وُدّع الملحن محمد جواد أموري (1935- 2014) إلى مثواه الأخير، ظهيرة اليوم السبت، من بناية المسرح الوطني إلى "مقبرة الشيخ معروف" في بغداد، بعد أن وافاه الأجل في منزله أمس الجمعة، عن تسعة وسبعين عاماً إثر معاناة مع المرض امتدت طوال السنوات الأخيرة من حياته، حيث دخل المستشفى أكثر من مرة، ولم يتمكن خلالها من أحياء حفلات موسيقية إلا في ما ندر.
رحيل "أموري" يضيف خيبة أمل عراقيّة أخرى، في ظل ما يمر به العراق والعراقيون وتراكم أحزانهم، التي كان أموري يخفّف منها باللحن وغناء الكلمات العراقية الدافئة. سلوانٌ يتناقص يوماً بعد يوم في ظلّ تحديّات كبرى على أبناء البلد مواجهتها.
ويأتي غياب أموري بعد رحيل الملحن طالب القرغولي قبل نحو شهرين. هكذا سيغيب اثنان من عمالقة الشجن العراقي تاركين خلفهما آلاماً عراقية لا عزاء لها إلا بمن سيواصلون طريق الأغنية العراقية.
وشهدت الأغنية العراقية في فترة ازدهارها، في سبعينيات القرن الماضي، تطوراً كبيراً كان للراحل فضلٌ كبيرٌ فيه، فمحمد جواد أموري يعدّ آخر أعمدة جيل الرواد وأحد المساهمين ببصمة خاصة طبعت هذه الأغنية على مدى عقود، عبر إنجازه لمجموعة من أجمل الألحان لكبار مطربي الأغنية العراقية مثل ياس خضر وحميد منصور وأنوار عبد الوهاب وسعدي الحلي وحسين نعمة وآخرين.
وربما ما تميّز به ابن الجنوب العراقي ونخيل كربلاء أنّه طوّر لحناً وأسلوباً خاصاً به، يدمج فيه بين غناء المقام البغدادي المعروف في العاصمة بغداد، والأطوار والمقامات الممتزجة بالريف وروح الرثاء.
وتبقى أغنية "الريل وحمد"، من كلمات الشاعر مظفر النوّاب، الأكثر شهرة عراقياً وعربياً، ففيها عراقة الشجن العراقي وتجديد لحني من إضافات "أموري" للأغنية العراقية.