نادراً ما كانت واشنطن وربما لم يسبق لها أن كانت قلقة ومتوترة كما هي اليوم. تضافرت أزمات وتحديات خارجية عديدة مع تقدّم نوعي في التحقيقات حول التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لتصبح محشورة بين مآزق مستعصية ومفتوحة على ما قد يكون أصعب. ثم جاء التعاطي الخاطئ مع هذه التطورات ليفاقم أخطارها التي تنذر بمضاعفات بعيدة وعميقة الأثر في الوضعين الأميركي والدولي.
في المشهد المحلي، سجّلت "التحقيقات الروسية" نقلة إضافية وضعتها على بوابة البيت الأبيض. المدير الثاني لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية بول مانافورت، مرشح لاتهامه بمخالفة القانون في علاقاته مع الروس، مع ما قد يؤدي إليه ذلك من إدلائه بمعلومات، من خلال صفقة معه، تعزز شبهة "تواطؤ" الحملة الانتخابية مع موسكو وتدخّلها في الانتخابات، أو ربما تساعد على كشف محاولات جرت "لعرقلة سير العدالة". تطور قد يكون مفصلياً في مجرى التحقيق لجهة تسليط الأضواء على جوانب هامة من اللغز الذي يبدو أنه بدأ يتوضح. يؤشر إلى ذلك أن المحقق في القضية روبرت مولر بدأ يتخذ خطوات جديدة، منها مطالبة البيت الأبيض بتقديم وثائق ويوميات رئاسية في سعيه لكشف خفايا هذا الملف الذي يزداد ثقل كابوسه على رئاسة ترامب. وقد أثار تقدّم التحقيق وغوصه في التفاصيل، التكهنات بإمكانية إقدام الرئيس على مطالبة نائب وزير العدل رود روزنستاين بإقالة المحقق مولر، أو إقالة النائب إذا امتنع عن ذلك، ليتكرر سيناريو الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون الذي قام بالخطوة نفسها في فضيحة ووترغيت. إجراء من شأنه لو تحقق، أن يفتح الباب أمام أزمة دستورية يتعيّن على الكونغرس التدخل لحسمها. وحتى إقفاله بصورة أو بأخرى، يبقى هذا الملف بمثابة العامل المتحكم إلى حد بعيد بمواقف وقرارات البيت الأبيض، حتى الخارجية منها.
أما في المشهد الخارجي، فقد انتهى أسبوع الدبلوماسية في نيويورك بتحقيق عكس المتوقع منه. بدل تبريد الأجواء، صبّ ترامب المزيد من الزيت على نار الأزمات الملتهبة وبما أثار المزيد من القلق لدى سائر الأوساط الأميركية المعنية بالشؤون الخارجية، باستثناء المتحدث منها بلسان إسرائيل، في ما يخص الاتفاق النووي مع إيران. لكن خطاب الإدارة حول الأزمة مع كوريا الشمالية، كان مثار القلق الأكبر. فقبل وبعد تهديد ترامب "بتدمير كوريا بأكملها"، توالت تصريحات كبار المسؤولين في هذا الملف، خصوصاً السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، التي تحدثت صراحة عن الخيار العسكري لو فشلت الدبلوماسية "التي استنفدت وسائلها في مجلس الأمن وبما يضع الأمر حينذاك بيد وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس"، كما قالت. فشل الدبلوماسية جادل في صحته وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي قال إن العقوبات لم تصل بعد إلى النقطة الضاغطة التي وصلتها تلك التي فُرضت على إيران وأعطت ثمارها، وبالتالي من الخطأ والخطر استعجال الخيار العسكري، وبهذه اللهجة التي تواصلت التحذيرات من عواقبها، خصوصاً أن المسار المتّبع "يجعل من المواجهة مسألة يكاد يصبح من الصعب اجتنابها"، حسب الخبير السياسي غوردن شانغ، الذي دق مع كثيرين غيره ناقوس الخطر، لا سيما بعد أن لوّح ترامب ضمناً بالخيار النووي. وزاد من التخوف ما تلا ذلك من تراشق وردود بعبارات نابية تزيد من خطر الانزلاق.
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أن السفيرة هايلي باتت أقرب إلى المتحدثة باسم الرئيس الأميركي، مع تزايد الهمس في واشنطن حول تهيئتها لتولي منصب وزارة الخارجية محل الوزير الحالي ريكس تيلرسون "عندما يقرر المغادرة". لكن هايلي حاولت، الخميس، إسكات الكلام عن أنها تريد أن تحل محل تيلرسون. ورداً على سؤال عما إذا كانت تريد أن تصبح وزيرة للخارجية، أجابت هايلي خلال مؤتمر صحافي في نيويورك "لا، لا أريد ذلك". وفي مؤشر على وجود منافسة بين هايلي وتيلرسون، شاركت هايلي، الأربعاء، في اجتماع للدول الموقّعة على الاتفاق النووي مع إيران، على الرغم من أن هذا الاجتماع عُقد على مستوى وزراء الخارجية. وليس سراً في واشنطن أن الفجوة بين وزير الخارجية ورئيسه إلى تزايد. آخر ما تسرب منها أن البيت الأبيض مستاء من الوزير لمماطلته في إحالة قسم من صفقة الأسلحة التي عُقدت مع السعودية، إلى الكونغرس. وربطت المعلومات بين تأجيله لهذه الإحالة وبين خلافه مع ترامب بخصوص الأزمة الخليجية، إذ حاول تيلرسون من البداية العمل على فك الحصار عن قطر، لكن ترامب حال دون ذلك.
