اتفقت الحكومة السودانية، اليوم الاثنين، مع تحالف الجبهة الثورية، على تمديد التفاوض بينهما لمدة 3 أسابيع أخرى، بعد فشلهما خلال 3 جولات تفاوض متواصلة في الوصول إلى اتفاق سلام.
وحددت الوثيقة الدستورية، الموقعة في 17 أغسطس/آب الماضي، بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، فترة الستة الأشهر الأولى لإنجاز اتفاق سلام شامل، لكن المدة انتهت اليوم، ما دفع الأطراف للتجديد.
وتجرى المفاوضات بين الحكومة والجبهة الثورية في 5 مسارات: مسار لدارفور، ومسار لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ومسار الوسط، والشمال، والشرق، في حين تتفاوض الحكومة في مسار سادس، مع الفصيل الأقوى على الأرض: فصيل عبد العزيز الحلو.
وتمكنت الجولة الأخيرة، الخاصة بالجبهة الثورية، من إحداث اختراق نسبي في مسار دارفور، والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والوسط، من دون تعبيد الطريق بعد لاتفاق شامل.
ويمكن إجمال أبرز العقبات التي تعترض طريق التفاوض بالآتي:
العلمانية وتقرير المصير: تقترح الحركة الشعبية قطاع الشمال، فصيل عبد العزيز الحلو، تطبيق النظام العلماني في البلاد قاطبة كحل جذري للمشكلات السودانية، وبما يتيح المجال لحيادية الدولة السودانية تجاه كل الأديان، وهو المقترح الذي ترفضه الحكومة، التي تجد مساندة غير مباشرة من الحركة الشعبية فصيل مالك عقار، والتي تقترح فقط إعطاء الحق الدستوري لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بسن تشريعات خاصة بهما، حيث توجد نسبة معتبرة من غير المسلمين.
لكن فصيل الحلو يرفض بدوره مقترحات فصيل مالك عقار، ويرى أنه في حال عدم الموافقة على النظام العلماني، يجب القفز مباشرة لمقترح يمنح المنطقتين حق تقرير مصيرهما كل على حدة، وهو المقترح الذي لا يحظى بأي قبول، لا من جانب الحكومة ولا الأحزاب السياسية، وحسب تقديرات المراقبين، فإن تلك المواقف يتعذر معها التوصل إلى إتفاق سلام في الوقت الراهن؛ مع فصيل الحلو على وجه التحديد.
المشاركة في السلطة: قد تكون هي المرحلة الأخيرة، كما هي العادة في المفاوضات السودانية، لكن دوماً ما تكون الأكثر تعقيداً؛ فبعد تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، ومجلس الوزراء، باتت غير معلومة الطريقة التي تمكن بها مشاركة الحركات المسلحة في السلطة، إن توصلت لاتفاق سلام مع الحكومة. وهناك بعض المقترحات التي طرأت؛ مثل إعادة تشكيل مجلس السيادة من جديد، بما يضمن تعيين عضوين فيه من الحركات المسلحة، مع إعادة تشكيل مجلس الوزراء، علماً بأن الحكومة أخّرت تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وتعيين ولاة مدنيين في الولايات، انتظاراً لما تسفر عنه المفاوضات في جوبا، ما يعني أن الحركات المسلحة ستحوز نصيباً أوفر حال دخولها في عملية السلام.
لكن أصواتا عدة بدأت تتململ من تأخير تعيين الولاة وتشكيل البرلمان، وأثره السلبي على التغيير في السودان، لا سيما أن الولاة العسكريين ما زالوا يديرون الولايات وسط حالة من عدم الرضا، وصلت إلى مرحلة خروج مليونيات للمطالبة بإقالتهم. ومن بين أخبار المفاوضات هذه الأيام مطالبة الحركات المسلحة بمنصب رئيس مجلس السيادة، بعد نهاية أجل مدة عبد الفتاح البرهان في إبريل/نيسان 2021، طبقا للوثيقة الدستورية التي قررت أن يؤول المنصب بعد ذلك التاريخ، لشخصية مدنية لمدة عام ونصف، تجرى بعدها انتخابات عامة.
النازحون واللاجئون: أسفرت الحرب في دارفور، على وجه الخصوص، عن نزوح أكثر من مليوني شخص إلى المدن الرئيسة في الإقليم، ولجوء مئات الآلاف إلى دول أخرى، مثل تشاد، وقد كانت قضيتهم حاضرة خلال جولات التفاوض في جوبا، بل سمح بتمثيلهم فيها. لدى هؤلاء التماسات تصل إلى المطالبة بتعويضات باهظة، وبناء مستوطنات جديدة لهم، بعد أن فقدوا كل ما يملكون خلال سنوات الحرب، إضافة إلى توفير الأمن لهم؛ هذا عدا تشددهم في مثول من تسبب لهم في تلك الماساة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، وقد وافقت الحكومة على هذا الطلب، لكن طبيعة المثول الذي وافقت عليه وقع فيها التباس، وكانت ثمة تساؤلات حول ما إذا كان التسليم سيشمل كامل الأركان أم مجرد مثول لحظي، يحال بعده هؤلاء إلى محكمة خاصة داخل السودان.
غياب عبد الواحد محمد نور: العقبة الأخيرة في طريق السلام هي غياب حركة تحرير السودان، بزعامة عبد الواحد محمد نور، ومقاطعتها للتفاوض في جوبا، والتي لا تعترف حتى الآن بالسلطة الانتقالية، وتعتبرها امتداداً للنظام السابق، المتهم بالتورط في كل جرائم دارفور، ويعتقد الكثيرون أن أي اتفاق سلام لا يستوعب فصيل نور سيكون اتفاقاً ناقصاً.