فقد أكدت مصادر في هيئة الآثار العراقية ارتفاع عدد اللقى الأثرية التي تعود لحقب بابلية، وآشورية، وسومرية مختلفة في محافظات العراق وتحديداً بابل، وذي قار، وميسان، ونينوى جنوب وشمال البلاد، إلى أكثر من 120 قطعة حتى الآن.
واليوم الأحد، كشفت شرطة حماية الآثار في محافظة ذي قار (250 كم جنوبي بغداد) عن 13 قطعة أثرية عثر عليها في مجرى سيول الأمطار التي اجتاحت المناطق الجنوبية في العراق.
وقالت الشرطة بحسب بيان نقلته وسائل إعلام محلية عراقية إن الآثار التي عثر عليها تضم جراراً وأواني فخارية، إضافة إلى لوح فخاري مكتوب عليه باللغة المسمارية، وجرى تسليمها جميعاً إلى متحف الناصرية بشكل رسمي.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من الكشف عن لقى أثرية تضم تماثيل وأختاماً صغيرة في موقع قرب محافظة بابل العاصمة الرئيسية للحضارة البابلية في العراق، سبق ذلك العثور على أطلال لموقع أثري قرب الموصل كشفته السيول القوية التي اعتبرت الأولى من نوعها منذ ما يقارب الثلاثين عاماً.
Facebook Post |
ويكشف تكرار إعلان العثور على لقى وقطع أثرية في مناطق الحضارة العراقية الأولى الحاجة لاستئناف عمليات التنقيب في البلاد المتوقفة منذ عام 1990، وهو ما تحقق فعلاً لكن بشكل خجول بعد دخول فريق أميركي للتنقيب في مناطق جنوب العراق، باستخدام تقنيات كشف حديثة.
خبير الآثار العراقي عادل عبد الحمزة الناصري قال لـ"العربي الجديد" إن الوضع الأمني بات مناسباً لدخول فرق التنقيب خاصة الألمانية والبريطانية باعتبارهما أصحاب سبق في هذا المجال.
وبين الناصري أن العراق قد يشهد ثورة على مستوى التنقيب في المناطق الأثرية، وأن هناك خارطة كبيرة من المواقع التي تتعلق بحقب آشورية وسومرية وبابلية والإسلامية إبان الخلافة العباسية، ما يجعل البلاد مقصداً لفرق الآثار والأبحاث التاريخية في الفترة المقبلة، كما قال.
الشرطة العراقية بدورها تقول إن نشاط عصابات سرقة الآثار ونبش المواقع تراجع كثيراً خلال الفترة الأخيرة.
ويقول العقيد محسن الساعدي من شرطة محافظة بابل لـ"العربي الجديد" إن السكان باتوا أكثر تعاوناً من قبل وأغلب القطع التي عُثر عليها سلمها مواطنون وهذا يعكس حالة وعي جديدة، مضيفاً أن تراجع نشاطات عصابات الآثار جاء بعد اعتبارها عصابات لا تقل خطورة عن عصابات السطو والسرقة والاتجار بالمخدرات عقب فترة سنوات من التهاون معها.
في السياق ذاته، يقول جيولوجيون إن طبيعة الأراضي العراقية جنوب البلاد طينية رخوة تتراكم بفعل الأمطار والسيول بمرور السنين لتشكل طبقة ترابية فوق المواقع الأثرية.
وبحسب الخبير الجيولوجي عباس الحمزاوي فإن "مناطق الفرات الأوسط والجنوب تمتاز بطبيعة تربتها الطينية الرطبة، وهي معرضة للانجراف بفعل السيول والأمطار سنوياً، فتتراكم كميات من التربة والطين على المواقع الأثرية بمرور الزمن وتُخفي تحتها كنوزاً ثمينة".
ولفت الحمزاوي إلى أن "السيول كشفت مؤخراً عن كنوز أثرية قديمة جداً بعد أن جرفت أطناناً من التربة المتراكمة فوقها لتكشف عن حقب تاريخية قد تكون منجماً دسماً للمؤرخين والباحثين في علم الآثار".
وتعرّض العراق إلى موجة غير مسبوق من الأمطار خلّفت سيولاً اجتاحت مساحات شاسعة وخاصة جنوب البلاد كشفت عن كثير مما تخبئه الأرض من حقول الألغام والمواقع التاريخية، فضلاً عن جثث جنود عراقيين منذ الحرب العراقية الإيرانية بداية ثمانينيات القرن الماضي.