السودان ينضم للبنك الأسيوي هربًا من الحصار الأميركي

01 سبتمبر 2016
تفاقم الأزمات المعيشية بسبب الحصار الأميركي (الأناضول)
+ الخط -


يواصل السودان مساعيه لاعتماده عضواً كاملاً في البنك الآسيوي للاستثمار والبنى التحتية ومقره الصين هرباً من الحصار الاقتصادي الأميركي وإحجام الصناديق العربية والأفريقية عن تمويل مشاريع عرضها عليها في وقت سابق.
ويرى محللون إمكانية استفادة السودان من البنك الآسيوي ما يستوجب وضع خطة واضحة لتنفيذ المشروعات في خطوة وصفوها بكسر العزلة الدولية.

وأشاروا إلى أن السودان يحتاج إلى الصين، ولكن العملاق الآسيوي لن يتبرع دون مقابل حيث سيحتاج إلى منفذ لتسويق منتجاتا وتشغيل عمالته.
ويعاني السودان من العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليه منذ نحو عقدين حرم من خلالها الحصول على الآلات الزراعية ومدخلات الصناعة ما يضطره للحصول عليها بتكلفة عالية أضرت بالاقتصاد السوداني.

وفي هذا الإطار، يقول مستشار وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، مكاوي محمد الحسن، لـ "العربي الجديد"، إن العقوبات الأميركية حرمت السودان من الحصول على التمويلات اللازمة لمشاريع حيوية منها قطع غيار للسكك الحديدية والقطارات والطائرات والمصانع، ما أثر بشكل مباشر على مختلف القطاعات الاقتصادية.
ويرى الحسن، أن سعي الحكومة للانضمام إلى البنك الآسيوي يستهدف الحصول على تمويل للبنيات التحتية في السودان.




ويضيف، "سبق وأن تقدمنا بخطة استراتيجية واضحة المعالم للصناديق العربية لتمويل مشروعات بنى تحتية وتنموية إلا أنها لم تر النور إلى الآن بسبب الموقف الأميركي الضاغط على تلك المؤسسات، ولذلك فإن التوجه شرقا يأتي اتساقا مع الاستراتيجية العامة للحكومة بالاستفادة من عضوية البنك الآسيوي للاستثمار والبنى التحتية".
ويتجه السودان إلى الحصول على عضوية كاملة في البنك الآسيوي للاستثمار والبنى التحتية بنهاية العام الجاري، للخروج من نفق الحصار الاقتصادي الأميركي منذ عام 1997، حسب وزير المالية بدر الدين محمود، عقب مشاركته في اجتماعات البنك في الصين في يونيو/حزيران الماضي.

وكانت الصين أسست البنك الآسيوي بالمشاركة مع العديد من دول العالم لينافس المؤسسات المالية الدولية الأخرى ومنها البنك الدولي وصندوق النقد في تقديم القروض لمختلف دول العالم. ورغم معارضة أميركا لتأسيس البنك، فقد انضم إليه عدد من حلفائها الرئيسيين مثل أستراليا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والفيليبين وكوريا الجنوبية.

ويقول الخبير الاقتصادي، هيثم فتحي، لـ "العربي الجديد"، إن السودان يتجه للبنك الآسيوي، بعد أن منعت أميركا منح التمويل له عبر المؤسسات الدولية والعديد من الدول العربية.
وأوضح أن الضغوط الاميركية أوقفت اتجاه 16 صندوقاً ومنظمة عربية من تقديم 18 مليار دولار في شكل قروض لتنفيذ مشروعات بنى تحتية أعدتها حكومة السودان عبر دراسات جدوى بمشاركة خبراء دوليين خلال عام 2013، تم اعتمادها من قبل بعض الصناديق (لم يحددها) وتمت جدولتها بواقع 9 مليارات دولار مرحلة أولى ومثلها في مرحلة ثانية، إلا أنها لم تر النور إلى الآن.

