السياسة النفطية العراقية: تكتيك جديد

11 مارس 2015
العراق يعيد هيكلة قطاعه النفطي (فرانس برس)
+ الخط -
يشهد أداء السياسة النفطية العراقية تغيّراً منذ تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة الدكتور حيدر العبادي وعمل وزير النفط العراقي الجديد عادل عبد المهدي الذي عمل وما زال يعمل على إعادة هيكلة أداء الوزارة. 
الوزارة ورثت ثقل عامل الأمن ووطأة السياسة على قطاع النفط العراقي، خصوصاً بعد سيطرة داعش على محافظة نينوى في صيف 2014، وتهديد التنظيم لحقول كركوك ومصفاة بيجي، إضافة إلى تأثر حقول عجيل وحمرين وبطمة وعين زالة، وحقل القيارة ونجمة ومصفاة القيارة التي ما يزال داعش يسيطر عليها في محافظة نينوى .

العراق اليوم يحتاج إلى إعادة تقييم السياسات النفطية وبناء تكتيكات مغايرة تتواكب مع التطورات الأمنية والسياسية في العراق، وهو ما يعني أننا بحاجة حقيقية إلى نظرة عميقة وفعالة للسياسة النفطية.
عملت وزارة النفط على إعادة العمل لبناء أواصر الاتصال مع الوزراء العراقيين الذين عملوا في قيادة الوزارة ما بعد الحكومة الاتحادية الأولى. وهو أفضل مسار لمعرفة مغزى السياسات النفطية المتعاقبة، خصوصاً أن عقود جولة التراخيص النفطية ما زالت إحدى التجارب المهمة، والتي لا بد أن تستمر، مع العمل على إعداد العقود والسياسات النفطية، وذلك بهدف توسيع الحوار والمشاورة والتفاهم لمعرفة الأبعاد القانونية والفنية والتجارية لهذه العقود .
أما الحوار بين المركز (وزارة النفط الاتحادية) وإقليم كردستان العراق، فكان أحد الملفات المهمة التي عملت عليها وزارة النفط، ونجحت في توقيع اتفاق يضمن تدفّق 250 ألف برميل من حقول إقليم كردستان و250 ألف برميل من حقول كركوك؛ ليتم تصدير ما مجموعه 550 ألف برميل عبر خط أنبوب كردستان العراق – جيهان. وهو ما يمثل تحدياً أساسياً، إذ ما زال الضخ يصل إلى 65% من الاتفاق، وهو يحتاج جهوداً استثنائية من قبل الإقليم في ضخ الكميات المتبقية، خصوصاً أن منعطف أسعار النفط كان له تأثير كبير في العائدات المالية الاتحادية للدولة العراقية لعام 2015.

وبالتالي فإن الاتفاق كان فعالاً وأعطى أملاً كبيراً في حل الإشكالات الفنية والسياسية والمالية، وهذا ما سيعطي فرصة كبيرة لاختبار الإدارة الجديدة لوزارة النفط والتعامل مع هذا الملف الحذر، إضافة إلى اختبار حكومة إقليم كردستان والتزامها بالوثيقة والالتزام التجهيزي لسلة النفط العراقي من أجل التكيّف مع أسعار النفط، عبر رصد تأثيرها في الموازنة الاتحادية.
التحدي الآخر، هو قدرة الوزارة على الاستمرار في بناء اتجاهات جديدة لإعادة إحياء مشاريع تشييد المصافي الأربعة، إذ تقدم مشروع واحد فقط من أصل أربعة مشاريع، لزيادة القدرة التكريرية وتحسين عمل قطاع المصافي في العراق.
وبالتالي نحتاج الى آليات جديدة لكسب الأموال العراقية الوطنية، والعمل على إشراكها في عملية تمويل استثمارات المصافي، لكن مع عمل الوزارة بالتعاون مع لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي لإعادة تحسين بنود قانون المصافي من جهة، وزيادة الحوافز المخصصة للمستثمرين من جهة أخرى.
وبما أن الموازنة المالية تحتاج إلى زيادة العائدات المالية من الموارد غير الاعتيادية، خصوصاً قطاع الغاز الذي يمثل قطاعاً حيوياً وفعالاً جداً، على وزارة النفط إعادة النظر في السياسات العامة لإدارة الغاز المصاحب، وتقييم المشاريع المقامة، والعمل على إعادة تحسين نمط الإدارة والتعاقد، لما في هذا القطاع من فرص كبيرة للتعويض على تطوير الإنتاج من جهة وسد الطلب المحلي المتزايد على الغاز، خصوصاً قطاع توليد الطاقة الكهربائية، من جهة أخرى.
الآمال معقودة خلال المرحلة المقبلة على أن تعمل وزارة النفط على التعاون مع أصحاب الخبرات من العراقيين من جهة، ومن جهة أخرى الانفتاح على الشركات العالمية وتمكين القطاع الخاص النفطي العراقي من المساهمة في المشاريع.
إن الإدارة الذكية ستنتج أداءً فاعلاً ومؤثراً يعيد إحياء عملاق الطاقة لكي يأخذ دوره ويساهم في إنعاش الطلب المقبل في السوق العالمية على النفط.
وأخيراً، إن قطاع النفط والغاز يحتاج إلى خطة لتسويق النفط وفتح الاستثمارات في الصناعات التكريرية، من أجل تطوير عائدات النفط والغاز، والتي ستنعكس بصورة إيجابية وفعالة على المالية العامة للدولة العراقية خلال المستقبل القريب.
(خبير نفطي عراقي)

إقرأ أيضاً: 10 موازنات عربية: عجز واضح وأزمات متراكمة
المساهمون