منذ بدء المرحلة الانتقالية في اليمن، عقب الثورة الشعبية في عام 2011، تسلمت الأمم المتحدة، إلى حدٍ كبير، ملف الحوارات السياسية، ابتداءً من المبعوث الأول جمال بن عمر ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي انعقد لعشرة أشهر اعتباراً من 18 مارس/آذار 2013. ومع تصاعد الحرب، عقب انقلاب الحوثيين وحلفائهم أواخر عام 2014 وتدخل التحالف في العام الذي تلاه، تحولت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة، إلى السبيل الإجباري والوحيد، لكل جهود السلام، باعتبار أن المنظمة تمثل المجتمع الدولي الفاعل في البلاد، في ظل الحرب الدامية والأوضاع بالغة التعقيد، والتي تكاد تنعدم فيها نقاط الالتقاء بين الأطراف.
في المبدأ، ليس من المنطقي ولا من الإنصاف، إلقاء مسؤولية التعقيدات اليمنية وتعثر الوصول إلى حلٍ سلمي في البلاد، على "الوسيط" الدولي، لكن ذلك لا يجب أن يمنع الخوض في ما إذا كانت الإخفاقات المرتبطة بدور الأمم المتحدة تضيف تعقيدات إلى مسار الأزمة، وليست التعبير الدائم عن "النوايا الحسنة" وما سواها يتحمل المسؤولية عنه اليمنيون.
وذكرت الحكومة اليمنية في الرسالة التي بعثها الرئيس عبدربه منصور هادي، أخيراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن "التجاوزات" التي اتهم المبعوث الأممي بارتكابها، تهدد بـ"انهيار فرص الحل"، الأمر الذي يتنافى مع دور المنظمة الدولية المفترض في "تيسير" السلام لا وضع العقبات في طريقه.
بصرف النظر عن تفاصيل الاتهامات التي وجهتها الحكومة للمبعوث الأممي مارتن غريفيث أو تلك التي وجّهها سابقاً الحوثيون ضد المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بات واضحاً أن دور الأمم المتحدة يتطلب نوعاً من المراجعة، على الأقل بما يعزز من قدرتها كـ"وسيط"، على العمل نحو الحل المتعثر منذ سنوات، ولعل من أبرز التعقيدات التي يضيفها هذا الدور، التضارب بين المصالح الدولية التي تحرك جهود المنظمة الدولية (والحرب عموماً) وبين مصالح الداخل اليمني، أو ما يقتضيه طريق الوصول إلى حل دائمٍ ينهي الحرب الدائرة في البلاد ويعيد إليها الأمن والاستقرار.