السلطات الإيرانية تعلن عن اعتقال 7 آلاف شخص خلال الاحتجاجات

27 نوفمبر 2019
السلطات الإيرانية: معظم المعتقلين عاطلون من العمل (فرانس برس)
+ الخط -
كشف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية حسين نقوي حسيني أن السلطات الإيرانية اعتقلت 7 آلاف شخص خلال الاضطرابات التي شهدتها إيران أخيرا.

وقال النائب الإصلاحي عن طهران مصطفى كواكبيان، مساء أمس الثلاثاء، في ندوة "دور البرلمان في الحريات المدنية"، إن 70 في المائة من المعتقلين عاطلون من العمل، مشيرا إلى أن معظمهم يحملون شهادات أقل من الثانوية العامة.

وأضاف كواكبيان أن الاعتراضات الشعبية على ارتفاع سعر البنزين، تركزت في الأرياف وبين الطبقات الضعيفة في المجتمع الإيراني، لافتا إلى أن التظاهرات تخللتها "أعمال شغب"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "إرجاع ذلك إلى مخطط لأجهزة المخابرات الأجنبية ليس كلاما صحيحا".
وفي السياق، وفقا لما نقلت صحيفة "اعتماد" عن مداولات الجلسة السرية للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مع مسؤولين أمنيين، فإن مندوب وزارة الأمن أشار أيضا إلى أن معظم المعتقلين إما عاطلون من العمل أو لديهم أعمال بدخل منخفض أو يحملون شهادات متدنية.


وأضاف المندوب الأمني أن وزارته أرسلت قبل نحو عام تقديراتها بشأن الأوضاع في البلاد إلى وزارة الداخلية، متوقعة "وقوع أزمة أمنية".

من جهته، تناول المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اليوم الأربعاء، في لقاء مع قوات التعبئة الإيرانية (الباسيج) بمناسبة الذكرى السنوية لتشكيلها، الأحداث الأخيرة في بلاده، مشيرا إلى المسيرات المؤيدة للنظام التي أعقبت الاحتجاجات في إيران، ليقول إن "الشعب الإيراني أفشل مؤامرة عميقة وكبيرة وخطيرة للغاية".
وأضاف خامنئي أن "أعداء" إيران صرفوا "أموالا هائلة لهذه المؤامرة"، قائلا إنهم كانوا ينتظرون فرصة مناسبة "للتخريب والقتل، وبعد مسألة البنزين تصوروا أن الفرصة سانحة فحركوا عناصرهم"، بحسب قوله، مؤكدا أن "هذا الحراك تم إفشاله من خلال الشعب".
وقال المرشد الإيراني إن قوات الشرطة والباسيج والحرس "قامت بواجبها في هذه المواجهة الصعبة"، إلا أنه اعتبر أن "الحراك الميداني للشعب كان أهم"، في إشارة إلى المسيرات التي خرجت دعما للحكومة الإيرانية وانتهت إلى مسيرة طهران، الإثنين الماضي.
وتابع خامنئي أن "الاستكبار العالمي بصفته العدو الحقيقي فهم معنى هذا الحراك"، مضيفا أنهم "تلقوا ضربة موجعة وأجبروا على التراجع".
وأشاد خامنئي بقوات التعبئة (الباسيج)، معتبرا أنه بسبب هذه القوات "تحولت التهديدات إلى فرص"، وقال إنها "أكبر شبكة ثقافية واجتماعية وعسكرية في العالم". 


بالمقابل، ذكر مندوب استخبارات الحرس الثوري الإيراني، خلال جلسة لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، بحسب صحيفة "اعتماد"، أن الاحتجاجات كانت نتيجة تخطيط الجهات المناهضة للثورة الإسلامية، إلا أنه انتقد اختيار هذا التوقيت لرفع أسعار البنزين، معتبرا أنه "غير مناسب"، وهذا ما يشترك فيه منتقدو حكومة الرئيس حسن روحاني، منهم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي. 

وأوردت صحيفة "اعتماد" أن النائب نقوي حسيني نقل عن السلطات الأمنية والعسكرية المشاركة في الجلسة، قولها إن "التقديرات الأمنية لمختلف الأجهزة كانت تؤكد أن الظروف الراهنة ليست مناسبة لتنفيذ الخطة، لكن عندما تم إقرارها وبدأ تطبيقها، وظفنا كافة الإمكانيات والقدرات لخدمة ذلك".
ولم تنف هذه السلطات احتمال استئناف الاحتجاجات في البلاد، قائلة "إن هذه الأحداث ليست الأخيرة ومن الممكن أن نشهد حوادث مشابهة مستقبلا".

