السيسي يطبع 14.4 مليار جنيه بأول شهرين من كورونا

15 يونيو 2020
ديون ونقود مطبوعة بمئات المليارات في عهد السيسي (Getty)
+ الخط -
كشفت بيانات جديدة، صادرة عن البنك المركزي المصري، عن قيام الحكومة بطباعة مبالغ ضخمة خلال أول شهرين من العام الجاري، بينما كانت أضرار فيروس كورونا تتشكّل ولم تضرب بعد القطاعات الاقتصادية الحيوية للدولة، بينما رجح محللون ماليون ومصرفيون طباعة مبالغ أكبر في الأشهر اللاحقة، خاصة مع تباطؤ عجلة الإنتاج في الكثير من الأنشطة وتوقف السياحة.
وأظهرت البيانات الواردة في النشرة الإحصائية لشهر إبريل/نيسان الماضي، والتي اطلع "العربي الجديد" عليها، أن قيمة ما تمت طباعته خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط بلغت نحو 14.4 مليار جنيه، حيث وصل إجمالي النقد المصدر والمتداول في نهاية الشهر الثاني من العام إلى 559.15 مليار جنيه (34.5 مليار دولار)، مقابل 544.7 مليار جنيه نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019.

وعلى أساس سنوي، بلغت قيمة ما تمت طباعته نحو 79.1 مليار جنيه، حيث لم يكن النقد المصدر في فبراير/ شباط من العام الماضي يتجاوز 480 مليار جنيه.
ويواجه الاقتصاد المصري أزمة خانقة بسبب جائحة كورونا، ما أجبر الحكومة على إطلاق خطة للتعايش مع الفيروس، لإعادة فتح الاقتصاد رغم تفشي الوباء وتصاعد حالات الإصابة والوفيات، بينما فشل النظام الصحي في التعامل مع تفشي الوباء، الذي انعكس على أداء مؤشرات البورصة التي يواصل المستثمرون الأجانب الهروب منها، رغم حزمة دعم أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي للأسهم قبل نحو شهرين بـ20 مليار جنيه.

ودأب نظام السيسي على طباعة النقود منذ وصول السيسي إلى الحكم، قبل نحو ست سنوات، رغم حصوله على مساعدات سخية من السعودية والإمارات والكويت في أعقاب إطاحة الجيش الرئيس المنتخب محمد مرسي، في الثالث من يوليو/ تموز 2013.

وتظهر البيانات التي رصدها "العربي الجديد" أن قيمة ما تمت طباعته من نقود، منذ وصول السيسي، بلغت نحو 269.3 مليار جنيه، حيث كانت قيمة النقد المصدر والمتداول تبلغ في يونيو/حزيران 2014 حوالي 289.3 مليار جنيه، قبل أن تقفز إلى ما يقارب الضعف في نحو ست سنوات.

وقال مسؤول مصرفي لـ"العربي الجديد" إن قيمة ما تمت طباعته خلال يناير/كانون الأول وفبراير/شباط الماضيين هي الأعلى من حيث متوسط المعدل الشهري تقريبا منذ أغسطس/آب 2019، حيث كان النقد المصدر يبلغ نحو ملياري جنيه في المتوسط قبل يناير/كانون الثاني.

وغالبا ما تؤدي طباعة النقود بشكل كبير لتوفير سيولة مالية للحكومة إلى زيادة معدلات التضخم (أسعار المستهلكين)، إلا أن البيانات الحكومية تظهر على النقيض تراجعاً حاداً في معدل التضخم.

وبحسب بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في العاشر من يونيو/حزيران الجاري، تراجع التضخم في المدن المصرية إلى 4.7% في مايو/ أيار من 5.9% في إبريل/ نيسان، ليسجل أدنى مستوى في 6 أشهر.

ووصف محلل مالي في أحد أكبر بنوك الاستثمار المحلية البيانات الحكومية بغير الشفافة، مشيرا إلى أن معدلات التضخم تراجعت في الأشهر الأخيرة فعلياً، ولكن ليس إلى المستوى المتدني الذي تصوره الحكومة، كما أنها لا تعبر عن تحسن الوضع الاقتصادي بقدر ما تعبر عن انهيار القدرات الشرائية للكثير من المصريين وتكدس السلع لدى المنتجين، ما يضطرهم لخفض أسعار بعض المنتجات بغية تصريفها وتفادي أزمات سيولة.

وقفزت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة في نحو خمسين عاماً، متجاوزة 35% في يوليو/تموز 2017، بعد سلسلة من الصعود في الأشهر السابقة عليه، وذلك في أعقاب تعويم سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بناء على برنامج اقتصادي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، تضمن أيضا رفع ضريبة القيمة المضافة على مختلف السلع والخدمات وزيادة أسعار البنزين والكهرباء والنقل بشكل متواصل.

والثلاثاء الماضي، أعلنت الحكومة عن زيادة جديدة في أسعار الكهرباء للمنازل، تطبق اعتباراً من فاتورة يوليو/تموز المقبل بنسبة ‏تصل إلى 30% عن الأسعار الحالية، لتُعدّ ‏بذلك الزيادة السابعة في الأسعار منذ وصول السيسي إلى الحكم. وسجلت الزيادات التي طرأت على أسعار الكهرباء منذ منتصف 2014 نحو 660%، بينما بلغت في الوقود أكثر من 770%.

ويؤكد مواطنون أن تكاليف المعيشة تزاد يوما بعد يوم، سواء ما يتعلق بالطعام والشراب أو مصاريف الدراسة، وأخيرا العلاج والوقاية من فيروس كورونا الذي يلاحق الجميع. ولم تحد الديون الضخمة والمساعدات الخليجية والأجنبية، التي حصل عليها السيسي منذ وصوله قبل نحو ست ‎سنوات، من رفع الأسعار على المواطنين وطباعة النقود بشكل غير مسبوق.

وقفز الدين الخارجي بنسبة تبلغ 145% منذ تولي السيسي الحكم، إذ لم يكن يتجاوز 46 مليار دولار منتصف عام 2014، بينما وصل إلى 112.67 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفق بيانات البنك المركزي.

ووفق محمد زهير، الذي يعمل موظفاً في إحدى المؤسسات المصرفية الكبرى، التي نال فيروس كورونا من العديد من موظفيها ودفع إدارة البنك إلى إغلاق بعض الفروع في القاهرة وحدها، فإن الفيروس كشف هشاشة الوضع في مصر، مضيفا: "لمس الكثيرون فشل الحكومة وكذلك القطاع الخاص الطبي وغيره في مواجهة الأزمة صحياً واقتصادياً".

وقال زهير "طباعة النقود الضخمة وتسارع الحكومة نحو الاقتراض جاء في بداية الأزمة، بينما كورونا ما يزال في فترة الإحماء بالنظر إلى وتيرة الإصابات المتزايدة التي نشهدها والأضرار التي تلحق بالأنشطة الاقتصادية".

وتابع "مئات مليارات الجنيهات ذهبت إلى تدشين كتل إسمنتية ضخمة في شكل بنايات حكومية ورئاسية في العاصمة الإدارية الجديدة،لتي يحلم بها السيسي، وغيرها من المشروعات التي تفتقد أدنى معايير الجدوى الاقتصادية، بينما في الواقع مصر التاريخية تنهار مع انهيار مواطنيها".

المساهمون