السياحة تجمع المغاربة والجزائريين في تركيا

12 ديسمبر 2018
تزايد جاذبية تركيا في ظل العروض المغرية والتسوق (Getty)
+ الخط -

أمام إحدى شاشات الصرافة في حي سركجي بالمدينة القديمة في إسطنبول، وقف السائح المغربي أحمد الزعري، يتابع حركة سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار والعملة الأوروبية اليورو، ليحسب ما الذي يمكن أن يقتنيه من أغراض شخصية وهدايا عندما يعود لبلاده.

فرغم الصعود الملحوظ الذي سجلته العملة التركية في الأيام الأخيرة، إلا أنها لا تزال أقل من مستويات مطلع العام الجاري الذي شهد بداية التراجع، ما مثل عامل إغراء كبير للسياح الأجانب والعرب وكذلك القادمين بغرض التجارة.

وسجل سعر صرف الدولار نحو 3.8 ليرات بحلول يناير/ كانون الثاني الماضي، قبل أن يقفز بقوة خلال الأزمة السياسية والتجارية بين أنقرة وواشنطن في أغسطس/ آب الماضي إلى أكثر من 7 ليرات، لكن مع التدابير المتعددة التي اتخذتها الحكومة التركية لتعزيز الاستثمار وحماية سوق الصرف من المضاربات والتقلبات الحادة، عاد الهدوء إلى السوق وبدأت الليرة في الصعود تدريجيا مجددا، وشهدت تحسنا كبيرا في الأيام الأخيرة، ليصل سعر صرف الدولار إلى نحو 5.2 ليرات في تعاملات الثلاثاء الماضي.

ليست القدرة الشرائية المرتفعة التي تمنحها الليرة السبب الوحيد الذي دفع المغربي الزعري إلي التوجه نحو إسطنبول، مؤكدا أن زيارته هذه تعد الثانية له بصحبة زوجته خلال عام واحد للبلد الذي أضحى أكثر جاذبية لتنوع الخدمات السياحية، بينما كان قبل عقد من الزمن بعيداً عن اهتماماته.

يقول الزعري، المتقاعد من إدارة حكومية في المغرب، في لقاء مع "العربي الجديد"، إن تركيا أضحت منافسا قويا لأوروبا بالنسبة للسياح المغاربة، مشيرا إلى أن الصورة التي تنقل عن تركيا عبر المسلسلات، وكذلك الحضور الذي أضحت تتمتع به، كلاعب ذي وزن في شؤون الشرق الأوسط، هو الذي ساهم في رسم هذه الصورة.

تأتي تركيا في مقدمة العروض التي يطلبها عملاء وكالات الأسفار بالمغرب، التي أضحت تتنافس في تقديم عروض لمدة أسبوع لأنطاليا أو إسطنبول، خاصة في الفترة بين مايو/ أيار وأكتوبر/ تشرين الأول.

في الأيام الأخيرة، تروج وكالة أسفار شهيرة بالمغرب لرحلات سياحية لمدة ثمانية أيام إلي إسطنبول مقابل 650 دولاراً، متضمنة تذكرة الطائرة والإقامة في فندق من فئة أربع نجوم.

وبينما لا تتوفر بيانات رسمية حول عدد المغاربة الذين يقصدون تركيا بهدف السياحة، إلا أن هذه الإحصاءات تشير إلى ارتفاع إنفاق المغاربة على السياحة في الخارج، الذي وصل خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري إلى نحو 1.7 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 8.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، 2017، حسب مكتب الصرف الحكومي.

ويقول مسؤول كبير في إحدى وكالات الأسفار بالدار البيضاء، إن المنافسة تشتد عبر الأسعار بين وكالات الأسفار بين مايو/ أيار وأكتوبر/ تشرين الأول، من أجل جذب الراغبين في السفر إلى تركيا، التي أضحت تساهم بشكل كبير في تعزيز إيرادات الوكالات.

وتشير آمال الناجي، التي تزور إسطنبول برفقة أسرتها المغربية، إلى أن تركيا أضحت أول وجهة سياحية للمغاربة، لافتة إلى أن الإعفاء من تأشيرة الدخول، يشجع الكثير من الأسر على زيارة تركيا التي لا تختلف جودة الحياة فيها عن أوروبا، التي تضع بلدانها في بعض الأحيان شروطا للحصول على التأشيرة التي لا تستطيع العديد من الأسر الحصول عليها.


ليس المغاربة وحدهم من يقصدون تركيا من أجل السياحة، وإنما أضحى الجزائريون أكثر إقبالا على زيارة إسطنبول والمدن السياحية الشاطئية الأخرى.

فرغم فرض تركيا تأشيرة على مواطني الجزائر، إلا أن ذلك لم يحد من إقبال الجزائريين على قضاء الإجازات في تركيا، وفق المواطن الجزائري عبد الله، الذي التقته "العربي الجديد"، عند مدخل "طوب قابي"، أكبر قصور إسطنبول.

يقول عبدالله، المغترب في بلجيكا، إن الكثير من المغتربين الجزائريين أضحوا أكثر إقبالا على زيارة تركيا، مشيرا إلى أنه عاد برفقة صديق له إلى إسطنبول، بعدما قضى مع أسرته المكونة من ستة أفراد سبعة أيام بأنطاليا في الصيف، حيث حلوا بها من بروكسل في رحلة منظمة مقابل 3 آلاف دولار، متضمنة تذكرة الطائرة والإقامة.

وبحسب أرسلان دوغان، الموظف في شركة إيجيم ترافل، الذي يرافق فوجا سياحيا جزائريا إلى جزيرة الأميرات، فإن هناك إقبالا كبيرا للمغاربيين على تركيا في الأعوام الأخيرة، مشيرا إلى أن تراجع قيمة الليرة ساهم في ارتفاع إقبالهم عليها.

ليست المزارات السياحية وحدها ما يزيد انجذاب المغاربيين إلى تركيا، وإنما التسوق، لا سيما بعد تراجع سعر الليرة، الذي بات مغريا لشراء الكثير من السلع، ومنها الملابس التركية.

يقول محمود السوري، الذي يعمل مرشداً في شركة سياحية ذات حضور كبير بالشرق الأوسط، إن الكثير من زوار إسطنبول يحلون بها من أجل التسوق، بل إن نساء ورجالا من المغرب والجزائر أضحوا يترددون كثيراً على تركيا بعد أن يكونوا قد توصلوا إلى طلبيات من أقاربهم وأصدقائهم.


"لاباس.. سافا.. مزيان".. كلمات ترحيبية يرددها مساعدو التجار على مسامع رواد سوق "غراند بزار"، الذين تشي وجوههم بأنهم يتحدرون من المغرب العربي، فقد ألف التجار الأتراك حلولهم بهذه السوق، وكذلك الأسواق الأخرى أو المحلات الحديثة في شارع الاستقلال في منطقة تقسيم بإسطنبول.

وكان رئيس جمعية وكالات السياحة والسفر في تركيا، أنغين شاهين، قد توقع في تصريحات لوكالة الأناضول، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أن يتجاوز عدد السياح الأجانب في البلاد، بحلول نهاية 2018، حوالي 40 مليون شخص وبإيرادات 32 مليار دولار.

المساهمون