السعوديتان الهاربتان في هونغ كونغ طلبتا اللجوء إلى بلد ثالث

23 فبراير 2019
الشقيقتان الهاربتان (أنطوني والاس/ فرانس برس)
+ الخط -
طلبت شقيقتان سعوديتان هاربتان من المملكة العربية السعودية، ومتخفيتان في هونغ كونغ منذ قرابة ستة أشهر، اللجوء إلى بلد ثالث رفضتا تسميته، خوفاً من متابعة سلطات الأمن السعودي لهما.

وتسعى الشقيقتان إلى إيجاد حل قانوني ونهائي لوضعهما، خصوصاً أن مهلة بقائهما في هونغ كونغ تنتهي يوم 28 فبراير/ شباط الجاري، أي بعد خمسة أيام.

وذكرت الفتاتان أنهما اعتنقتا ديناً آخر غير الإسلام، وتخشيان من مواجهة عقوبة الإعدام في حال عودتهما. ويحكم على المجدف أو المرتد بالسجن أو الإعدام في بعض الدول المسلمة، بينها السعودية. 

وأكدت الشقيقتان تغيير مواقع إقامتهما 13 مرة في هونغ كونغ حتى الآن، بين فنادق وملاجئ ومنازل أفراد يقدمون لهما الدعم، وفي بعض الأحيان يقيمون ليلة واحدة فقط في مكان معين، لضمان سلامتهما، وخوفاً من ضبطهما وإعادتهما قسراً إلى المملكة العربية السعودية.

وحين سُئلتا عما سيحدث في 28 فبراير/ شباط، وانعدام إمكانية بقائهما في هونغ كونغ بشكل قانوني، قالت الشقيقتان إنهما لا تملكان أي فكرة حتى الآن.

وأشارت "رويترز" إلى أن الفتاتين اللتين اختارتا الاسمين المستعارين ريم وروان للتمويه، لم تعترضا على التقاط صورة لهما، بشرط عدم الكشف عن وجهيهما.

وأشارتا إلى أن خطة هربهما تعود إلى عام 2016، وأنهما جمعتا نحو خمسة آلاف دولار من أجل تنفيذ خطتهما. ولفتت ريم وهي الكبرى، وعمرها 21 عاماً، إلى اختيار توقيت الهرب بدقة ليتزامن مع بلوغ روان 18 عاماً حتى تتمكن من التقدم بطلب للحصول على تأشيرة زيارة إلى أستراليا من دون موافقة ولي أمرها. ولم ترد القنصلية السعودية في هونغ كونغ على الطلبات المتكررة من "رويترز" للتعليق.

وتعتبر حالة الهروب للشقيقتين السعوديتين الثانية البارزة هذا العام، بعد هرب رهف القنون وحصولها على اللجوء إلى كندا، ما يسلط الضوء على النظم الاجتماعية الصارمة في المملكة، بما في ذلك شرط حصول الإناث على إذن من "ولي الأمر" الذكر للسفر.

وجاءت الفرصة في سبتمبر/أيلول الماضي، حين سافرت العائلة لقضاء عطلة في سريلانكا. وأثناء نوم الوالدين، حصلت الشقيقتان على جوازي سفرهما واستقلتا رحلة من كولومبو إلى هونغ كونغ. لكن المتاعب كانت بانتظارهما هناك حيث ذكرتا أن عدة رجال اعترضوا طريقهما في مطار هونغ كونغ، حاول أحدهم خداعهما للصعود على متن رحلة كانت عائدة إلى الرياض. وأفادتا أنه تم إلغاء حجزهما على متن الرحلة المقبلة المتوجهة إلى ملبورن بينما علمتا لاحقاً أن الرجل كان القنصل العام السعودي في هونغ كونغ. 

خوف من إعادتهما بالقوة

وأوضحت الفتاتان أن إقدامهما على الهرب سببه الضرب الذي تتعرضان له على أيدي إخوتهما ووالدهما.

وتحدثتا اليوم السبت عن عيشهما "حياة قمعية وغير سعيدة في منزلهما بالعاصمة السعودية الرياض". وقالتا لـ"رويترز" إن كل قرار يجب أن يوافق عليه الرجال في منزلهما، من الملابس إلى تصفيفة الشعر وكل ما تقومان به من لحظة الاستيقاظ وحتى الذهاب للنوم.

وقالت الأخت الصغرى روان "كانوا مثل السجان، وأنا السجينة"، مشيرة إلى شقيقيها، وعمرهما 24 و25 عاماً، وكذلك والدها. كما أشارتا إلى تشجيع شقيقهما البالغ من العمر عشر سنوات على ضربهما.

وقالت الشقيقة الكبرى ريم: "كنا في الواقع نعيش عبودية حديثة. لا يمكننا الخروج من المنزل إلا إذا كان شخص ما معنا. أحيانا نبقى لأشهر من دون أن نرى الشمس".

وتضم العائلة شقيقتين أخريين بعمر خمسة أعوام و12 عاماً. وقالت ريم إنها وشقيقتها ينتابهما شعور فظيع لتركهما، على الرغم من أنهما يأملان أن تحصل عائلتهما على درس من هذا الأمر، ربما يساعد على تغيير حياة الصغيرتين نحو الأفضل.

وقالت ريم إنها درست الأدب الإنكليزي في الرياض، وهي تحلم بأن تصبح كاتبة في يوم من الأيام: "نعتقد أنه من حقنا أن نعيش مثل أي إنسان آخر".

وقال المحامي، مايكل فيدلر، إن الشقيقتين تمكنتا من مغادرة مطار هونغ كونغ، لكن المسؤولين القنصليين ألغوا جوازات سفرهما منذ ذلك الحين، وأصبحتا محاصرتين في المدينة لما يقرب من ستة أشهر.

وازدادت مخاوفهما بعدما علمتا من محاميهما أن جوازيهما ألغيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو ما تركهما من دون أوراق ثبوتية. ورفضت القنصلية السعودية في هونغ كونغ التعليق على القضية ردا على أسئلة بهذا الصدد. لكن الفتاتين قالتا إنهما تخشيان من إعادتهما إلى السعودية. وقالت ريم "إما سنُقتل لأنهم (أفراد العائلة) يريدون غسل العار الذي لحق بهم لأننا غادرنا بمفردنا، أو سيجبروننا على الزواج من (...) أحد الأقارب"، بحسب "فرانس برس".

تعقّب عبر تطبيق "أبشر" 

وتشتبه الشقيقتان أن والدهما تعقّب تحركاتهما باستخدام تطبيق "أبشر" المثير للجدل والذي يقدم خدمات إلكترونية حكومية لكنه يسمح أيضا للرجل بمراقبة سفر قريباته. ويشير منتقدون إلى أن التطبيق يسمح بارتكاب انتهاكات بحق النساء بينما دعا النائب الأميركي رون وايدن شركتي "غوغل" و"آبل" إلى إزالته من هواتفهما الذكية.

وأوضحت الشقيقتان لوكالة "فرانس برس" إن معلومات جوازي سفريهما كانت مخزّنة في التطبيق ولربما استخدمها والديهما لتعقّب الرحلات التي قامتا بحجزها. وتعتقدان كذلك أن عمهما قد يكون ساعد في دفع المسوؤلين القنصليين للتحرك من خلال علاقاته في الأوساط الحكومية. ودخلت الشقيقتان مدينة هونغ كونغ زائرتين خشية تعرضهما "للخطف بالقوة". 

(رويترز، فرانس برس)
المساهمون