السفارة الإسرائيلية والسياج

04 نوفمبر 2015
حرمان المعتصمين الأردنيين من المساحة للاعتصام (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
من جديد، تعتدي الحكومة الأردنية على حق المواطنين في الاعتصام بالطرق السلمية للتعبير عن رأيهم، المكفول بموجب الدستور، والمنصوص عليه في الاتفاقيات والمواثيق الدولية الملزمة التي وقّع عليها الأردن. على غرار سوابقها في استلاب هذا الحق، لجأت إلى حل "إبداعي" مجرَب، يقوم على حرمان المعتصمين من المساحة اللازمة لتنفيذ اعتصامهم، عبر تسييجها بما يعيق الوصول إليها، أو إعادة تأهيلها لتصبح غير جاهزة لاحتشاد عدد كبير من المواطنين.

بعد أن أنجزت الحكومة في عام 2012 إعادة تأهيل دوار الداخلية الذي شهد الاعتصام المفتوح الوحيد خلال موجة الربيع الأردني، لتطمس ذاكرة المكان الذي أصبح بعد التأهيل غير قادر على استيعاب تجمع عشرات المواطنين، وبعد أن أحاطت الدوار الرابع المقابل لدار رئاسة الوزراء بسياج حديدي يحول دون بقاء الدوار نقطة تجمع للمطالبين بحقوقهم، ها هي تسيّج ساحة مسجد الكالوتي، إحدى أكثر الساحات رمزية، ذلك أنها تقع مقابل مقر السفارة الإسرائيلية في عمّان، والمعروفة بأنها النقطة الأقرب التي يسمح للمعتصمين ضد وجود السفارة بالوصول إليها.

سياج الحكومة، المقرر أن يضع حداً للاعتصام مقابل السفارة، تزامن مع التوتر السياسي الذي تعيشه العلاقة الأردنية - الإسرائيلية على خلفية الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى الواقع ضمن الوصاية الأردنية على المقدسات في المدينة القديمة، كما يأتي السياج في أعقاب تصريحات أردنية بدأها الملك عبدالله الثاني، يحذر فيها من مخاطر الممارسات الإسرائيلية على مستقبل العلاقات الأردنية - الإسرائيلية، ويأتي مع استمرار الغضب الشعبي على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، وأخيراً يوضع على وقع تغني الحكومة الأردنية بصون حقوق وحريات المواطنين. تَسييِجُ الساحة التي احتضنت مئات وربما آلاف الاعتصامات المطالبة بإغلاق السفارة وإلغاء معاهدة السلام، من دون أن تحقق أهدافها، يثير تساؤلات حول حقيقة التوتر بين الأردن وإسرائيل، وحدود الغضب، ومدى احترام الدولة لتوجهات الشعب وحقوقه السياسية، لكنه يعطي مؤشراً على المكانة التي تحتلها المعاهدة في وجدان النخبة الحاكمة. وبالنظر إلى السياج بعد إنجازه، فإنه يبدو فائضاً عن الحاجة، خاصة أن سياجاً من الأمن لن يفكك من محيط السفارة.
المساهمون