السلطة الفلسطينية تواجه أزمة مالية غير مسبوقة

15 يونيو 2020
6E1B0A7A-C3EF-4010-9F33-FE4DC578C710
+ الخط -
ينتظر نحو 133 ألف موظف في السلطة الفلسطينية، رواتبهم عن شهر مايو/أيار الماضي، لكن آمالهم في صرفها تتلاشى مع دخول الأسبوع الثالث على استحقاقها من دون بوادر على توفر إيرادات تكفي لصرف ولو جزء منها.

يرى مختصون أن الأزمة المالية التي دخلتها السلطة حاليا، تختلف بشكل كبير عن أزمات سابقة، سواء في هيكلها أو حجمها، إذ تأتي في وقت تمر فيه بأزمة مالية ناتجة عن الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا.

وبدأت الأزمة الاقتصادية بسبب كورونا، قبل أن تتعافى المالية العامة الفلسطينية من أزمة مقاصة أخرى امتدت بين شهري فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 2019، وتركت آثارا سلبية على الاقتصاد الفلسطيني.

وفي أزمات سابقة، لجأت الحكومة الفلسطينية إلى الاقتراض من البنوك المحلية، لتتمكن من تسديد جزء من التزاماتها، خصوصا رواتب الموظفين، التي تشكل المحرك الأساسي للاقتصاد، أو أجزاء منها على الأقل. لكن هذه المرة يبدو أن قدرتها على الاقتراض آخذة في النفاد.

يقول مدير أحد البنوك الوافدة العاملة في الأراضي الفلسطينية، إن هذه الأزمة أتت بعد انخفاض الإيرادات بشكل حاد نتيجة كورونا، وبعد أزمة مقاصة واجهتها السلطة في العام الماضي.

ويوضح مدير البنك، مفضلًا عدم نشر اسمه لأسباب تتعلق بسياسة البنك، إن وزارة المالية الفلسطينية تجاوزت سقوف اقتراضها من البنوك، مضيفا أنها "لم تستطع تأمين قرض مجمع بـ 400 مليون دولار كانت طلبته لتجاوز تداعيات جائحة كورونا، ولم تسحب منه سوى 30 مليون دولار".


وحتى نهاية مايو/أيار، بلغ حجم مديونية السلطة الفلسطينية للبنوك المحلية 1.627 مليار دولار، إضافة إلى 1.1 مليار دولار ديونا خارجية، نصفها لصندوق يديره البنك الإسلامي للتنمية.

وقال المتحدث باسم الحكومة، إبراهيم ملحم، في مؤتمر صحافي أمس الأحد، إنه لا موعد لصرف رواتب الموظفين، لعدم تمكن وزارة المالية من توفير قيمتها.

وشهدت إيرادات السلطة الفلسطينية، تراجعا حادا في مايو، نتيجة توقفها عن استلام عائدات المقاصة مع إسرائيل، بسبب القرار الفلسطيني وقف التنسيق بين الجانبين، وأيضا للتراجع الحاد في الجباية المحلية بسبب جائحة كورونا.

وتظهر بيانات لوزارة المالية أن الجباية المحلية تراجعت في مايو إلى حوالي 40 مليون دولار، منخفضة بأكثر من 60 بالمائة عن معدلها الشهري (حوالي 110 ملايين دولار) بسبب جائحة كورونا.

وبفقدان عائدات المقاصة مع إسرائيل بالكامل، ويبلغ معدلها حوالي 200 مليون دولار شهريا، تكون إيرادات السلطة الفلسطينية تراجعت بنسبة 90 بالمائة في مايو عنها في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2020.

وكانت السلطة قد أعلنت حالة طوارئ صحية في 5 مارس/آذار لمدة 30 يوما، ثم مددتها لشهرين آخرين، وما زالت سارية حتى الآن، تخللها منع للحركة ووقف شبه تام للأنشطة الاقتصادية لمدة شهرين.

وبحسب أرقام وزارة المالية، فإن الدعم الخارجي الذي تلقته السلطة في مايو بلغ 28 مليون دولار فقط، ما يعني أن كل ما حصلت عليه السلطة من إيرادات في مايو لا يتجاوز 68 مليون دولار، تغطي حوالي خمس النفقات العامة الشهرية فقط، البالغة حوالي 300 مليون دولار.

وقال مسؤولون فلسطينيون، في 3 يونيو/حزيران الجاري، إن السلطة رفضت استلام عائدات المقاصة من إسرائيل، لاشتراط الأخيرة عودة التنسيق بين الجانبين.

وأوقفت السلطة التنسيق منذ إعلان الرئيس محمود عباس، في 19 مايو الماضي، أن السلطة في حل من الاتفاقيات مع إسرائيل بما فيها الأمنية، وذلك ردا على خطط إسرائيلية بضم أجزاء من الضفة الغربية، يتوقع البدء بتنفيذها مطلع يوليو/تموز المقبل.

وعائدات المقاصة، هي ضرائب يدفعها الفلسطينيون على وارداتهم من الخارج عبر منافذ تسيطر عليها إسرائيل، وتجبيها الحكومة الإسرائيلية نيابة عن السلطة، وتحوّلها إلى الخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر بعد اقتطاع عمولة 3 بالمائة، وتشكل المقاصة أكثر من 60 بالمائة من إجمالي الإيرادات العامة الفلسطينية.

وهذه ليست الأزمة الأولى التي تعيشها السلطة الفلسطينية بسبب توقف عائدات المقاصة، إذ أقدمت دولة الاحتلال على احتجازها أكثر من 10 مرات منذ قيام السلطة الفلسطينية في 1994، فيما يقول الفلسطينيون إنه ابتزاز إسرائيلي لمواقف سياسية.


(الأناضول، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
الصورة
تتحايل شبكات الاتجار بالبشر على قانون زراعة الأعضاء التركي

تحقيقات

تستقطب شبكات اتجار بالأعضاء تونسيين يمرون بظروف صعبة، عبر سماسرة من جنسيات متعددة، يعملون من خلال صفحات نشطة على "فيسبوك" تطلب "متبرعين" وتجري العمليات في تركيا
الصورة
إضراب معلمي إدلب العربي الجديد 9 مايو 2024

اقتصاد

نظم معلمون في مدارس محافظة إدلب الخميس، وقفة أمام مبنى رئاسة الوزراء التابعة لـ"حكومة الإنقاذ"، شمال غربي سورية، ضمن احتجاج المعلمين في إدلب لتحسين أوضاعهم
المساهمون