ستشهد انطلاق عملية عسكرية واسعة لمطارة عناصر تنظيم داعش الإرهابي في المناطق القريبة من بلدة الطوز (شمال صلاح الدين على الحدود مع كركوك)"، مشيراً خلال حديث صحافي إلى "تقسيم محاور القوات الأمنية التي ستشارك في العملية الأمنية".

ولفت إلى أن "الاجتماع الأمني الذي عقد في محافظة كركوك أخيراً بحضور كبار القيادات الأمنية ناقش العملية الجديدة"، موضحاً أن "محاور العملية الأمنية قسمت بين الجيش والشرطة والحشد الشعبي". وأشار إلى أن "مليشيا الحشد الشعبي ستشارك بخمسة ألوية في العملية التي ستكون على مرحلتين". وتتعرض بلدة الطوز بين الحين والآخر إلى قصف بقذائف الهاون أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، واتهمت السلطات المحلية جماعة "الرايات البيضاء" بالوقوف وراء ذلك.

من جهته، أكد قائد العمليات العراقية المشتركة الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، أن "العملية الأمنية الجديدة تهدف إلى مطاردة جماعة الرايات البيضاء"، موضحاً في بيان أن "العمليات المرتقبة هناك تهدف للتأكد من تأمين مناطق شمال صلاح الدين وشرق كركوك من خلايا ما بات يعرف بجماعة الرايات البيضاء". وأشار إلى أنه "هناك وجود تنسيق كامل بين القوات التي ستشارك في العملية الأمنية".

التحديات الأمنية وإن كانت خطيرة إلا أنها لا تخلو في بعض الأحيان من رائحة السياسة بحسب المحلل السياسي وسام السعدي، الذي أكد لـ "العربي الجديد"، أن "ما يجري في شمال العراق ليس بعيداً عن الانتخابات". وتساءل "لماذا تصرّ الأطراف السياسية والأمنية على تبادل الاتهامات؟"، متوقعاً أن "تكون الفترة المقبلة صعبة وشاقة على المناطق الشمالية وخصوصاً المحررة من داعش كالموصل".