ويقول فتحي "ظلت أميركا تمنع السودان من أن يستفيد من مبادرة إعفاء الديون للدول الفقيرة (هيبك) بسبب ضغوطها على الدول والمؤسسات الدائنة ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث أعفت كل الدول تقريبا ما عدا السودان رغم استيفاء كل شروط الإعفاء وعضوية السودان بهذه المؤسسات.
وفي حين يرى خبراء أهمية خطوة انضمام السودان للبنك الآسيوي، وصفها أخرون بعدم جدواها، موضحين أن عدم استفادة البلاد من أموال المؤسسات المالية العالمية سببه سوء الإدارة والتوظيف السليم للأموال.

ويقول الخبير الاقتصادي، ميرغني بن عوف، لـ "العربي الجديد"، إن الفوائد المرجوة من البنك الآسيوي مجهولة في الوقت الذي تقدم فيه الصين قروضا بشروط جزائية عالية وتربط التمويل بالعمالة وإغراق الأسواق بالسلع الفاقدة الصلاحية وغير الأصلية.
ويؤكد بن عوف، أنه تاريخيا ليس هناك تجارة بين السودان وأميركا ولم تكن شريكا تجاريا لها في الفترات السابقة على العقوبات.

ويقول "ظل السودان منذ تاريخه يعتمد في التمويل على الاتحاد الأوروبي واليابان وما جعل الاقتصاد يتهاوى هو ممانعة المانحين تمويل الحكومة التي توظف الأموال في مشاريع ليست ذات جدوى".
ويضيف أن الحكومة أضرت بالاقتصاد عبر قبضتها على مفاصله، ما أثر على الأوضاع المعيشية للسودانيين.

وتدهورت قيمة العملة الوطنية فبعد أن كان الدولار يعادل جنيهين، أصبح الآن يفوق 16 جنيهاً في السوق السوداء، في حين يبلغ 6.40 جنيهات في السوق الرسمية.
وحسب الإحصائيات الحكومية، تدنى النمو الاقتصادي من 7% إلى أقل من 3% خلال العقدين الماضيين، وارتفع التضخم وزاد عجز الموازنة والدين العام.
ويقول بن عوف "حينما رفضت الجهات المانحة تقديم المعونات إلا عبر منظمات مجتمع مدني سعت الحكومة بدورها إلى إنشاء منظمات مدنية للاستفادة من تلك الأموال ما حدا المنظمات إلى ايقاف دعمها للسودان.

ويرى الخبير الاقتصادي بابكر فيصل، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن أثر العقوبات على السودان ظهر بعد انفصال الجنوب في 2011، ما جعل القروض تأتي بتكلفة أعلى.
ويقول " لا بد من التصالح مع الوضع الاقتصادي العالمي، مشيراً إلى التجربة الإيرانية في هذا الصدد".
ويقول الخبير الاقتصادي، عصام عبد الوهاب بوب، لـ "العربي الجديد"، إن العقوبات حالت دون حصول السودان على منح وقروض لدعم الميزانية برغم التمويل المحدود من الصناديق العربية والخليجية باعتبارها مؤسسات تخضع للشروط الدولية.

وكان السودان قد حصل في ديسمبر/كانون الأول، 2015، على قرض من صندوق النقد العربي بقيمة 166 مليون دولار لتمويل العجز في ميزان المدفوعات، ودعم برنامج إصلاح اقتصادي يغطي عامي 2016 و2017، كما أقرضت الصين البلاد قرضا بقيمة 700 مليون دولار في عام 2013 لبناء مطار جديد في الخرطوم.

وقدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي قرضاً لحكومة السودان بقيمة 60 مليون دينار كويتي (200 مليون دولار) في يونيو/حزيران الماضي للمساهمة في تمويل مشروع الروصيرص أحد أكبر المشاريع الفلاحية في السودان.
وألزمت الاتفاقية حكومة السودان بسداد قيمة القرض بالفائدة لمدة 19 عاماً، في شكل أقساط نصف سنوية بقيمة 1.540 مليون دينار كويتي للقسط الأول، وحتى القسط الثامن والثلاثين وتبلغ قيمة القسط الأخير 1.480 مليون دينار، بعد فترة سماح مدتها ست سنوات. إلا أن هذه القروض لم تكف احتياجات السودان المالية، حسب الخبراء.



المساهمون