السيسي ينتقم من الثورة.. زكريا عبد العزيز نموذجاً

26 مارس 2015
عبد العزيز أحد أبرز قضاة تيار "استقلال القضاة"
+ الخط -
لم يرحم تاريخ الرئيس السابق لنادي القضاة المصري، المستشار زكريا عبد العزيز، من انتقام "قضاة العسكر" منه والتنكيل به؛ فيما يبدو عقاباً له على مواقفه الثورية ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ورغم ما اعتبره كثيرون ممن يعرفون تاريخ الرجل النضالي، سقطات له، عقب الانقلاب العسكري، بمواقف وأحكام قضائية، ومحاولته اتقاء شر السلطة بأشكال متعددة، إلا أن السلطات قررت معاقبته بأثر رجعي بإحالته إلى لجنة التأديب والصلاحية، ليختتم تاريخه المهني والنضالي بأكثر صوره مآساوية.

"عبد العزيز" الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، هو أحد أبرز قضاة تيار "استقلال القضاة" في مصر، وهو التيار الذي تأسس منذ عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ليؤكد استقلال القضاء في مواجهة تدخل سلطات ونفوذ الحاكم وأذرعه في المؤسسة القضائية.

وبمرور السنوات ظل التيار يكبر، بالتزامن مع توغل سلطة الحاكم في القضاء، والتي وصلت ذروتها في السنوات العشر الأخيرة من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبرز اسم المستشار زكريا عبد العزيز خلالها، وأصبح أحد قادة التيار، وقاد العديد من الوقفات الاحتجاجية المناهضة لسياسة الدولة ضد القضاة والتنكيل بهم وإرهابهم وتدمير دولة القانون، وبروز الدولة البوليسية القمعية بقوة بشكل عام.

وكان عبد العزيز أحد الذين قادوا الوقفة الاحتجاجية للقضاة عام 2006، عندما أحيل المستشاران هشام البسطويسي ومحمود مكي، "من قضاة تيار استقلال القضاة"، إلى المحاكمة التأديبية للتنكيل بهما من قبل السلطة عقب إعلانهما عن كشف التزوير الذي شاب انتخابات برلمان 2005.

كل هذه الأمور جعلت "عبد العزيز" أهلاً لخوض انتخابات نادي القضاة، وبالفعل فاز فيها وأصبح رئيساً لنادي القضاة لدورتين منذ 22 يونيو/حزيران 2001، وحتى 12 فبراير/شباط 2009، وأسهم خلالها في تأسيس حركة "قضاة من أجل مصر".

وقام النظام في انتخابات القضاة 2009 بدعم مرشح الدولة المستشار أحمد الزند، الذي جاء بوعود مالية، وفاز بالفعل عليه بعد أن جفّفت الدولة الموارد المالية عن النادي طوال فترة "عبد العزيز".

ظل اسم المستشار عبد العزيز بارزاً رغم خسارته، وعند اندلاع ثورة يناير 2011، كان أبرز الوجوه القضائية الداعمة لها، وشارك في العديد من المحافل الثورية، كما شكل المحاكمات الثورية "الصورية" والشعبية لمبارك ورموز نظامه بميدان التحرير.

اقرأ أيضاً:
مصر.. إحالة رئيس القضاة للصلاحية والتأديب


وعقب الانقلاب العسكري في مصر وعزل الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، تحول وكأنه شخص آخر، فلم يُبدِ القاضي "المناضل" أي تعليق في هذا الصدد بل رفض التوقيع على بيان دعم الشرعية برفقة 75 قاضياً من رفاقه بتيار استقلال القضاة، من بينهم وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، والنائب العام المساعد المستشار حسن ياسين، وغيرهما والذين أُحيلوا إلى المعاش بعد تحقيقات المحكمة القضائية المصرية المعروفة باسم "لجنة التأديب والصلاحية"، والذين من بينهم أيضاً قضاة بحركة قضاة من أجل مصر التي أسهم في تأسيسها.

لم يكتف عبد العزيز بذلك، بل حاول التودد واتقاء شر النظام الحالي، وكان لافتاً ومروعاً إصرار السلطة الحالية على الزج به، في محاولة منه ليكون أحد أذرع التنكيل بالمعارضة السياسية التي طالما ناضل من أجلها، وبتاريخ 9 أغسطس/أب 2014، أصدر حكماً "غريباً"، على عدد من الفتيات صغيرات السن من رافضات الانقلاب العسكري، بينهن شقيقتان بالسجن المؤبد بتهمة التظاهر دون ترخيص وحمل الأسلحة النارية، معتمداً في حكمه فقط على تحريات جهاز الأمن الوطني، الخصم السياسي للمتظاهرين والمعارضين والمعروف عنه تلفيقه للتهم.

إلا أن كل ذلك لم يشفع له أمام قضاة الانقلاب وقرروا طرده من مملكتهم والانتقام منه جراء مواقفه السابقة قبل سقوطه، حيث أحيل المستشار زكريا عبد العزيز إلى لجنة التأديب والصلاحية، بعدما واجهه قاضي التحقيق معه المستشار صفاء الدين أباظة، بتهمة الاشتغال بالسياسة والظهور الإعلامي، والتحريض على اقتحام وحرق مقر أمن الدولة، إبان ثورة يناير.

وكأن دعوة الفتيات قد استجيب لها، هكذا علق أحد قضاة تيار الاستقلال.

اقرأ أيضاً:
مذكرة قاضي القضاة في زمن مبارك ضد قاضي الانتقام
"عبدالعزيز":سلسة تصفية حسابات لتيار استقلال القضاء بمصر.. و"الزند"وراءها
المساهمون