13 يونيو 2020
السوري وهذا العار الكوني
أية كلمات معبرة تختزل مأساة السوري، ومخيمات التهجير وطرق النزوح باتت عنوانا صارخا لكارثته المستمرة، كل مشاعر وقيم الإنسانية والحياة تتجمد في الشمال السوري، وتميع مع السيول في خيم متهالكة أينما حل اللاجئون..
لم يكتف الموت والدمار والدماء بحصته من السوريين، فهذا غير "عادل" ألا تأخذ الطبيعة حصتها، بردٌ وعطش، وجوع وخوف وقصف وموت، ثم حصار وقهر وظلم، للحزن في المخيمات رهبة أخرى كما للفرح المؤجل، أسئلة متزاحمة من الشكوك والترقب والإصرار، مزيج معقد من الخواطر والمشاعر الإنسانية المتضاربة حيناً والمتجمدة أحياناً كثيرة في فصول السوريين، كلها تجمعت دفعة واحدة في محنة السوريين.
مثلما تراكمت جثث السوريين مع حطامهم في بلداتهم ومدنهم وقراهم، بفعل وحشية أسدية ومستوردة تسانده، ومثلما كانت نداءات المحاصرين والجوعى والجرحى تلهث وراء تفاصيل الضمير البشري لتوقظه، تُطارَد اليوم نداءات تتجمد في طرق وعرة، لا تُهملنا قساوة الثلج ولا سيول جارفة أن نبلغ دفء جسد يضيع، فمهما كانت الحناجر صادحة لن تبلغ مستوى تراكم الثلوج، الخيم الهشة والأعمدة المنخورة، وتنك النار تستنكر تأجيل الموت المنتظر على طرقات البلاد المختفية فيها بوصلة النازحين.
خمسة وعشرون فصلاً مرت على السوريين في نزوحهم، اقتحمت جميعها حياتهم، صيفهم وخريفهم، شتاءهم وربيعهم، فصول من الحقد والعنصرية والظلم، فقط لأنهم أطلقوا صيحة حرية وكرامة، فرضت عليهم تحمّل ما يفوق طاقة البشر من قدرة على احتمال برد الشتاء وثلجه، حرارة الصيف والبراميل المتفجرة وحطامها، تحمل مصير جثث متفحمة، وأحبة خلف زنازين لا يعلم بها سوى الخالق، صمود السوريين في مخيمات النزوح تحت الثلج والسيول ليس بطولة، إنما عار إنساني، ودليل حسي على أن التخاذل والتخلي عن السوريين كانا منذ اليوم الأول قرارا يساند قاتلهم ومهجرهم ومحطم مستقبلهم.
ملايين المهجرين والنازحين، يَنظر إليهم النظام السوري مع سلطات الدول التي تستضيفهم نظرة مشتركة لبيئة معادية، تخاطب غريزة النظام في عقابهم، وممارسة أقسى أنواع الاضطهاد ضدهم، لقد حكم هذا المنطق نفسه تفكير العديد من النخب "السياسية والشعرية والروائية والإعلامية" في وصف حالة السوريين الثائرين على نظام الأسد، وفي وصف ملايين المهجرين والنازحين، وهكذا حاكم كثيرون منطقهم تحت غطاء النظام وتأمين الدفء والحماية له، هو أيضاً منطق سلطات تستقبل اللاجئين السوريين، وتتسول عليهم مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، بينما تمارس الإذلال بحقهم خدمة لأجندة النظام وخططه لإعادة إخضاعهم.
تدفعنا مأساة السوريين المركبة، وقساوة الطبيعة وظلم ذوي القربى، لأن نتساءل ماذا كان بوسع المتباكين على القضية السورية أن يفعلوا غير الذي فعلوه من خدمات مساندة للأسد؟ وما هو الشكل الذي كانت ستدور به مساعدة السوريين؟ فكل أشكال الدعم، بما فيها الخيمة المثقوبة والغارقة في وحل وثلج، تبقى مرعبة للنظام ونقطة اجتذاب لأصل كرامة وحرية السوريين، وهي الأصل في ربيعهم المطالب بحرية من دون الأسد.
لن يتحقق دفء وكرامة وإنسانية للسوريين، باستمرار التغاضي عن جرائم الأسد وحلفائه، حتى لو كان هناك اقتلاع لمخيمات اللجوء ودفع الملايين منهم لعودة قسرية للقبول بحكم الأسد كما يتمنى بعض الواهمين، فلن يدفع هذا إلّا إلى مزيد من الأسى والتمزق والضياع وتكريس قواعد الجريمة، مأساة النازحين وتهجيرهم هما جريمة حرب عمل النظام على إحداثها مع دمار شامل لكل المجتمع السوري.
إظهار العجز الدولي نحو مآسي السوريين، وتجاهل قضيتهم والتآمر عليها بذرائع مختلفة، تارة بسبب تراكم الثلوج، وأخرى بسبب السيول، ومرات بفعل تعنت النظام وغيرها من ذرائع العجز الدولي المفضوح على نية التآمر، تعني إعطاء الأسد فرصة لإعادة ترميم ثقته بوحشية تُراكم الجرائم، مع خطوات تطبيع على دم وجثث السوريين، وفي كل ذلٍ وقهرٍ متعاظم على حطام المهجرين والنازحين، يكون هناك إصرار أكثر عظمة وقوة بأن لا خلاص لسورية من محنة الأسدية وتلاشيها، حتى يعود لفصلهم ويومهم ألقهُ الملطخ بعار كوني.