إحصائيات الداخلية الإيرانية

وفي الشأن نفسه، دافع وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، الذي كُلف بتنفيذ خطة ترشيد أسعار البنزين، عن هذه السياسة خلال برنامج تلفزيوني، مساء أمس الثلاثاء، مقدما شرحا عنها، وقال إن الحكومة الإيرانية كانت تعتزم رفع أسعار البنزين في الأشهر الأولى من العام 2018 "ووظفت جميع إمكانياتها لتعديل سعر المحروقات، لكنه تم تأجيل الخطوة بسبب الأحداث التي وقعت في ديسمبر (كانون الأول) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018".
وبعدها، قررت الحكومة عدة مرات زيادة الأسعار، منها قبل عدة أشهر، لكن الخطة اكتشفت قبل تنفيذها، وخشية من اصطفاف المواطنين أمام محطات الوقود والقيام بتخزينه وبسبب مخاطر ذلك، تم تأجيل التنفيذ مرة أخرى، وفقا لرحماني فضلي.
وأشار وزير الداخلية الإيراني إلى أن الخطة لم تكتشف هذه المرة قبل تنفيذها ومجالس تأمين المحافظات وقوات الأمن والشرطة كانت مستعدة لتطبيقها، قائلا إنه "حتى الساعة 12:30 ليلة الخميس/الجمعة (أي بعد نصف ساعة من تنفيذ المشروع)، لم تتناول ذلك أي وسيلة إعلامية أجنبية، لكن بعد هذه الساعة بدأ نشر الأخبار وعمليات التحريض الإعلامي".
ولفت الوزير إلى أنه "لو جرى الإعلان عن الخطة مسبقا، لكانت هناك تحريضات أكبر وأيضا خسائر أكثر"، محاولا بذلك الرد على الانتقادات بشأن عدم تحضير الرأي العام المحلي لإقناعه بتطبيق رفع أسعار البنزين.
وعزا رحماني فضلي أعمال التخريب الواسعة أثناء الاحتجاجات إلى "تحريض وسائل الإعلام الأجنبية... والتدخلات الخارجية"، مشيرا إلى أن "مجموعات مكونة من خمسة أو ستة أشخاص بوجود امرأة بينهم كانت تحرض الناس"، قائلا إنها "كانت تحمل زجاجات حارقة وقامت باحراق الممتلكات العامة والخاصة".



واتهم الوزير الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وإسرائيل بـ"التدخل المباشر والسافر" في الاحتجاجات، قائلا إنها دعمت "أعمال الشغب وحرضت عليها"، مشيرا إلى نشاط عناصر من "منظمة مجاهدي خلق"، وأنصار الملكية و"تكفيريين".

وقال إن عدد جرحى قوات الشرطة والباسيج خلال الاحتجاجات "كان ضعف عدد المصابين من المحتجين والأشرار"، كاشفا عن "الهجوم على 50 مقرا عسكريا".
وأشار وزير الداخلية الإيراني إلى إحراق 34 سيارة أسعاف و731 بنكا و140 مكانا عاما و9 مؤسسات دينية و70 محطة بنزين و307 سيارات شخصية و183 سيارة عسكرية و1076 دراجة نارية شخصية، خلال الاحتجاجات. ولفت إلى أن عدد المشاركين في الاحتجاجات راوح بين 130 ألفا و200 ألف شخص في أنحاء البلاد.
وفيما لم يتحدث الوزير الإيراني عن أرقام القتلى والجرحى، لكن تقارير رسمية أشارت، خلال الأيام الماضية، إلى مقتل 5 من قوات الشرطة والباسيج، ومقتل 5 من المتظاهرين، كما أن منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، أعلنت في آخر تقرير لها بشأن الأحداث الأخيرة في إيران، نشرته الإثنين الماضي، أنه "وفقاً لتقارير موثوق بها (...) بلغ عدد القتلى 143 شخصاً على الأقل. وقد نجمت جميع الوفيات تقريباً عن استخدام الأسلحة النارية".​

هيومان رايتس ووتش: إيران تتستر على حجم القمع الجماعي

من جهتها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، السلطات الإيرانية "بالتستر المتعمد" على أعداد القتلى والمعتقلين خلال قمع التظاهرات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد في منتصف هذا الشهر.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات "تعمدت التستر على حجم القمع الجماعي ضد المتظاهرين" ودعتها إلى "الإعلان فوراً عن عدد الوفيات والتوقيفات وحالات الاحتجاز (...) والسماح بإجراء تحقيق مستقل في ما تردد عن حدوث تجاوزات".
وانتقد نائب مدير المنظمة في الشرق الأوسط مايكل بيج إيران لأنها "رفضت تقديم العدد الدقيق للقتلى وبدلاً من ذلك هددت المعتقلين بالموت".
وقالت هيومن رايتس ووتش، في بيان، إن جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، قدرت عدد القتلى بما لا يقل عن 140 شخصاً وعدد المعتقلين بنحو سبعة آلاف شخص خلال الاحتجاجات.

المساهمون