غير أن جزءاً من هذه التساؤلات بدأ يتكشف، وعلمت "العربي الجديد"، في هذا الصدد، من دوائر مقرّبة من مؤسسة الرئاسة المصرية، أن "السيسي ورث جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، ويريد إحياء تجربة جمعية جيل المستقبل، لتكون نواة في مشروعه لتأهيل الشباب".
وتأسست جمعية "جيل المستقبل" في فترة مبارك الأب، على يد جمال، بدعم ورعاية من بعض رجال الأعمال، بغرض "تأهيل الشباب لسوق العمل"، غير أنه صدر قرار بحلّها بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وإزالة منشآتها من جامعة القاهرة. جمعية يمكن العثور على أمثالها في مختلف الأنظمة الفاشية ولدى السلطات التي تحكمها طغم تسعى من خلال هذه الجمعيات، إلى "صناعة أجيال" وقولبة وعيها لتكون بمثابة حجر الزاوية في شعبيتها والترويج لحكمها.
وكان جمال يعتمد على هذه الجمعية لمحاولة التسلّل بين صفوف الشباب، وإقناعهم بأنه البديل المناسب خلفاً لوالده، من خلال التفاعل مع مشاكلهم وأوضاعهم، وبالتالي محاولة تقديم المساعدة من خلال تأهيلهم لسوق العمل. وتقول المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب الحضور في لقاءات السيسي العامة، والتي تحتاج إلى جمهور، يتم تدبير جمهورها بالتنسيق بين الرئاسة ومسؤولين سابقين في جمعية جيل المستقبل، ويتمّ اختيار شبان وشابات من مختلف الأعمار لحضور تلك اللقاءات، على اعتبار أنهم من مؤيدي السيسي".
اقرأ أيضاً: السيسي يصدر قانوناً يسمح بحلّ البرلمان بعد انعقاده
وتشير المصادر إلى أن "هذا الأمر تكرر خلال لقاءات السيسي الأخيرة، تحديداً في مأدبة إفطار الأسرة المصرية، وخلال إلقاء الرئيس المصري كلمته في ليلة القدر، ويكون الحضور في تلك الاحتفالات أشخاصا سابقين في جيل المستقبل". وتؤكد أنه "خلال تلك اللقاءات كرر الحاضرون نفس طريقة الاحتفاء بمبارك سابقاً مع السيسي، تحديداً بالهتافات الحادّة والوقوف على المقاعد والزغاريد". وتساءلت: "جمعية جيل المستقبل هي أحد أجنحة رجال الأعمال في فترة سابقة، فهل السيسي على توافق أو تناحر مع تلك الطبقة؟ مع العلم أن العلاقات بين الفريقين تشهد شدّاً وجذباً من حين إلى آخر".
وتُرجّح المصادر أن "تكون بعض الأطراف في مؤسسة الرئاسة، هي من اقترحت الدفع ببعض الشباب الذين كانوا على صلة بجيل المستقبل وبعض المعارف من الحزب الوطني المنحل، لإظهار وجود تأييد قوي للسيسي خلال الفترة الحالية. وذلك على الرغم من حالة الغضب والاستياء التي بدأت تنتشر بين مؤيديه، رفضاً لسياساته الاقتصادية ولعدم إحداث نقلة نوعية في البلاد، كما وعد منذ الانقلاب قبل أكثر من عامين، والانقضاض على أول تجربة لاختيار رئيس لمصر، بطريقة ديمقراطية". وحول تقاضي مبالغ مالية نظير حضور لقاءات السيسي، لم تؤكد المصادر صحة هذا، كما لم تستبعده، "ويمكن أن يكون في صورة بدل تنقلات أو ما شابه ذلك"، وفقاً لها.
مصادر شبابية كانت على علاقة بجمعية "جيل المستقبل"، تؤكد أن "الجمعية لم يتوقف نشاطها بعد حلّها، وتم إعادة توظيف عناصرها في مهام أخرى، وهو ما سيظهر خلال الفترة المقبلة، في الحملة الدعائية لمرشحي الفلول من بقايا نظام مبارك". وتوضح المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن "الجمعية تملك قواعد بيانات كبيرة لبعض الشباب، الذين كانوا تابعين للحزب الوطني المنحلّ، ويمكن الاستعانة بهم في أي وقت".
وتشدد على أن "كل من يحضرون لقاءات السيسي ليسوا مجرد شباب كانوا تابعين لجمعية جيل المستقبل، بل كانوا أعضاء في الحزب الوطني حتى، لأن الجمعية كانت تخدم قطاعاً من الشباب لا ميول سياسية له، بقدر ما يبحث عن فرصة تدريب طمعاً في وظيفة أفضل". وتلفت إلى أن "شباب الجمعية سابقاً، كانوا أعضاء في الحزب الوطني، وكانوا يريدون المرور من خلال الجمعية والحزب لفرصة عمل". ويعزز رغبة السيسي في السير على خطة جمال مبارك، إطلاقه لمشروع تأهيل الشباب، الذي أعلن عنه قبل أشهر عدة، ولكن من دون تنفيذ أي خطوة على أرض الواقع.
الغريب في المشروع المشار إليه، تأكيد السيسي أنه "سيكون تابعاً لمؤسسة الرئاسة مباشرة، وليس لأي جهة أخرى"، في إشارة إلى صناعة جيل جديد من الشباب مؤيد له، على طريقة جمال مبارك. غير أن السيسي لم يوضح آليات وعمل المشروع بعد.
من جهته، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إن "نظام السيسي يريد وراثة مبارك ونظامه في كل شيء، لأنه ليس لديه تجربة في الحكم خاصة به". ويضيف عز، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي يريد استنساخ تجربة مبارك ونجله، من حيث محاولة استقطاب الشباب، وهي فكرة فاشلة، لأنه في النهاية يريد نوعية خاصة بالشباب، ليست هي من تقود الأوضاع". ويشير إلى أن "الشباب الحقيقي هو من نزل في 25 يناير 2011 لتغيير نظام مبارك، فهو القادر على إحداث نقلة وتغيير، أما الشباب الذي يريد السيسي تدريبه، ظناً منه أن في وسعه استقطاب قطاعات عريضة، فلن يساعده في شيء".
اقرأ أيضاً مصر: تقييد الحريات لتعويض الفشل الأمني