السلطات الإيرانية تعتقل محتجين على الأوضاع الاقتصادية: "مخربون ومثيرون للشغب"

04 اغسطس 2018
تتواصل الاحتجاجات في عدد من المناطق الإيرانية(آتا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية المحسوبة على الخط المحافظ، اليوم السبت، أنّ حوالى 500 محتج شاركوا، ليل الجمعة، في تجمّع معارض في منطقة كرج المحاذية للعاصمة طهران، هاجموا مقر حوزة اشتهارد الدينية، وكسروا نوافذها وحاولوا اقتحامها.

ونقلت "تسنيم" عن مدير الحوزة، رجل الدين علي هندياني، قوله إنّ "المعنيين في المكان اتخذوا احتياطاتهم، في وقت سابق، ونقلوا الطلاب من الحوزة إلى مكان ثان، لكن المحتجين رموا الحجارة والطوب نحو المكان، وهو ما أدى إلى تحطّم زجاجها الخارجي".

وأكد هندياني أنّ "الأضرار مادية فقط، ولم تقع أي إصابات بشرية"، إلا أنّ السلطات المعنية ذكرت أنّها اعتقلت عدداً من الأفراد الذين شاركوا في الواقعة، واصفة إياهم بـ"المخربين ومثيري الشغب".

وتتواصل الاحتجاجات في عدد من المناطق الإيرانية، منذ الأربعاء الماضي، إذ خرج مئات المواطنين، وفقاً للمواقع الرسمية، في كرج، طهران، أصفهان، شيراز وكرمانشاه، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي، وعلى غلاء الأسعار.

ورفعت هذه الاحتجاجات شعارات اقتصادية، تندد بعمل حكومة الرئيس حسن روحاني، وتخلّلتها شعارات سياسية طاولت النظام في إيران.

وكان وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، قد ذكر أنّ "أعداء إيران مخطئون حين يظنون أن تجمّع مواطنين يتراوح عددهم بين 50 و200 شخص قد يربك أوضاع البلاد برمّتها".

لكن رجال دين، ومن بينهم أئمة صلاة الجمعة، في عدد من المناطق الإيرانية، ركّزوا في خطبهم، على ضرورة اهتمام الحكومة بالمشكلات الاقتصادية للمواطنين والاستماع لها.

وقال إمام صلاة جمعة مدينة مشهد، أحمد علم الهدى، إنّ "الوضع الاقتصادي والمعيشي المرتبك لا يمكن إنكاره، والشرائح الفقيرة تلمس التبعات أكثر من غيرها، مقابل وجود فئات ثانية، مرتبطة بأميركا والغرب، تمسك بالعملة الصعبة والذهب، وتحاول تهريبهما للخارج"، بحسب قوله، مطالباً الحكومة والبرلمان بمتابعة الملف لمحاسبة هؤلاء.

كما حمّل المرجع الديني مكارم شيرازي، الحكومة، المسؤولية عن المشاكل الحالية، قائلاً إنّها تصرّ على مواجهة مشكلاتها بـ"فريق ضعيف".


ولقيت الاحتجاجات المتواصلة على الوضع المعيشي في إيران، تعليقات كذلك من عدة مسؤولين. وقال نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي مطهري، إنّ "بعض الشعارات التي تتردد في هذه التظاهرات، ذات منشأ داخلي وخارجي، مرتبط بمعارضي النظام الإسلامي، وعلى الشارع الإيراني الحذر من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يحاول فرض ضغوط مالية ومصرفية، حتى يحتج الإيرانيون وتضطر حكومتهم إلى الجلوس على طاولة الحوار من منطلق ضعف".

وأعلن ترامب، في 8 مايو/أيار الماضي، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الموقّع في 2015، وقرّر استئناف العقوبات على طهران، بسبب ما وصفها "العيوب الجسيمة" في الاتفاق.

لكن ترامب عاد وأبدى، الأسبوع الفائت، استعداده للقاء روحاني، من دون شروط مسبقة، لبحث كيفية تحسين العلاقات، بينما صدرت في طهران، ردود مشككة في نوايا ترامب وفريقه، بعد خطوة الانسحاب من الاتفاق النووي.

ورأى مطهري أنّ "هذا النوع من الحوار لا يصب في صالح البلاد"، مؤكداً في الوقت عينه أن "لا ضير من مبدأ التفاوض، على أن يحفظ مبادئ الثورة الإسلامية وعزة إيران"، معتبراً أنّ "الوقت الراهن غير مناسب"، إلا أنّه دعا المسؤولين إلى الاستماع للمطالب الشعبية، "في وقت تكاثرت فيه المؤامرات على إيران"، حسب وصفه.

وأضاف مطهري أنّه "إذا ما أدرك الإيرانيون طبيعة الظروف التي تمر بها البلاد، سيتعاونون مع السلطات"، مقترحاً أن تقدم الحكومة معونات غذائية للإيرانيين من الطبقة المتوسطة وما دون، "وهو ما من شأنه أن يهدئ الوضع قليلاً إذا ما لمسوا وجود خطوات عملية"، كما قال.


وتنتظر إيران تفعيل العقوبات الأميركية العائدة إليها، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ومن المفترض أن تدخل حيز التنفيذ العملي، الإثنين المقبل.

ومنذ أن أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق، في 8 مايو/أيار الماضي، شهدت مؤشرات السوق الإيرانية تراجعاً كبيراً، فتدهورت العملة المحلية أمام الدولار، ولمس الإيرانيون ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وكانت احتجاجات شعبية مماثلة قد خرجت في مناطق إيرانية عدة، مطلع العام الجاري، وبدأت من مشهد شمال شرقي البلاد، اعتراضاً على عمل المؤسسات المالية الحكومية، وعلى الوضع المعيشي.