السوريون يقبلون على أوراق اليانصيب... هروباً من الحرب إلى الحظ

20 يوليو 2017
يبيع أوراق اليانصيب للباحثين عن الحظ (جوزيف عيد/Getty)
+ الخط -
بعد تردد طويل استسلم أبو فراس لصيحات البائع الذي يبيع أوراق اليانصيب في الجهة المقابلة للشارع، لم يكن من السهولة على هذا الرجل الخمسيني، الذي نزح من حيه في مخيم اليرموك وخسر محله وهجر منزله ليسكن مع زوجته وأطفاله الثلاثة في غرفة واحدة على سطح أحد الأبنية في العاصمة، أن يتجاهل صيحات بائع اليانصيب وهو يردد بصوت عال "اشترِ يانصيب وخلِ حظك يصيب"، "يا دواليب الحظ دوري وهدي على النمرة، خلي حظي يتحقق اليوم وبكرة".

يتوجه إليه وخلال ثوان يطلب بطاقتين. يتردد ثم يطلب ثلاثاً، يرتبها بعناية ثم يدسها في محفظته الصغيرة بين هويته وأوراقه المالية، يعود من جديد ليقف خلف بسطته التي يبيع عليها بعضاً من ملابس الأطفال والإكسسوارات في أحد شوارع دمشق القديمة، ويقول وعلى وجهه ابتسامة عريضة "جعلني أشتري منهم هذا الملعون (البائع)".

ويضيف "لن يعجب الأمر أم فراس، لكني لن أخبرها حتى يوم السحب. تفضل أن نشتري بهم طعاماً، ربما معها حق، لكن ماذا لو ربحت!".

ككثير من السوريين يعلّق أبو فراس آماله بعيش حياة كريمة وتعويض ما خسره خلال سنين الحرب، على دواليب السحب التي ستختار الرابحين في 22 من شهر أغسطس/آب القادم، والتي تنظمه المؤسسة العامة للمعارض في دمشق بالتزامن مع افتتاح معرض دمشق الدولي.

وبالرغم من تراجع الأوضاع الاقتصادية لمعظم العائلات السورية، خلال السنوات الماضية، زاد الإقبال على شراء بطاقات اليانصيب، وهو ما أكدته مديرة اليانصيب في معرض دمشق الدولي لإحدى وسائل الإعلام المحلية، قائلة إن "المؤسسة لم تتوقف عن إصدارات اليانصيب بالرغم من الأزمة في البلاد بل إن الأرباح زادت، وهو ما شجع المؤسسة على زيادة قيمة الجائزة الكبرى وعدد البطاقات في هذا السحب".


ووفقاً لتصريح مدير المؤسسة، فارس كرتلي، لوسيلة إعلام محلية بلغ عدد إصدارات اليانصيب حتى اليوم 26 إصداراً، ووصل عدد البطاقات المباعة 3.2 ملايين بطاقة، فيما وصلت قيمة المبيعات إلى 1.88 مليار ليرة سورية".

وتلوح المؤسسة بجائزة كبرى تصل إلى 30 مليون ليرة سورية، تحاكي أحلام الآلاف من ساحبي بطاقات اليانصيب، ومنهم حسناء الحاج محمد وهي مدرسة سورية تعمل في دمشق، تقول "بعد انتظار دوري لاستلام الراتب من الصراف الآلي لنهار كامل تحت أشعة الشمس، بداية هذا الشهر، وريثما كنت أعد الأوراق المالية وتدور في رأسي الالتزامات المالية التي يتوجب علي سدادها منهم، ظهر أمامي أحد باعة اليانصيب، فخطرت لي فكرة مجنونة بشراء بطاقة، وفعلت، قيمة راتبي لا تتجاوز الـ 100 دولار وفي أي حال من الأحوال سنعيش في ضيق، قلت لنفسي لن تكسرني قيمة هذه البطاقة".

وتضيف "السبب الرئيسي لشرائي لها هو أملي بتسجيل ابنتي في التعليم الموازي، نجحت في الثانوية العامة هذا العام، لكن فرصها في دخول الهندسة المعلوماتية قليلة، لم تعد أوضاعنا المالية تسمح بخطوة كهذه، لدي شعور داخلي بالذنب تجاهها، ليس لدي أمل كبير ولا أفكر بالموضوع، لكن من يدري".

ينتشر باعة اليانصيب هذه الأيام في جميع الأماكن المزدحمة في العاصمة، حيث يباع القسم الأكبر من البطاقات. يقفون أمام أبواب البنوك والصرافات، على مفترقات الطرق الرئيسية وإشارات المرور وفي الأسواق، ومع رواج شراء اليانصيب، ظهرت أيضاً البطاقات المزورة.

يقول خالد (38 عاماً) من دمشق: "على غفلة عين باعني أحدهم بطاقة مزورة، كان يحمل كومة من البطاقات، يعلقها بيديه ويمشي بها في الشوارع، سحبت إحداها كانت حقيقية وبينما مددت يدي إلى جيبي لأعطيه ثمنها سلمني أخرى مزورة، ومضى، نظرت إليها وشعرت سريعاً أنها مختلفة عن تلك التي اخترتها، ثم اكتشفت أن أرقامها ناقصة ومزورة".

ويضيف "رغم أني لم أسمع أحداً في حياتي ربح جائزة مجدية من هذه اليانصيب، إلا أنني أعرف واحداً ربح جائزة الترضية التي كانت قيمتها أقل من قيمة البطاقة، لكن للحظة قلت لنفسي ربما أكون أنا أول واحد أعرفه، وجاءني الجواب سريعاً حتى قبل إجراء السحب".

ويجرى في سورية سحبان أساسيان لبطاقات اليانصيب، يجرى أحدهما في رأس السنة والآخر خلال افتتاح معرض دمشق الدولي، وكانت المؤسسة العامة للمعارض قد أعلنت عن فتح باب الشراء الإلكتروني لبطاقات اليانصيب.

فيصل، وهو بائع يعمل في كشك في مدينة حماة، دأب على بيع بطاقات اليانصيب طوال السنوات الماضية قبل أن يتوقف عن بيعها لاعتبارات دينية، يقول: "عندما تنعدم السبل يضرب الناس على وتر الحظ. بعد الأزمة صار الناس يشترون بطاقات اليانصيب أكثر. معظمهم يفرق معهم القرش، مع ذلك كانوا يدفعون 500 ليرة لقطعة ورق لا قيمة لها. بعت كثيراً ولم أسمع أن أحداً ربح جائزة أكثر من 5 آلاف ليرة. لدي يقين أن هذه العملية عملية نصب كبرى".