وفي الوقت الذي اعتبر فيه مراقبون للشأن العراقي أن التهديدات المحتملة التي أعلنت عنها السفارة الأميركية تأتي في إطار الأزمة السياسية الحاصلة في العلاقات الأميركية-الإيرانية واتهام واشنطن لطهران بإصدار أوامر لمليشيات عراقية لضرب مصالحها في العراق، إذا ما تدخلت أميركا عسكرياً في سورية.
وأعلنت السفارة الأميركية في العراق عن تلقيها لتهديدات وصفتها بـ"ذات مصداقية" عن هجمات محتملة على فنادق في بغداد يرتادها الغربيون معلنة وضعها لإجراءات أمنية لتحديد حركة أفراد بعثتها في العراق.
وأكدت السفارة أنها "قامت بتحديد حركات أفراد بعثتها رداً على هذه التهديدات الشخصية لموظفيها في العراق بما يكفي لتطلب منهم العمل في إطار المبادئ التوجيهية الأمنية المشددة".
وشددت السفارة في بيانها أنه "على جميع موظفي البعثة الأميركية أن يتبعوا إجراءات الأمن والسلامة الصارمة عند السفر خارج السفارة والقنصليات"، مشيرة إلى أنه "قد تتغير السياسات الأمنية الداخلية لبعثة الولايات المتحدة في العراق في أي وقت دون إشعار مسبق".
وأضافت أنها "سوف تقيد بانتظام أو تمنع تحركات موظفيها، في كثير من الأحيان في وقت قصير، وذلك بسبب التهديدات الأمنية أو المظاهرات التي يشهدها العراق".
وتابع بيان السفارة "يجب على مواطني الولايات المتحدة الحفاظ على شعور عال من الوعي الأمني واتخاذ التدابير الملائمة لتعزيز أمنهم الشخصي في جميع الأوقات عند الذين يعيشون ويعملون في العراق".
إلى ذلك قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، لـ"العربي الجديد" إن "القوات العراقية الأمنية أخذت كل الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن في بغداد بما في ذلك حماية الأماكن العامة والفنادق والبعثات الدبلوماسية ضمن الإجراءات الأمنية المعتادة التي تتخذها القوات الأمنية بعد الهجمات الإرهابية التي تبناها تنظيم داعش في العراق".
وحول مصداقية التحذيرات التي أطلقتها السفارة الأميركية في العراق، أضاف معن: "كان الأجدر بالسفارة الأميركية أن تتعامل مع الجهات الحكومية الأمنية، وتقدم ما لديها بشكل رسمي للحكومة العراقية للتعامل مع هذه التحذيرات".
هذا وقد أعلن مصدر أمني في قيادة شرطة بغداد لـ"العربي الجديد" أنه "يرجح قيام قوات الشرطة والجيش في العاصمة بغداد بإغلاق عدد من الطرق المجاورة لفنادق المنصور وميليا وفلسطين وسط بغداد استجابة للتحذيرات التي أطلقتها السفارة الأميركية في العراق".
وقد أفادت مصادر محلية في بغداد بأن "قوات الجيش العراقي والشرطة اتخذت إجراءات أمنية مشددة حول المنطقة الخضراء التي تضم مبنى السفارة الأميركية وعددا من السفارات العربية والغربية فيما حلقت فوق المنطقة الخضراء في بغداد طائرات استطلاع مسيرة وطائرات مروحية تابعة للسفارة الأميركية لفترات طويلة".
وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إنّ "العاصمة العراقية شهدت صباح اليوم انتشارا أمنيا لقوات سوات والشرطة الاتحادية، في عدد من المناطق الحساسة"، مبينين أنّ "الإجراءات ركّزت على بوابات المنطقة الخضراء، والفنادق القريبة منها في شارع السعدون والصالحية".
وأضافوا أنّ "القوات مدججة بالأسلحة المختلفة، وانتشرت في محيط تلك المناطق، وتسببت بزخم مروري كبير".
من جهته، أكد ضابط في قيادة عمليات بغداد، أنّ "القيادة وجهت كافة مفارزها الأمنية بالانتشار الفوري منذ ليلة أمس، ونصب حواجز مراقبة وتفتيش في عدد من المناطق".
وقال الضابط، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "التوجيهات صدرت في ساعة متأخرة من ليل أمس، عقب اجتماع لقادة قيادة العمليات، لدراسة التهديدات التي تحدثت عنها السفارة الأميركية"، مبينا أنّ "قادة العمليات دخلوا حالة إنذار، ووجه قائد العمليات بتواجدهم ومتابعتهم شخصيا للإجراءات الأمنية، وقد انتشروا فعلا مع القوات المنتشرة".
وأضاف أنّ "الخطة تضمّنت أيضا تعزيز مداخل ومخارج بغداد من كافة الجهات، وتشديد إجراءات الدخول للعاصمة، من جهات ديالى والأنبار وصلاح الدين والمحافظات الجنوبية، بالتنسيق مع الجهات الأمنية المتواجدة فيها، كما تضمنت الخطة أيضا تنفيذ عمليات دهم وتفتيش في المناطق التي توجد إزاءها إشارات أمنية"، مبينا أنّ "الانتشار الأمني اليوم بلغ أعلى درجاته، وأنّ العاصمة شهدت ازدحامات مرورية واختناقات بسبب تلك الإجراءات".
في غضون ذلك، أعلنت قيادة العمليات، "ضبط كميّات من المواد المتفجرة وقذائف الهاون بمناطق متفرقة من العاصمة".
وقالت القيادة في بيان صحافي، إنّ "القوات الأمنية نفّذت واجبات تفتيش ودهم في منطقة بستان ناجي داود شمال بغداد، وضبطت فيها مواد متفجرة من مادة c4، كما ضبطت في قاطع أبو غريب غربي بغداد قذائف مدفع وهاون مختلفة مع قنابل يدوية"، مؤكدة "ضبط عبوات ناسفة مختلفة في حي المرتضى جنوبي بغداد".
يشار إلى أن مليشيات الحشد الشعبي كانت قد دعت إلى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، وطرد الأميركيين المتواجدين خارج العراق، وذلك على لسان المتحدث الرسمي باسمها أحمد الأسدي.
وقال الأسدي: "بعد قرار الرئيس الأميركي بمنع دخول المواطنين العراقيين إلى الولايات المتحدة، نطالب بمنع دخول الأميركيين إلى العراق وإخراج المتواجدين منهم من كافة الأراضي العراقية".
مراقبون للشأن العراقي قالوا إن السفارة الأميركية في العراق لديها معلومات مؤكدة عن نية مليشيات عراقية منضوية في الحشد الشعبي استهداف المصالح الأميركية والبعثات الدبلوماسية في العراق وغيره من البلدان العربية، استجابة لأوامر قيادات عسكرية إيرانية من قوات الحرس الثوري وذلك في إطار التصعيد في العلاقات وتراشق التصريحات بين الرئيس الأميركي ترامب والمسؤولين في طهران".