السوريون في ألمانيا... سياسة "تطفيش" ممنهجة

01 يوليو 2018
آمال لم الشمل اصطدمت بقوانين التضييق (العربي الجديد)
+ الخط -

"أتهيأ للعودة إلى سورية والعيش مع زوجتي، لأنني أظن أنهم لن يوافقوا على لم الشمل في هذا الجيل"، بهذا يعبر الشاب وسيم، من حمص وسط سورية، عن إحباطاته بسبب أوضاعه في ألمانيا، التي تتجه لتشديد قوانينها أكثر مما هي اليوم.

بالنسبة لوسيم فإن مسألة الانتظار للم شمل زوجته، المقيمة انتظارا عند أهلها في دمشق، لا يبدو أنه في الأفق القريب، وخصوصا لمن يعيشون تحت رحمة "الحماية الثانوية"، بمعنى حصول الإنسان على إقامة مؤقتة لمدة عام، قابلة للتمديد، والذين جاء قرار تعليق حقهم بلم الشمل في مارس/آذار 2016 ليزيد واقعهم تعقيدا.


أعباء كثيرة، نفسية وأسرية، يعيشها عشرات الآلاف من السوريين في ألمانيا، وما يزيدها أن الحكومة الائتلافية تتجه لتبني خطة تشديدات جديدة في الفترة القادمة، تشمل 63 بندا، وتؤثر على من تشبه حالتهم حالة وسيم الذي يقول "هذه ثالث مرة أجدد إقامتي، لم يجيبوني على طلب لم الشمل منذ أكثر من سنتين، كنت قد تزوجت حديثا حين حضرت إلى ألمانيا، وكبرت مئة سنة هنا، كل ما أطلبه جواب واحد فقط: نعم أو لا... لم أعد حتى طرح هذا السؤال".
وبين رغبات حكومة يسار ويمين الوسط، بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، وانتقادات اليمين المتشدد، في "البديل لأجل ألمانيا"، الذي يرغب بإلغاء تام لحق لم الشمل، يجد سوريون كثيرون أنفسهم تحت مزيد من الأعباء والضغوط عليهم وعلى أسرهم، المنتظرة منذ فترات طويلة.

ففي حالة فادي، من حلب، فإنه ترك زوجته وطفلته، كانت بعمر سنة واحدة، ينتظران على أمل لم الشمل، لكنه حتى اللحظة لم يحصل على تلك الموافقة. ويضيف فادي أنه "مثل غيري من الآلاف أنتظر وأخبرتهم بأن لدي طفلة صغيرة وزوجة تنتظراني، فطلبوا مني أن أثبت لهم أنهما في خطر، فكيف أثبت لهم ذلك؟ هل يوجد في سورية من يعطيني ورقة كُتب عليها أنهما في خطر؟ وقد شرحت لهم أنهما في حلب، وقد شهدوا ما تعرضت له حلب السنة الماضية، لكن حتى الآن لم أتلق جواباً. ولا أعرف هل ستتم الموافقة على ذلك أم لا، كنت سألتهم أكثر من مرة ما إذا كانوا سيوافقون أم لا، لأعرف كيف أتصرف. فمن غير الممكن أن أبقى بلا زوجتي وطفلتي إلى زمن غير معلوم”.

يشير فادي إلى أن أحد شروط لم الشمل، وفق القواعد الجديدة التي وافقت عليها الحكومة الألمانية، هو أن يكون لصاحب طلب لم الشمل طفل قاصر، وعليه أن يثبت أنه في خطر.

أما في حالة مهند، الذي تنتظره زوجته وثلاثة من أطفاله، فيذكر بأنه لبى شرط اللغة، وتعلم بمستوى أول وحصل على شهادة تكيف الحياة (الحياة في ألمانيا) وأنه بالرغم من متابعته اللغة في المستوى الثاني، لإجراء التدريب لتحقيق شروط الاندماج في ألمانيا، لأنه "سمعت أن هذه الأمور تساعدني في لم الشمل، وقدمت لهم كل هذه الأوراق، لكن إلى الآن لم أحصل على جواب... وأنا خائف بالفعل من عدم الموافقة... ففي هذه الحالة علي أن أعود إلى سورية، ولا أستطيع العودة إذا بقي هذا النظام وإذا استمرت الحرب، ولا يمكن أن أترك عائلتي وأعيش هنا وحيداً، ولا أعرف ماذا أفعل".

هذه الحيرة التي يعيشها مهند، رغم تلبيته شرطاً وضعه وزير الداخلية هورست سيهوفر حول تقديم مقدم طلب لم الشمل ما يثبت أنه نجح في تحقيق عملية الاندماج، يعيشها مثله من التحقوا فعليا في تلك البرامج، التي أشيع سابقا أنها تساعد على لم الشمل، قبل أن تصير شرطا في القواعد الجديدة، لكن أيضا دون فائدة.


أما مشكلة أبو حسان فهي بالفعل شائكة، إذ يقول إن ابنه سيبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد أربعة أشهر، في الشهر العاشر من هذه السنة، ولم يحصل على موافقة لم الشمل منذ أكثر من سنتين، ولديه حماية مؤقتة (سنة تتجدد)، وفي حال حصوله على موافقة يجب أن يحصل ابنه على الفيزا قبل أن يبلغ الثامنة عشرة وإلا فلن يوافقوا عليه... "هل يبقى ابني وحيداً في سورية وتخرج أمه وأختاه؟ هذا إذا وافقوا على لم الشمل”.

في القانون الألماني يمكن لم شمل الأبناء تحت الـ 18 عاماً، ولا يمكن لمن تجاوز ذلك السن.. وقد عانى الكثيرون جراء هذا القانون، عندما كان لم الشمل متاحاً، بعضهم نجح في تجاوز هذه العقبة، لكن ثمة من لم يتمكن وفشل في ممارسة هذا الحق القانوني والإنساني.

ضغوط متقصدة..
تذكر السيدة لينا (من أصل مغربي)، تعمل في إحدى المنظمات التي تعنى بشؤون اللاجئين والمهاجرين في ولاية شمال الراين الألمانية، لـ"العربي الجديد": "نعم، هذه سياسة جديدة للحكومة الألمانية، وهي تطفيش اللاجئين، وإسكات رغبة من يفكر بالقدوم إلى ألمانيا لاجئاً". وتعتقد لينا بأن انتهاج سياسة متشددة وتعجيزية "لا تهدف فقط لإرغام الشخص على اختيار بلد آخر، وعدم المجيء إلى ألمانيا، بل أيضا لإرغام المقيم مؤقتا على مغادرتها". وتقارن لينا بين ألمانيا وفرنسا وهولندا، قائلة "فرنسا تعطي إقامة لعشر سنوات منذ البداية، هولندا تعطي الجنسية بعد خمس سنوات ربما، وهكذا... ولا توجد أي سياسة قائمة على الاستثمار السياسي لقضية اللاجئين كما في ألمانيا. أعتقد أن المسألة مدروسة. وأنهم ينجحون بالفعل بتطفيش اللاجئين عبر هذه السياسة التي تجعل اللاجئ يشعر بالضغط طوال الوقت". 

دلالات
المساهمون