وعلى مدار يومين، حضر السيسي عدة جلسات عامة وأخرى مع الشباب، فقط للرد على تساؤلاتهم، إلا إنه اعتمد على تصدير الأزمات والتحديات التي تواجهه وحكومته.
وطالب عدد من الشباب بتدخل الحكومة لوقف ارتفاع الأسعار، وآخرون طالبوا بتوفير وحدات سكنية لأهالي الصعيد، فاكتفى فقط بالضحك!
وبدا السيسي منفعلاً، خلال جلسة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الصعيد، وتحديداً مع السماح بمداخلات عدد من الشباب، خاصة في ما يتعلق بالأزمات التي تواجه مصر.
وألقى باللوم على الشعب في انتهاج بعض السلوكيات الخاطئة، بحد قوله: "يعني الناس مش عايزة تدفع ألف جنيه علشان يوصلوا خط على الصرف الصحي، وعايزين الدولة تعمل كل حاجة، وترجع تشتكي من الأزمة".
وردد السيسي عبارة أن مصر دولة فقيرة أكثر مرة، رداً على مطالبات بتحسين الأوضاع، قبل أن يطالب الجميع بالعمل معه، حتى تصل مصر إلى مصاف الدول الكبرى.
وعقد الرئيس المصري، أول مؤتمر وطني للشباب في شرم الشيخ، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووعد بعقد لقاءات شهرية مع الشباب.
وتوالت عدة لقاءات بين مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل، مع عدد من شباب الأحزاب، لتفعيل توصيات مؤتمر شرم الشيخ، ولكن فرض على هذه الوفود، أجندة عمل محددة من قبل مؤسسة الرئاسة.
ورأى مراقبون، أن السيسي يحاول تصدير الواقع الصعب الذي تعيشه مصر، للتهرب من المشكلات التي واجهه بها الحاضرون للمؤتمر.
واعتبروا أن السيسي يحمّل الفشل الذي يسير فيه على شماعة "الإرهاب" وما يطلق عليهم "أهل الشر"، أو أنظمة الحكم التي سبقته، وكأن سياساته الاقتصادية ناجحة، رغم أن الأرقام الحكومية نفسها، تؤكد أن هناك فشلاً كبيراً.
وقال الخبير السياسي، محمد عز، إن السيسي يحاول التهرب من الفشل الذي يواجه نظامه والحكومة الحالية، منذ وصوله للحكم، خاصة مع سياساته التي أغرقت مصر في الديون الخارجية والداخلية.
وأضاف، لـ "العربي الجديد"، أن السيسي يتهرب دائماً من الفشل ويعلقه على أية "شماعة"، مثل الإرهاب في سيناء، أو أهل الشر، أو جماعة الإخوان المسلمين –وإن كان لا يذكر اسم الجماعة صراحة -.
وتابع إن مؤتمر الشباب في أسوان سيكون مثل سلفه في شرم الشيخ، لم يتمخض عنه أي خطوات فعلية في حل أزمة الدولة مع الشباب، بخلاف قائمة العفو الرئاسي، وحتى هذه الخطوة جاءت بالتحايل، حيث إن أغلب من خرجوا من السجن لم يكن يتبقى على مدتهم سوى بضعة أشهر.
ولفت إلى أن النظام الحالي إما لا يفهم أساس الأزمة مع الشباب، أو يتغافل عنها، مشدداً على أن الشباب يريد الشعور أولاً بالانتماء الحقيقي لمصر، من خلال اهتمام فعلي به.
وأشار إلى أن الشباب أحجم عن المشاركة السياسية والإدلاء بالأصوات، وكل توصيات النظام لكى يعود الشباب للمشاركة، لن تجدي نفعاً، للشعور بأن أصواتهم ليست مؤثرة ولا أمل في الإصلاح بعد الانقضاض على ثورة يناير.
من جهته، تساءل خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، حول جدوى مؤتمر الشباب في أسوان، طالما أن السيسي يصدّر دائماً أن الأوضاع صعبة، رداً على المشكلات التي تواجهها مصر.
وقال الخبير السياسي لـ "العربي الجديد"، إن مسألة الاستماع للشباب أمر مهم جداً، ولكن لا بد من رؤية محددة واضحة للدولة لتنفيذها، ولكن بعضهم يتخوف من وجود أفكار عامة فقط، دون آليات للتنفيذ.
وطالب بضرورة كشف آليات اختيار الشباب الحاضر لمؤتمرات الشباب، مؤكداً أن أغلبهم يتم بترشحيات من أحزاب مقربة من الشباب، أو العاملين في وزارة الشباب، وشباب البرنامج الرئاسي.
وأكد، أن التوسع في تحميل المواطنين مسؤولة فشل الدولة، هو أمر غير مفهوم، خاصة وأن هناك أزمات كبيرة لا دخل للشعب بها، ولكن للحكومات المتعاقبة.
ولفت إلى أن السيسي أطلق مزيداً من الوعود دون وجود أموال في البلاد، وتحديداً مع عدم توفر سيولة بالنقد الأجنبي، ويبني مشروعات وآمال على عودة السياحة، ولكن هذا صعب في ظل ترويجه هو بنفسه، لوجود "إرهاب".