يحقّ لرئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، بل يتوجّب عليه أن يسأل نفسه كل ليلة إذا عاد إلى بيته، عمّن يسانده فعلاً. ولعله يقوم بذلك بالفعل أكثر من مرة في اليوم، مع كل اختبار من الاختبارات المتلاحقة، ومع كل قضية تُطرح على حكومته. وما أكثرها هذه الأيام.
وقد يكون الشاهد أكثر قوة وصلابة مما يتصور البعض، وأكثر تدريباً على مواجهة معارضيه المعروفين، وعلى طعنات مناصريه المفترضين، وهو الخارج من حزب نداء تونس، الذي شهد ما لم يشهده غيره من الأحزاب من كل ضروب المناورات السياسية وأنواعها. ولعلّه كان يتابع من بعيد تفاصيل المعارك التي كانت تدور داخل هذا الحزب، من دون أن يتورط في أيّ منها، بل كان مطروحاً عليه أن يساهم في حل بعضها، وكان قاب قوسين من ذلك، لولا أن جاءته الضربة من صديق.
ولعله يتابع اليوم بنفس الشكل ما يحدث مع حكومته، حكومة الوحدة الوطنية، وإن كان ينتظر من معارضين معروفين مسبقاً الوقوف صفوفاً، لا صفاً واحداً لاستحالة توحّد المعارضة في تونس، في مواجهته ومحاولة إسقاط حكومته.
ولكنه لن يفهم كيف تحوّل الأنصار أيضاً إلى أعداء، تحديداً أولئك الذين تجنّدوا في بداية المشاورات للتنظير للوحدة الوطنية وللوحدة المقدسة. ومع خروجهم من "المولد بلا حُمُّص" شحذوا السكاكين وأعدوا العدة للانقضاض على البقرة، في انتظار أن تسقط. ويحقّ للشاهد إذن، أن يلتفت على يمينه وشماله، وينظر أمامه وخلفه، وسيجد أن قائمة المساندين ليست طويلة، وحتى "الإخوة" في النداء منشغلون بحرب المائة عام، التي لن تنتهي، فمن بقي إذن باستثناء اتفاق الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، وبعض الأصدقاء الجدد الذين أحرقوا مراكبهم ليركبوا زورقه الصغير، وتونسيون في الشوارع لا يحسب لهم المتحزبون أي حساب.
وقد بيّن استطلاع للرأي أخيراً أن أكثر من 60 في المائة من التونسيين يساندون الشاهد، وبقطع النظر عما إذا كان هذا الرقم صحيحاً أم لا، فإنه يتعيّن على هذا الشاب أن يدرك أن خلاصه الوحيد يكمن هناك، في أولئك المنسيين الذين تهملهم حسابات الربح والخسارة، وتتناساهم معارك المؤدلجين، وتسقطهم صراعات المواقع ومناكفات نجوم من ورق صنعتهم الأحداث.