السلفيون ضد "داعش"

18 فبراير 2015
هل يستفيد لبنان من تجربة الأردن مع سلفييه؟(فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) يُترجم شعاره الذي رفعه في الأيام الأولى لإعلان دولته المزعومة، وهو: "باقية وتتمدد". تمدد هذا التنظيم من آسيا إلى أفريقيا. بدأ يخوض معاركَ في سيناء المصرية، وفي ليبيا، ويبدو أنه قادر على مفاجأة كل من اعتقد أن الضربات الجوية ستقضي على قدراته العسكرية. كرّر في ليبيا ما قام به في العراق، عبر صدم الناس وترويعهم في جريمة بشعة، راح ضحيتها 21 عاملاً مصرياً، وسبقتها مشهدية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة. وأتت هاتان الجريمتان في إطار استعادة "الصورة الردعية" للتنظيم.

ليس صحيحاً بأن التنظيم لا يُدرك ما يقوم به، وأن ما يقوم به ينطلق من فائض الإجرام لديه. العكس صحيح هنا، يسعى "داعش" لتعميم صورته، كقوة مرعبة قادرة على ترهيب كلّ خصومها. في المقابل، يبدو أن عمليّة مواجهة التنظيم لا تزال مقتصرة على خطوات تُساهم في تقويته وليس في إضعافه، وإن توهّم القائمون بها، بأنها ستُضعفه. فالضربات الجوية استطاعت قتل عدد من قيادات هذا التنظيم، لكنّه ما لبث أن تأقلم معها. وتجربة حركة طالبان في أفغانستان والقاعدة في اليمن أبرز دليل على أن الضربات الجوية لا يُمكن أن تنهي تنظيمات مشابهة. أمّا خيار المواجهة العسكرية المباشرة، فيبدو أنه محصور بقوات ذات هوية شيعيّة.

هذه القوات، تستطيع تحقيق انتصارات ميدانيّة مرحليّة، لكنها تُساهم في تقوية التنظيم على المدى البعيد، عبر استفادته من حجم الانقسام السني ــ الشيعي وتجييره لصالحه. وحدها التجربة الكردية، حملت بذور النجاح، لأنها استندت على قاعدة شعبية، وخاضت المعارك دفاعاً عن أرضها. في ظلّ هذه المعطيات، جاءت خطوة النظام الأردني بإطلاق سراح منظر التيار السلفي الجهادي أبو محمد المقدسي، وتكليفه بمهام الوساطة لإطلاق سراح الطيار الكساسبة، رغم إدراك النظام أنه قُتل، كانت في المسار الصحيح. تُثبت الخطوة الأردنيّة، أن من يستطيع قيادة المواجهة مع "داعش"، هم السنّة، والسلفيون منهم خصوصاً، وليس الشيعة مثلاً. هل ستستفيد الحكومة اللبنانيّة من التجربة الأردنية؟ أم تستمر بسياسة إبعاد السلفيين عنها، إذا لم نقل رميهم في حضن "داعش".
المساهمون