السودان وجنوبه والنيل بينهما

23 نوفمبر 2014
20% من حوض النيل يقع في جمهورية جنوب السودان(Getty)
+ الخط -

رغم إرهاصات انفصال جنوب السودان عند توقيع اتفاقية السلام (2005)، وما قد ينتج عنه من مشكلات حول المياه، إلا أن القضية غابت عن بروتوكول توزيع الثروة، وتم الاكتفاء بذكرها في فقرة واحدة في بروتوكول توزيع السلطة.

ما كان يتردد حينها أنّ قضايا تقاسم مياه النيل قد لا تكون مسألة عاجلة ومهمة بين السودان وجنوب السودان على المدى القصير. ولكن حتماً ستكون من أهم القضايا بين الدولتين خلال أعوام، بسبب تزايد احتياجاتهما لاستخدام مياه النيل، ولأنّ معدلات إنتاج الدولتين من المواد البترولية ستأخذ في التناقص. وما هي إلا خمسة أعوام حتى أطلت قضية المياه برأسها، ليتمّ تضمينها كإحدى المسائل الأساسية في ترتيبات ما بعد الاستفتاء.

ومع بروز جنوب السودان كدولةٍ مستقلة في التاسع من يوليو/تموز 2011 ارتفع عدد دول حوض النيل إلى 11 دولة، هي: كينيا وتنزانيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي ورواندا وإثيوبيا وإريتريا والسودان ومصر، بالإضافة إلى جمهورية جنوب السودان.

تقول الإحصاءات إنّ 20 المئة من حوض النيل يقع في جمهورية جنوب السودان، وهي الدولة الثانية مساحةً في الحوض بعد جمهورية السودان التي يقع فيها حوالى 45 في المئة من الحوض. كما أن حوالى 90 في المئة من جنوب السودان يقع داخل حوض النيل.

وتلتقي معظم روافد النيل الأبيض فى دولة جنوب السودان. كما يلتقي النيل الأبيض الذي تأتي معظم مياهه من البحيرات الاستوائية بنهر السوباط الذي يأتي من الهضبة الإثيوبية داخل حدود الدولة الوليدة.

أما ما يفقده النيل من مياهه بفعل التبخر في مستنقعات جنوب السودان فيُقدّر بحوالى 40 إلى 50 مليار متر مكعب. وتقدر الدراسات أنه يمكن إنقاذ 20 مليارا منها، لتضاف إلى النيل الأبيض في حال قيام مشاريع القنوات الأربع المقترحة، ومن بينها قناة جونقلي.

تحتاج المسألة المائية الإقليمية إلى قدرة معرفية ومهنية عالية، قوامها المعلومات الدقيقة والاستخدام العلمي. وتلك مهمة معقدة تحتاج إلى الكوادر المؤهلة. كما أنه من المفيد جداً- وفق الخبير سلمان محمد أحمد- محاولة النظر إلى حوض النيل كوحدة اقتصادية متكاملة ومتماسكة. بمعنى أن تتخصص كل دولة في مجالٍ معين؛ فتنتج إثيوبيا الكهرباء لكل دول الحوض، والسودان يتولى الإنتاج الزراعي، ومصر الإنتاج الصناعي، وتنزانيا وكينيا وأوغندا تستغل الثروة السمكية...إلخ.

أما ما بين السودان وجنوبه، فالاعتقاد السائد الآن أنه بحلحلة القضايا السياسية الشائكة، سيكون من السهل على قضية المياه أن تنال حظها من النظر العقلاني.

(متخصص في شؤون البيئة)
المساهمون