السيستاني يحمّل الأمن العراقي مسؤولية قتل المتظاهرين وحرق خيام الاعتصام

08 نوفمبر 2019
يستمرّ قطع الإنترنت عن مدن البلاد كافة(حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

حمّل المرجع الديني الأعلى في مدينة النجف، علي السيستاني، اليوم الجمعة، قوات الأمن العراقية، مسؤولية قتل المتظاهرين، مطالباً في الوقت نفسه، القوى السياسية، بوضع خريطة طريق "تضع حداً لحقبة طويلة من الفساد، والمحاصصة، وغياب العدالة الاجتماعية"، وهو ما اعتُبر تأييداً جديداً للمتظاهرين، وفي الوقت نفسه تحميل القوى السياسية العراقية المختلفة مسؤولية الأزمة الحالية وحثهم على تجاوزها.

يأتي ذلك مع تواصل التظاهرات العراقية في بغداد وأكثر من 10 مدن وبلدات جنوب ووسط البلاد، أبرزها كربلاء والبصرة والنجف وذي قار.

وقال السيستاني، في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي: "تتواصل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح في أكثر من مكان، وقد تجلّى فيها العديد ‏من الصور المشرقة التي تعبّر عن محامد خصال العراقيين، وما يتحلّون به من الشجاعة ‏والإيثار، والصبر والثبات، والتضامن والتراحم فيما بينهم، ونتذكر اليوم الكوكبة الأولى ‏من الأحبة الذين ضُرّجوا بدمائهم الزكية في بدء هذه الحركة الاصلاحية قبل أربعين يوماً، ‏ونترحم على أرواحهم الطاهرة، ونجدّد المطالبة بمحاسبة قتلتهم".

وأضاف: "نود أن نشير إلى عدة نقاط، من بينها أن أمام القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة، فرصة فريدة للاستجابة ‏لمطالب المواطنين، وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفّذ في مدة زمنية محددة، فتضع حدّاً ‏لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز المزيد من ‏المماطلة والتسويف في هذا المجال، لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد".

وفيما اعتبر "التظاهر السلمي حقاً لكلّ عراقي"، وجه تحذيراً اعتُبر تلميحاً إلى "حزب البعث" العراقي، بالقول إن هناك أطرافاً وجهات داخلية وخارجية كان لها، في العقود الماضية، دور ‏بارز في ما أصاب العراق من أذى بالغ، وتعرض له العراقيون من قمع وتنكيل، وهي قد ‏تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض أهدافها، فينبغي للمشاركين ‏في الاحتجاجات وغيرهم أن يكونوا على حذر كبير من استغلال هذه الأطراف والجهات ‏لأيّ ثغرة يمكن من خلالها اختراق جمعهم وتغيير مسار الحركة الإصلاحية".


ومع استمرار قطع السلطات العراقية الإنترنت عن مدن البلاد كافة، عدا محافظات إقليم كردستان العراق، تتواصل مستشفيات المدينة تسجيل وصول وفيات وجرحى ومصابين بفعل الرصاص الحي وقنابل الغاز.

وقالت مصادر طبية في البصرة وذي قار إن 10 قتلى ونحو 200 مصاب أدخلوا المستشفيات في الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما تحدث ناشطون عن حملة اعتقالات واسعة في الناصرية والرفاعي بمحافظة ذي قار، وأخرى في واسط بمدن الكوت والصويرة.

في هذه الأثناء، أكدت مصادر محلية، في كربلاء والبصرة، إحراق قوات الأمن عددا من خيام الاعتصام في المدينتين، لمنع المتظاهرين من توسعة رقعة تواجدهم والتضييق عليهم داخل ساحة التربية وسط المدينة، وهو الأمر نفسه في البصرة.

وقال ناشطون في المدينة إن قوات الردّ السريع تتولى عملية تفريق التظاهرات والتضييق على أي عمليات لنصب خيام جديدة فيها.

وقال ناشط طلب عدم ذكر اسمه، "إن هناك ترهيباً للصحافيين في النشر أو التحدث عن حقيقة الأوضاع بالجنوب"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عدد المعتقلين في الجنوب خلال اليومين الماضيين يصل إلى المئات، وكلهم من الناشطين والمتظاهرين والمدونين، واصفاً ما يجري بعملية ترهيب حكومية لإخماد التظاهرات بالقوة.

وكشف أن "كل الروايات التي رافقت أحداث العنف يوم أمس تتحدث عن وجود مسلحين بملابس مدنية ولحى وآخرين بأحذية رياضية ويشامغ، يرافقون قوات مكافحة الشغب والاستخبارات في عمليات ملاحقة المتظاهرين وفض الاعتصامات"، لافتاً إلى أن معتصمي كربلاء عادوا مجدداً إلى الساحة ظهر الجمعة، ونصبوا خياماً جديدة بدل التي أحرقت.

وقال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي لـ"العربي الجديد"، إن ما يُفهم من خطبة المرجع السيستاني أن المرجعية أرادت إعطاء فرصة أخرى لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي تحدّد بقاءه في السلطة، مقابل تحقيق مطالب المتظاهرين والابتعاد عن العنف ووفق مدد زمنية محددة".

وبيّن أنه لا توجد حلول مقنعة، فالقوى السياسية غير متفقة بشأن موضوع مصير الحكومة والبرلمان، ولا الرئاسات الثلاث متفقة أيضاً، وهذا الأمر يصّعب إعطاء ضمانات للشارع لتنفيذ الإصلاحات"، معتبراً أن الضمان الذي يقبل به الشارع، وفقا لتوقيتات زمنية، هو المرجعية الدينية في النجف والأمم المتحدة، وإذا استطاعت الحكومة إقناع هذين الطرفين بأن يكونا ضامنين لها، ستكون هناك حلحلة على مستوى الشارع المتظاهر، أما إذا لم تستطع ذلك، فالأمور تتجه إلى التصعيد"، معتبراً أن تحركات النجف تنطلق من حرصها على دماء العراقيين.