خالف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أحكام الدستور، بتخصيص مبلغ 100 مليار جنيه (6 مليارات و350 مليون دولار) من موارد الموازنة العامة للسنة المالية 2019-2020، لصالح إجراءات مواجهة فيروس كورونا المستجد، في إطار خطة شاملة على مستوى الدولة لمنع انتشار العدوى، وهي الخطة التي لم تُعلن الحكومة عن تفاصيلها، مكتفية بالاستجابة لتوجيهات السيسي الخاصة بتكليف إدارة الحرب الكيميائية التابعة للجيش بـ"مهام تعقيم جميع المدارس والجامعات على مستوى الجمهورية".
وأعلنت وزارة الصحة المصرية، أخيراً، ارتفاع عدد الإصابات الإيجابية بفيروس كورونا إلى 166 حالة، بعد تسجيل 40 إصابة جديدة، منها 35 لمصريين، من بينهم 8 حالات عائدة من العمرة، و5 حالات لأجانب من جنسيات مختلفة، مشيرة إلى ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيروس إلى 4 حالات، بعد تسجيل حالتين جديدتين لسائح ألماني يبلغ من العمر 72 عاماً بمدينة الأقصر، وآخر مصري يبلغ من العمر 50 عاماً بمحافظة الدقهلية. ولم يقتصر التكليف الرئاسي على المدارس والجامعات وحدها، إذ وجه رئيس مجلس النواب علي عبد العال، بالاستعانة بالقوات المسلحة لتطهير مقر البرلمان، سواء القاعة الرئيسية لانعقاد الجلسات، أو اللجان النوعية. وعلى الدرب ذاته سارت جميع مؤسسات الدولة، التي استعانت بالجيش لتطهير مقراتها من ميزانيتها الخاصة، الأمر الذي يعني توجيه الأموال المخصصة لمنع تفشي كورونا إلى الحسابات الخاصة لوزارة الدفاع، عوضاً عن توجيهها لصالح تطوير المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية.
ونص الدستور المصري على أن "يشمل تقرير الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها، ومصروفاتها، من دون استثناء، وعرض مشروعها على مجلس النواب قبل 90 يوماً على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها. وتجب موافقة المجلس (البرلمان) على نقل أي مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الموازنة، وعلى كل مصروف غير وارد بها، أو زائد على تقديراتها، وتصدر الموافقة بقانون".
ولم تكشف الحكومة في البداية مصادر تمويل المائة مليار جنيه، والتي يُشترط، بحسب الدستور، موافقة البرلمان على اعتمادها. غير أن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي قال، في تصريحات إعلامية الإثنين الماضي، إن الدولة خصصت هذا المبلغ من موارد الموازنة العامة للدولة، على أن تتولى وزارة المالية مسؤولية توفيره، وذلك لصالح خطة الطوارئ المتعلقة بمكافحة العدوى، ومواجهة أي تداعيات قد تكون محتملة خلال الفترة المقبلة في إطار مكافحته.
من جهته، قال مصدر مطلع في مديرية شؤون الصيدلة والرقابة الدوائية بوزارة الصحة إن مجموعة شركات "ألفا" المالكة لسلسلة صيدليات 19019، والتي تمتلك الأجهزة السيادية (الجيش) حصة حاكمة فيها، وراء أزمة اختفاء المنظفات والمطهرات من الصيدليات والسوق المحلية، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن المجموعة سحبت كميات كبيرة منها عبر شركات التوزيع من أجل "تعطيش السوق"، ومن ثم إعادة طرحها خلال أيام قليلة بأكثر من ثلاثة أضعاف أسعارها، في ضوء محاولاتها المستمرة للسيطرة على تجارة الأدوية في البلاد.
وسبق أن خالفت الحكومة المصرية الدستور، في مارس/آذار 2019، عن طريق صرف وزارة المالية نحو 100 مليار جنيه من دون العودة للبرلمان. وهو ما رد عليه النائب أحمد الطنطاوي، آنذاك، بالمطالبة بتقديم استجوابات ضد الحكومة، وتشكيل لجان تقصي حقائق، وإحالة بعض المسؤولين للنيابة العامة، من دون جدوى، استناداً إلى مخالفة الحكومة للمادة 124 من الدستور، بشأن إدخال تعديلات على استخدامات موازنة الدولة للعام المالي 2017-2018 بصورة منفردة.
وعلقت مصر حركة الطيران في كافة المطارات اعتباراً من يوم الخميس المقبل، وحتى نهاية الشهر الحالي، لمنع انتشار فيروس كورونا، ما يكبد شركة "مصر للطيران" الوطنية خسائر بقيمة 2.25 مليار جنيه تقريباً، علاوة على منح الجيش مهمة تطهير كل الفنادق والمنشآت السياحية خلال فترة تعليق الطيران، وتخفيض عدد العاملين في الوزارات والهيئات الحكومية لتقليل الاختلاط بين المواطنين، مع استثناء المصالح الخاصة بالخدمات الاستراتيجية، وتقديم الخدمات الأساسية للدولة.
وقال مصدر بارز في لجنة الصحة بمجلس النواب إن الدستور اشترط موافقة البرلمان، في جلسة عامة، على اعتماد أي مصروفات غير واردة في الموازنة العامة، والتي وافق عليها في يونيو/حزيران 2019، منوهاً إلى أن المجلس لن يرفض تخصيص أي مبالغ لتحسين قطاع الصحة، لا سيما أن توصيات اللجنة البرلمانية للحكومة تدفع دائماً في هذا الاتجاه، ولكن كان يجب عرض هذا المبلغ على المجلس لاعتماده من أجل "استيفاء الشكل الدستوري أمام الرأي العام"، على حد تعبيره.
وقرر السيسي، يوم السبت الماضي، تعطيل الدراسة في كل المدارس والجامعات والمعاهد في مصر لمدة أسبوعين، تطبيقاً لخطة مواجهة انتشار فيروس كورونا، مع تخصيص 100 مليار جنيه لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفشي الفيروس، في أعقاب الإعلان رسمياً عن عزل مدرسة في حي الزمالك الراقي وسط القاهرة بجميع طلابها والعاملين فيها، ذاتياً، بعد إصابة أحد الطلاب، وولي أمره بالفيروس، والكشف لاحقاً عن إغلاق 6 مدارس أخرى (على الأقل) في 5 محافظات.
وكانت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قد نقلت عن دراسة كندية، يوم الأحد الماضي، تقديرات تفيد بأن "عدد الإصابات بفيروس كورونا في مصر يتجاوز 19 ألفاً"، وسط نفي رسمي من السلطات المصرية لصحة هذه الأرقام، وهي الدراسة التي أنجزها باحثون من جامعة تورونتو الكندية، وخلصت إلى أن عدد الإصابات بالعدوى في مصر يصل إلى 19310، في ضوء دراسة بيانات الرحلات الجوية، وأعداد المسافرين، ووجود عدد كبير من الحالات غير المُبلغ عنها. وكشفت "العربي الجديد" في وقت سابق، أن الرئاسة المصرية طلبت من المخابرات العامة، والأمن الوطني، والوزارات المختلفة، تقارير عن رؤيتها وتقييمها للأوضاع الحالية في البلاد، في ظل اتساع رقعة الاشتباه بالإصابة بفيروس كورونا (كوفيد 19)، في وقت تسيطر فيه حالة من الهلع على المصريين، الذين احتشدوا دخل المجمعات التجارية، لشراء السلع الغذائية، رغبة منهم في تخزينها تحسباً لتعطل الإنتاج أو تقليله.