شهدت الصين عقداً من التوسع السريع في سوق الأفلام، لكن منتجي الأفلام المحليين يواجهون نقصاً في التمويل حالياً. وبالتالي، تصدرت الأفلام الأجنبية شباك التذاكر في الصين، خلال الأسبوع الماضي، وعلى رأسها "أفنجرز: إندغايم".
إذ ضربت الحملة الحكومية على التهرب الضريبي والضغط على نظام الظل المصرفي وتراجع الإنفاق الاستهلاكي المشاريعَ الجديدة.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بأن شركة الإنتاج السينمائي الأضخم في الصين، "هوايي بروذرز" Huayi Brothers، شهدت في 2018 عامها الأول غير المربح منذ عقد، وبلغت قيمة خسائرها 1.09 مليار يوان (162 مليون دولار أميركي). الانخفاض في الأرباح طاول شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي المدرجة كلها في البلاد، وعددها 14، باستثناء ثلاث منها، العام الماضي.
في المقابل، قدّر مؤسس مجموعة الاستثمار "سي إيه سي كابيتال" CEC Capital، ران وانغ، أن 180 مليار يوان تدفقت إلى 400 شركة عاملة في القطاع السينمائي والتلفزيوني، بين عامي 2014 و2018، وفق ما نقلت "فايننشال تايمز".
وشهد العام الماضي أيضاً اختفاء الممثلة الصينية الأشهر والأعلى أجراً، فان بينغ بينغ. اختفت بينغ بينغ عن الأنظار منذ 1 يونيو/ حزيران الماضي، وسط مزاعم حول التهرب الضريبي من جهة، وإلقاء اللوم على شهرتها ونفوذها في قلب الحزب الشيوعي الصيني الحاكم ضدها من جهة أخرى.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عادت إلى الظهور، بعد موافقتها على دفع نحو 129 مليون دولار أميركي من الضرائب غير المدفوعة والغرامات وتقديم اعتذار علني شديد للحكومة.
واختفاء فان بينغ بينغ أثار علامات استفهام عدة، وسلط الضوء على تداخل السياسة وصناعة الترفيه في الصين. إذ جاء بعد عامين من تشديد الحزب الشيوعي الصيني قبضته على وسائل الإعلام والترفيه.
يذكر أن مجلة "تايم" لقبت بينغ بينغ، عام 2015، بـ "الممثلة الأكثر شهرة". كما وصلت شهرتها إلى هوليوود حيث شاركت في أفلام عدة بينها "إكس مِن" و"أيرون مان".
وفي السياق نفسه، أفادت وسائل إعلام حكومية صينية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، بأن القطاع السينمائي في البلاد دفع ضرائب تتجاوز قيمتها الـ 1.7 مليار دولار أميركي. وأشار موقع "هوليوود ريبورتر" إلى أن قيمة الضرائب المدفوعة تمثل خمس إجمالي إيرادات شباك التذاكر في الصين، عام 2018. وسدّدت الدفعات شركات عاملة في القطاع السينمائي، إضافة إلى مشاهير في المجال.
واعتبرت إدارة الضرائب في البلاد أن "الإشراف والتصحيح يجديان نفعاً"، وفق ما نقلت وكالة "شينخوا" الصينية.
ونتيجة التباطؤ الاقتصادي في البلاد، اتجه صنّاع الأفلام إلى رأس المال من قطاع الظل المصرفي. والقطاع المذكور يضم مجموعة من الوسطاء الماليين غير المصرفيين الذين يقدمون خدمات مماثلة للمصارف التجارية التقليدية. ويشمل كيانات مثل المحافظ الوقائية، ومحافظ أسواق المال، وأدوات الاستثمار المهيكلة ومحافظ الاستثمار الائتمانية، وتبادل الأموال المتداولة، ومحافظ الائتمان الوقائية، ومحافظ الأسهم الخاصة، ومقدمي التأمين على الائتمان، والتوريق وشركات التمويل.
لكن عشرات صناديق الأسهم الخاصة أغلقت على خلال العام الماضي مع تباطؤ عمليات الظل المصرفية، مما ألقى بظلاله على القطاع السينمائي الذي فقد رؤوس الأموال الجائلة. وقد تراجعت إيرادات شباك التذاكر في الصين بنسبة 9 في المائة على أساس سنوي، في الربع الأول من العام الحالي.
وعلى المدى القصير، فإن انخفاض الإنتاج المحلي سيفيد المخرجين الأجانب. إذ عرض نحو مائة فيلم أجنبي في الصين، العام الماضي، بزيادة حوالي الثلث عن العام الذي سبقه، وفقاً لـ "فايننشال تايمز".
تجدر الإشارة إلى أن الصين تسمح رسمياً بعرض 38 فيلماً أجنبياً في البلاد سنوياً، لكن، عملياً، لا تخضع الأفلام التي تُشترى حقوقها لرسوم مشددة. وقد توقع مصرف الصين مينشنغ China Minsheng Bank أن ترتفع واردات الأفلام بنسبة 30 في المائة هذا العام.