الشاشة الرمضانية المغربية: دراما أكثر عبوساً

22 ابريل 2020
لن يضطر المشاهد إلى متابعة أعمال كوميدية سطحية (Getty)
+ الخط -
نادرة هي المسلسلات الدرامية التي تبثّها القناة المغربية، الأولى والثانية، سنوياً في شهر رمضان، والتي تستحق المُشاهدة والمتابعة اليومية، بسبب هزالة المنتج الفنّي المُقدّم إلى المغاربة لحظة الإفطار، أو بعدها بقليل. لذا، لا يستغرب المرء من لجوء شريحة كبيرة من المجتمع المغربي إلى قنوات عربية وأجنبية، للتخفيف من منسوب الكوميديا الساخرة التي باتت علامة تجارية للتلفزيون المغربي، والرهان على وجوه كوميدية بعينها، أصبحت مُبتذلة من فرط التكرار. بالإضافة إلى منافسة شرسة تصنعها شركات الإنتاج لتأجيل أيّ متعة فنية، ربما يستلطفها المُشاهد في هذه المسلسلات والبرامج التلفزيونية.

لكن هذا العام، ونظراً إلى الحجر الصحي الذي طاول البلد، وبسببه توقّف تصوير مسلسلات وبرامج عديدة، اعتبر مغاربة عديدون، على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ جائحة "كورونا" بدت كأنّها أنقذتهم من رداءة المسلسلات الدرامية والكوميدية وبرامج الطبخ وغيرها، التي تُكثر شركات الإنتاج منها في رمضان، مستغلة جلوس المغاربة ساعاتٍ طويلة أمام التلفاز. لذا، فإنّ تأجيل أو توقّف تصوير بعض هذه المواد التلفزيونية بسبب الجائحة من شأنه حماية المُشاهد المغربي ممّا تُمطره به القنوات المغربية، لأن المغاربة لم يعودوا يحتملون طبيعة هذه المسلسلات، بفضل مشاهداتهم الدائمة لمسلسلات عربية (سورية خاصّة)، ذات جودة عالية، إخراجاً وتأليفاً وتمثيلاً. لكنْ، في مقابل هذا، استطاعت مسلسلات عدّة التملّص من سُلطة "كورونا"، لإنهاء تصويرها باكراً، كالدراما الجديدة "زهر الباتول" (2020)، التي تعرضها القناة الثانية (دوزيم) في رمضان. العمل للمخرج هشام الجباري، عن سيناريو لمريم الإدريسي، تمثيل ربيع القاطي والمغنية سلمى رشيد. تمّ تصويره في مدينة "ورزازات" ذات البعد التاريخي، لمكانة المدينة، تاريخياً وسينمائياً، في وجدان المُشاهد العربي منذ مطلع القرن الـ20.
للممثل المغربي ربيع القاطي (1977) قدرة على تأدية دور كبير في خلق جماليّات خاصة بالمسلسل. ابن مدينة تازة، أثبت مراراً تفرّده في لعب أدوار صعبة، خاصة ذات الصبغة التاريخية، في مسلسلات تلفزيونية وتجارب سينمائية مغربية وعربية، رغم قلّة ظهوره فيها. هو معتاد على هذا منذ أعوام، ولا يجاري تيار التصوير ولا نجوم الشاشة الهزليين، الذين يظهرون في مسلسلات وأفلامٍ وبرامج كوميدية، تسخر من ماضينا الفني. لكنّ ظهور القاطي في رمضان هذا العام لا يتوقّف عند "زهر الباتول"، لمُشاركته أيضاً في مسلسل "الإرث" لمحمد أمين منّة، تأليف جيهان ودليلة البحار، وإنتاج القناة الثانية. بالإضافة إلى مشاركته في المسلسل الليبي "الزعيمان" لأسامة رزق وسيناريو عزة شلبي وأحمد نبيل، مؤدّياً فيه دور المُقاوم الليبي سليمان باشا الباروني (تعرضه قناة "سلام"). إلى ذلك، أعلن الممثل الكوميدي حسن الفد، قبل أيام، عن إلغاء سلسلته التلفزيونية "كبور"، بسبب الأوضاع العامة التي يشهدها المغرب. للسلسلة الكوميدية هذه منزلة كبيرة في وجدان الشعب المغربي، المُدمن على مُشاهدتها كلّ شهر رمضان، لقوّة النص والأداء الجيّد للفد لشخصية "كبور"، وغرائبية مواقفه تجاه ذاته وزوجته وأبناء باديته.

في الوقت نفسه، زفّ حسن الفد للمغاربة بشرى سلسلة جديدة، ستعرض أيضاً في رمضان، بعنوان "طوندونس"، من إخراج أمير الرواني. يُشارك في بطولتها ممثلون مغاربة شباب، علماً أنّ السلسلة لم تخرج هي الأخرى من إطارها الكوميدي الهزلي الساخر من واقع مأزوم، في بيئات ووضعيات مختلفة في المجتمع المغربي.
المساهمون