الشباب الكيني واللغة العربية

05 فبراير 2015
تعود أسباب الإقبال على اللغة العربية إلى العامل الديني(Getty)
+ الخط -

يشهد تعلم اللغة العربية في كينيا إقبالا واسعا من قبل شباب الأقلية المسلمة، بهدف المحافظة على هويتهم وثقافتهم الإسلامية، على الرغم من قلة الدعم ومحدودية الإمكانات في تعزيز دور اللغة العربية في بلد يمثل فيه غير المسلمين أكثر من 70 %.

ويعود تاريخ اللغة العربية في كينيا، إلى نهاية القرن الأول الهجري، مع وصول الإسلام إلى شرق أفريقيا. وكان تعليم العربية في السابق يتم على مرحلتين، الأولى كانت مقصورة على تعليم أبناء المسلمين في الخلاوي القرآنية والكتاتيب، حيث كان المعلم يبدأ مع التلميذ بالأصوات العربية التي يرددها التلميذ وراءه حتى يتقنها، وكانت العربية لغة التعليم في هذه المرحلة المبكرة، وتشتمل المرحلة الثانية على دراسة الفقه والحديث والتفسير، والنحو، واتخذت من المساجد أماكن لها.

ورغم ما تعرضت له اللغة العربية من تحديات منذ قدوم الاستعمار البريطاني إلى كينيا وفقدانها الكثير من مميزاتها، وانحسارها في أماكن العبادة، إلا أن حضورها في كينيا ما زال مشهوداً وماثلاً في الحاضر.

والجدير بالذكر أن الحكومة الكينية منحت المسلمين حرية التعبد وممارسة أنشطتهم الدينية والثقافية، لاسيما المناطق التي يشكل فيها المسلمون أغلبية، حيث استفاد المسلمون من هذه الحرية لإنشاء مدارس دينية لتدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية، مما جعل اللغة العربية تنتشر في مناطق واسعة من كينيا، كما أصدرت الحكومة الكينية مرسوما رسميا في 1987 يقضي بتدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية الحكومية كمادة اختيارية، مما شجع الشباب المسلمين على بذل المزيد من الجهود لتعزيز دور اللغة العربية.

وفي إطار الجهود التي تبذل لنشر العربية في كينيا، أقام شباب مسلمون مدارس دينية لتعليم العلوم الشرعية واللغة العربية في أنحاء البلاد منذ أمد بعيد، فيما وجدت تلك المدارس في وقت لاحق دعما سخيا من المؤسسات الخيرية في دول الخليج، مما زاد الإقبال على اللغة العربية.

وتعود أسباب الإقبال على اللغة العربية بالدرجة الأولى إلى العامل الديني، وذلك حرصا من المسلمين على حفظ هويتهم إضافة إلى الارتباط الوثيق بين الإسلام واللغة العربية، غير أن هذا العامل لم يعد العامل الوحيد الذي أدى إلى هذا الإقبال، بحيث يتم تعلم اللغة العربية من قبل العديد من الشباب الكينيين، وحتى غير المسلمين.

من جانبها فقد افتتحت بعض الجامعات الكينية أقساما للغة العربية ضمن اللغات الأجنبية وتدريسها كلغة ثانية ومن بينها جامعة نيروبي، أعرق الجامعات الكينية وأقدمها، ولم تقتصر جامعة نيروبي على منح الطالب درجة اللسانس في اللغة العربية فقط، بل فتحت قسما كاملا للدراسات العليا، وقد وصل الاهتمام بالعربية لدرجة أن الجامعات الكاثوليكية في كينيا أدرجت اللغة العربية في مناهجها كمادة اختيارية ضمن شعبة اللغات الأجنبية.

وتعتبر الأقسام التي فتحتها الجامعات الكينية للغة العربية أيضا أشبه باليتيمة، وتعاني من هشاشة في الوسائل والمختبرات والأساتذة المؤهلين، إذا ما قورنت مع اللغات الأجنبية الأخرى مثل الصينية والألمانية، ففي الوقت الذي تقوم كل من ألمانيا والصين بتزويد الجامعات الكينية بأجهزة ومختبرات لغوية عالية الجودة وتقومان بإيفاد أساتذة متخصصين دعما وتمكينا للغتهما في العمق الكيني، فإن العربية لم تلق دعما من حكوماتها ما عدا الجهود المبذولة من المحسنين في العالم العربي ومن بعض الهيئات الإسلامية غير الحكومية، والتي تراجع دورها أيضا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مع العلم أن الإقبال على اللغتين الألمانية والصينية أدنى بكثير من الإقبال على لغة الضاد في كينيا.


(كينيا)

المساهمون