أكثر ما يشغل المعنيين بالشأن الخارجي الأميركي، أن التعاطي مع قضايا جدية "يتم بخفة وبعبارات قاسية تعكس حيرة في التعامل معها"، كما قال المؤرخ والخبير السياسي ماكس بووت. فصياغة القرار في إدارة ترامب مرتبكة، وتحكمها توجّهات ملتبسة أو متنافرة. بذلك تتحوّل إلى رد فعل ينوب عن "استراتيجية مفقودة لا يحل مكانها الكلام المتشدد وفرض العقوبات"، حسب الأستاذ في جامعة جورجتاون في واشنطن، جو سيرينسيوني، الذي رأى أن الحل مع كوريا الشمالية لا بد أن ينطلق من الحوار معها. وهذا خيار قطع ترامب طريق سلوكه، كما يعمل لقطعه مع إيران. مقاربته المغلوطة للعلاقات الدولية لا تترك الفسحة الكافية للدبلوماسية التي يحاول تيلرسون ممارستها بصورة جانبية وبدعم من بعض أقطاب الكونغرس والوزير ماتيس، والتي حققت خطوات على صعيد تقليل الخسائر فقط.
أما في المشهد الخارجي، فقد انتهى أسبوع الدبلوماسية في نيويورك بتحقيق عكس المتوقع منه. بدل تبريد الأجواء، صبّ ترامب المزيد من الزيت على نار الأزمات الملتهبة وبما أثار المزيد من القلق لدى سائر الأوساط الأميركية المعنية بالشؤون الخارجية، باستثناء المتحدث منها بلسان إسرائيل، في ما يخص الاتفاق النووي مع إيران. لكن خطاب الإدارة حول الأزمة مع كوريا الشمالية، كان مثار القلق الأكبر. فقبل وبعد تهديد ترامب "بتدمير كوريا بأكملها"، توالت تصريحات كبار المسؤولين في هذا الملف، خصوصاً السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، التي تحدثت صراحة عن الخيار العسكري لو فشلت الدبلوماسية "التي استنفدت وسائلها في مجلس الأمن وبما يضع الأمر حينذاك بيد وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس"، كما قالت. فشل الدبلوماسية جادل في صحته وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي قال إن العقوبات لم تصل بعد إلى النقطة الضاغطة التي وصلتها تلك التي فُرضت على إيران وأعطت ثمارها، وبالتالي من الخطأ والخطر استعجال الخيار العسكري، وبهذه اللهجة التي تواصلت التحذيرات من عواقبها، خصوصاً أن المسار المتّبع "يجعل من المواجهة مسألة يكاد يصبح من الصعب اجتنابها"، حسب الخبير السياسي غوردن شانغ، الذي دق مع كثيرين غيره ناقوس الخطر، لا سيما بعد أن لوّح ترامب ضمناً بالخيار النووي. وزاد من التخوف ما تلا ذلك من تراشق وردود بعبارات نابية تزيد من خطر الانزلاق.
تجدر الإشارة إلى أن السفيرة هايلي باتت أقرب إلى المتحدثة باسم الرئيس الأميركي، مع تزايد الهمس في واشنطن حول تهيئتها لتولي منصب وزارة الخارجية محل الوزير الحالي ريكس تيلرسون "عندما يقرر المغادرة". لكن هايلي حاولت، الخميس، إسكات الكلام عن أنها تريد أن تحل محل تيلرسون. ورداً على سؤال عما إذا كانت تريد أن تصبح وزيرة للخارجية، أجابت هايلي خلال مؤتمر صحافي في نيويورك "لا، لا أريد ذلك". وفي مؤشر على وجود منافسة بين هايلي وتيلرسون، شاركت هايلي، الأربعاء، في اجتماع للدول الموقّعة على الاتفاق النووي مع إيران، على الرغم من أن هذا الاجتماع عُقد على مستوى وزراء الخارجية. وليس سراً في واشنطن أن الفجوة بين وزير الخارجية ورئيسه إلى تزايد. آخر ما تسرب منها أن البيت الأبيض مستاء من الوزير لمماطلته في إحالة قسم من صفقة الأسلحة التي عُقدت مع السعودية، إلى الكونغرس. وربطت المعلومات بين تأجيله لهذه الإحالة وبين خلافه مع ترامب بخصوص الأزمة الخليجية، إذ حاول تيلرسون من البداية العمل على فك الحصار عن قطر، لكن ترامب حال دون ذلك.