لم يكتف الموت والدمار والدماء بحصته من السوريين، فهذا غير "عادل" ألا تأخذ الطبيعة حصتها، بردٌ وعطش، وجوع وخوف وقصف وموت، ثم حصار وقهر وظلم، للحزن في المخيمات رهبة أخرى كما للفرح المؤجل، أسئلة متزاحمة من الشكوك والترقب والإصرار، مزيج معقد من الخواطر والمشاعر الإنسانية المتضاربة حيناً والمتجمدة أحياناً كثيرة في فصول السوريين، كلها تجمعت دفعة واحدة في محنة السوريين.
مثلما تراكمت جثث السوريين مع حطامهم في بلداتهم ومدنهم وقراهم، بفعل وحشية أسدية ومستوردة تسانده، ومثلما كانت نداءات المحاصرين والجوعى والجرحى تلهث وراء تفاصيل الضمير البشري لتوقظه، تُطارَد اليوم نداءات تتجمد في طرق وعرة، لا تُهملنا قساوة الثلج ولا سيول جارفة أن نبلغ دفء جسد يضيع، فمهما كانت الحناجر صادحة لن تبلغ مستوى تراكم الثلوج، الخيم الهشة والأعمدة المنخورة، وتنك النار تستنكر تأجيل الموت المنتظر على طرقات البلاد المختفية فيها بوصلة النازحين.
خمسة وعشرون فصلاً مرت على السوريين في نزوحهم، اقتحمت جميعها حياتهم، صيفهم وخريفهم، شتاءهم وربيعهم، فصول من الحقد والعنصرية والظلم، فقط لأنهم أطلقوا صيحة حرية وكرامة، فرضت عليهم تحمّل ما يفوق طاقة البشر من قدرة على احتمال برد الشتاء وثلجه، حرارة الصيف والبراميل المتفجرة وحطامها، تحمل مصير جثث متفحمة، وأحبة خلف زنازين لا يعلم بها سوى الخالق، صمود السوريين في مخيمات النزوح تحت الثلج والسيول ليس بطولة، إنما عار إنساني، ودليل حسي على أن التخاذل والتخلي عن السوريين كانا منذ اليوم الأول قرارا يساند قاتلهم ومهجرهم ومحطم مستقبلهم.
ملايين المهجرين والنازحين، يَنظر إليهم النظام السوري مع سلطات الدول التي تستضيفهم نظرة مشتركة لبيئة معادية، تخاطب غريزة النظام في عقابهم، وممارسة أقسى أنواع الاضطهاد ضدهم، لقد حكم هذا المنطق نفسه تفكير العديد من النخب "السياسية والشعرية والروائية والإعلامية" في وصف حالة السوريين الثائرين على نظام الأسد، وفي وصف ملايين المهجرين والنازحين، وهكذا حاكم كثيرون منطقهم تحت غطاء النظام وتأمين الدفء والحماية له، هو أيضاً منطق سلطات تستقبل اللاجئين السوريين، وتتسول عليهم مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، بينما تمارس الإذلال بحقهم خدمة لأجندة النظام وخططه لإعادة إخضاعهم.
تدفعنا مأساة السوريين المركبة، وقساوة الطبيعة وظلم ذوي القربى، لأن نتساءل ماذا كان بوسع المتباكين على القضية السورية أن يفعلوا غير الذي فعلوه من خدمات مساندة للأسد؟ وما هو الشكل الذي كانت ستدور به مساعدة السوريين؟ فكل أشكال الدعم، بما فيها الخيمة المثقوبة والغارقة في وحل وثلج، تبقى مرعبة للنظام ونقطة اجتذاب لأصل كرامة وحرية السوريين، وهي الأصل في ربيعهم المطالب بحرية من دون الأسد.
لن يتحقق دفء وكرامة وإنسانية للسوريين، باستمرار التغاضي عن جرائم الأسد وحلفائه، حتى لو كان هناك اقتلاع لمخيمات اللجوء ودفع الملايين منهم لعودة قسرية للقبول بحكم الأسد كما يتمنى بعض الواهمين، فلن يدفع هذا إلّا إلى مزيد من الأسى والتمزق والضياع وتكريس قواعد الجريمة، مأساة النازحين وتهجيرهم هما جريمة حرب عمل النظام على إحداثها مع دمار شامل لكل المجتمع السوري.
إظهار العجز الدولي نحو مآسي السوريين، وتجاهل قضيتهم والتآمر عليها بذرائع مختلفة، تارة بسبب تراكم الثلوج، وأخرى بسبب السيول، ومرات بفعل تعنت النظام وغيرها من ذرائع العجز الدولي المفضوح على نية التآمر، تعني إعطاء الأسد فرصة لإعادة ترميم ثقته بوحشية تُراكم الجرائم، مع خطوات تطبيع على دم وجثث السوريين، وفي كل ذلٍ وقهرٍ متعاظم على حطام المهجرين والنازحين، يكون هناك إصرار أكثر عظمة وقوة بأن لا خلاص لسورية من محنة الأسدية وتلاشيها، حتى يعود لفصلهم ويومهم ألقهُ الملطخ بعار كوني.