السلطات المصرية تهدم مبنى أثرياً يعود لعصر المماليك

12 فبراير 2019
الآلات تطيح وكالة العنبريين (فيسبوك)
+ الخط -
حالة من الغضب انتابت قطاعاً عريضاً من المصريين، وهو ما ظهر بوضوح في تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية شروع السلطات في هدم عقار أثري يعود إلى عصر المماليك بشارع المعز لدين الله الفاطمي، وسط العاصمة القاهرة، وهو المبنى الذي بناه السلطان قلاوون كي يكون سجناً، ثم حوله العثمانيون إلى وكالة لصانعي العطور، واشتهر تحت اسم "وكالة العنبريين".

المتحدث الرسمي باسم النيابة الإدارية في مصر، المستشار محمد سمير، صرح بأن "النيابة سبق أن فتحت تحقيقاً حول محاولة هدم وكالة العنبريين من قبل السلطات التنفيذية بحي الجمالية، واستمعت إلى أقوال عدد من المواطنين الذين تقدموا بشكاوى حول الواقعة"، مشيراً إلى تشكيل لجنة من كلية الآثار، انتهت إلى أن المواصفات الخاصة بالمباني الأثرية متوافرة بالمكان.

وأضاف سمير، في تصريحات متلفزة، أن "النيابة الإدارية انتهت في تحقيقاتها إلى بعض الإجراءات والقرارات، منها توصية وزارة الآثار باتخاذ إجراءات تسجيل المكان كأثر، كي يتم الحفاظ عليه كجزء من هوية مصر"، مديناً شروع الجهات المختصة في تنفيذ قرار الهدم مؤخراً، من دون إطلاع النيابة على المستندات المتعلقة بقرار الإزالة، والمستجدات التي استند إليها.

وقال مساعد وزير الآثار السابق لقطاع الآثار الإسلامية، السعيد حلمي، إن القاهرة الفاطمية (الإسلامية) مسجلة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979، ويجب الحفاظ على كل مبنى تراثي بها، معتبراً أن قرار هدم وكالة العنبريين "خاطئ"، حتى وإن كان المبنى مندثراً، نظراً لأنه يحتوي على بقايا غاية في الأهمية، مثل الحواصل، وواجهات المحلات، وبقايا الدور الثاني.

وأضاف السعيد، في تصريحات صحافية نقلتها مواقع محلية، أنه "كان ينبغي التعاون على ترميم العقار، وليس هدمه، لأنه لو تم هدم كل مبنى بحجة أنه ليس مسجلاً كأثر، فحينها ستهدم كل مباني القاهرة التراثية، المسجل منها فقط 572 مبنى في عداد الآثار الإسلامية"، على حد تعبيره.

وكالة العنبريين من الآثار الإسلامية المملوكية قبل هدمها (فيسبوك)

في المقابل، قال المشرف العام على مشروع القاهرة التاريخية في وزارة الآثار، محمد عبد العزيز، إن العقار الذي يُجرى هدمه غير مُسجل في تعداد الآثار المصرية، مشيراً إلى أن محافظة القاهرة أصدرت قراراً بهدم العقار الذي يحمل رقم 84 بشارع المعز لدين الله الفاطمي (88 سابقاً)، بدعوى "الخطورة الداهمة التي تلاحق المبنى، وتعرضه للحرق مرتين في عامي 2005 و2017".

 وأفاد عبد العزيز، في بيان صادر عن وزارة الآثار، اليوم الثلاثاء، بأن هناك قضايا نزاع حول المبنى بين المحافظة ومستأجري المحال الذين يرفضون هدمه، مذكراً بأن وزير الثقافة السابق، فاروق حسني، شكل لجنة عام 2000 للنظر في تسجيل العقار، وانتهت إلى أنه لا يستحق التسجيل في تعداد الآثار، كونه لا يضم آثاراً داخله خلاف المدخل، وليس به معالم أو زخارف أو طراز أثري باق.

وأضاف عبد العزيز أن 28 مبنى في شارع المعز لدين الله الفاطمي مسجلة فقط في تعداد الآثار المصرية، تشمل مساجد وحمامات ومدارس وبيوتاً، في حين أن باقي العقارات مملوكة "ملكية خاصة" للأهالي، وأخرى تتبع وزارة الأوقاف، لافتاً إلى أن هناك منازعات قضائية كثيرة بين الأجهزة المحلية، وشاغلي بعض المحلات في المنطقة، وليست الوزارة (الآثار) طرفاً فيها.

بدوره، ادعى رئيس حي وسط بمحافظة القاهرة، ناصر رمضان، أن تنفيذ قرار إزالة العقار الصادر من المحافظة جاء لخطورته الداهمة على المواطنين، مشدداً على تمسك المحافظة باستكمال بقية أعمال الإزالة خلال الأيام المقبلة، تحت إشراف نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، اللواء إبراهيم عبد الهادي.

المساهمون