انتزع بعض اللبنانيين، اليوم، جزءاً من حقوقهم الاقتصادية بقوة "الشارع"، حيث أقّر مجلس النواب المنعقد في جلسة تشريعية تثبيت حوالي 2000 عنصر متطوع في جهاز الدفاع المدني التابع لوزارة الداخلية والبلديات.
تأخّر الوزير المعنيّ، نهاد المشنوق، في الوصول الى البرلمان، فتأجّل إقرار القانون لعدّة ساعات نفّذ خلالها متطوعو الدفاع المدني تهديداتهم بالخوض في مياه البحر قبالة شاطئ "الرملة البيضاء"، والبقاء فيها حتى إقرار التثبيت أو الغرق.
تعالت صيحات الفرح من عناصر الدفاع المدني لدى سماع القرار في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، قبل ان تمتزج بالصرخات المطلبية لباقي المعتصمين.
اجتمع في تلك الساحة كل ذي مطلب.
توافد مئات المواطنين من مختلف القطاعات الإنتاجية لرفع الصوت على بعد أمتار من مجلس النواب.
اختلطت ملابس عناصر المتطوعين في الدفاع المدنيّ المطالبين بالتثبيت بالثياب الرسمية لأساتذة التعليم، في القطاعين العام والخاص، المطالبين بإقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام.
وقف في الساحة أيضاً ممثلو المالكين والمستأجرين القدامى للمطالبة بحلّ ملفّهم العالق منذ عام 1992 والمتعلق بقانون الايجارات.
تحدّث في الاعتصام نجما التحركات المطلبيّة: نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، ورئيس رابطة المعلمين في المدارس الثانوية، حنا غريب.
يحوز الرجلان ثقة أعضاء هيئة التنسيق النقابية وإعجاب شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما مراسلو الوسائل الإعلامية الذين يسارعون لالتقاط الصور معهما خلال الاعتصامات.
تناوب الرجلان على الكلام ترافقهما أصوات التأييد المنبعثة من حناجر المعلمين المنتصبين تحت أشعة الشمس. "ننتظر إقرار السلسلة قبل الإثنين المقبل، كما وعد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، أو التصعيد المفتوح" قالها محفوض ومضى.
اعتلى حنا غريب المنبر وأعلن بصوته الجهوري: "لن نقبل بتجزئة السلسلة كما يقترح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولن نقبل بالتغاضي عن الهدر في القطاع العام".
"في القطاع العام تكمن المشكلة الأساسية"، قال أحد المستأجرين القدامى الذين حضروا للاعتراض على مشروع القانون المطروح لتحرير"الإيجارات القديمة" في لبنان.
هتفت قرب الرجل موظفة متعاقدة مع وزارة الماليّة: "أريد تأمين الضمان الصحي لي، انا أعمل في الوزارة منذ 18 عاما ".
في المقابل، حكومات متعاقبة لم تقم بإصلاحات جدية للنظام الضريبي، أو لأزمة الاقتصاد اللبناني، واستمرت بتأجيل المشكلات حتى انفجرت في لحظة. ويبدو أن الانفجار مستمر في ظلّ تأكيد الأساتذة المتعاقدين مع الجامعة اللبنانيّة على الإضراب، يومي الأربعاء والخميس المقبلين، وإصرار المستأجرين وكذلك موظفي شركة كهرباء لبنان على استكمال تحركاتهم، وتهديد هيئة التنسيق النقابية بالعودة إلى الشارع أول الأسبوع المقبل في حال عدم إقرار السلسلة.