السعودية والكويت: خلاف يُهدر نصف مليون برميل نفط يومياً

05 اغسطس 2015
من المتوقع أن تكون الأزمة أكثر تأثيراً على الكويت(Getty)
+ الخط -
لا يزال الخلاف سارياً بين السعودية وجارتها الكويت، حول إنتاج النفط في المنطقة المحايدة بين البلدين، والذي أسفر عن توقف العمل في الآبار التي تنتج أكثر من 500 ألف برميل من النفط يومياً، فيما قللت الكويت من حدة الأزمة، رغم تلميحاتها بأن موقف السعودية من المفاوضات "صلب وشرس".
وقال وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد الصباح، الذي يترأس وفد بلاده إلى السعودية لإجراء مفاوضات في شأن الأزمة، أمس الثلاثاء، إن الخلافات الموجودة "هي خلافات أسرة واحدة، وهي خلافات فنية لا سياسية"، مشيراً إلى أن مواقف المسؤولين السعوديين في الاجتماعات التي تعقد في هذا الشأن "لا تزال صلبة وشرسة".
تأتي تصريحات محمد الصباح، كأول رد فعل حكومي بعد تسريب رسالة من وزير النفط الكويتي علي العمير الأسبوع الماضي إلى نظيره السعودي علي النعيمي حمّل فيها الحكومة السعودية مسؤولية الخسائر التي تتعرض لها الكويت نتيجة إغلاق حقلي (الخفجي) و(الوفرة).
فيما وجهت بلدية الأحمدي إنذارات إلى الشركات المتعاقدة مع شركة شيفرون السعودية، تطالبها بإزالة مواقعها، معتبرة "وجودها تعدياً على أملاك الدولة"، وجاءت هذه الخطوة بعد أشهر من تعطيل الأجهزة الكويتية لتأشيرات العمل لموظفي شيفرون السعودية، ووقف إدخال آلات ومعدات لمصلحتها، ما اضطر الشركة السعودية لوقف العمل في الحقل النفطي.
وقال مصدر في وزارة البترول السعودية لـ "العربي الجديد"، إن الجانبين لم يحرزا أي تقدم جيد لحل الخلاف السعودي الكويتي، مرجحاً أن تكون الأسابيع المقبلة "حاسمة".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام: "لم يقدموا (الكويتيين) أية مقترحات جديدة حول إعادة إنتاج النفط، لهذا العمل متوقف تماماً منذ أسابيع، وهذا الأمر يشكل خسارة كبيرة للطرفين".

ولم تتأثر الكويت الأقل إنتاجاً، إلى الآن بنقص الإنتاج على الأقل فيما يتعلق بالمشتقات، وقال رئيس المصفاة الكويتية الرابعة للنفط خالد العوضي، لـ "العربي الجديد" إن إيقاف العمل في المنطقة المتنازع عليها بين السعودية والكويت لم يؤثر على إمداد المصفاة من النفط. وأضاف: "العمل مستمر على ذات الوتيرة دون تغيير، لم يكن هناك أي تأثير على المصفاة ولم يكن هناك أي نقص في إمدادات النفط".

نافذة سعودية

ولا يرى رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية في السعودية، راشد أبانمي، أفقاً لحل الأزمة، معتبراً أن الأمور مرشحة للتطور السلبي. ويقول لـ "العربي الجديد": "الأزمة بدأت بشكل صغير واستمرت في التطور إلى أن توقف الإنتاج تماماً في الخفجي والوفرة"، ويحمل أبانمي، الكويت مسؤولية التصعيد، مشدداً على أنهم هم من بدأ المشكلة، لأنهم يرفضون تمديد الامتياز لشركة شيفرون في حقول الوفرة.
وأضاف: "لم يعترف الجانب الكويتي بالعقد السعودي الجديد، وصادرت الحكومة الكويتية ممتلكات الشركة بعد منعها من تصدير النفط".
ويعتقد أبانمي، على أن الضرر الأكبر سيقع على الجانب الكويتي، فالطرفان يستغلان الآبار الموجودة في المنطقة بالتساوي، ولكن السعودية لديها قدرة على التعويض من آبار أخرى عكس الكويت.

اقرأ أيضا: الخليج يتقشف

والسعودية هي أكبر منتج للنفط في العالم بكميات تتجاوز 10 ملايين برميل يومياً، فيما لا يتخطى إنتاج الكويت ثلاثة ملايين برميل يومياً، والبلدان عضوان في منظمة "أوبك".
وبحسب رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية فقد تم تقسيم المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت في عام 1964 عند منطقة النويصيب، فصار الجنوب تحت المسؤولية الإدارية للسعودية، والشمال تحت إدارة الكويت، فيما استمر باطن الأرض الذي يحتوي كميات هائلة من النفط مشاعاً، من الخفجي في البحر والوفرة على اليابسة.

وجهة نظر كويتية

ويرى الخبير النفطي الكويتي عبدالله السبيل أن أساس المشكلة هو أن الكويت لم تكن راضية عن تمديد السعودية لامتياز شيفرون في عام 2009 حتى عام 2039. وقال لـ "العربي الجديد": "وقعت السعودية عقد التمديد دون استشارة الكويت، وهذا أغضب الجانب الكويتي، فالشركة ترفض أن تلبي طلبات العمل الكويتية".
ويُلقي الكويتيون باللوم على شركة شيفرون العربية السعودية، ممثلة الجانب السعودي في العمليات المشتركة، لأنها رفضت فتح ملف لها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحت مظلة شريكتها الشركة الكويتية لنفط الخليج، حالها حال الشركات النفطية الأجنبية العاملة بالكويت، لتسهيل إجراءات عمالتها على الأراضي الكويتية بعد تجديد امتيازها من قبل السعودية في العام 2009.
واعتبرت مصادر كويتية أن حل المشكلة ببساطة يتلخص في فتح ملف لشركة شيفرون السعودية كشركة أجنبية، وعودة ميناء الزور للسيادة الكويتية باعتباره حقاً لا خلاف حوله بين الشركاء.

مساعي حل الخلاف

وحاولت السعودية والكويت حل خلافهما أكثر من مرة بهدف إعادة الإنتاج في المنطقة المحايدة، غير أن الخلاف ظهر للسطح في مايو/أيار الماضي، ومازالت المباحثات جارية لحل الأزمة والتوصل إلى اتفاق يعيد الإنتاج للخفجي والوفرة.
وجرى إغلاق حقل الوفرة في 11 مايو/أيار للمرة الأولى لمدة أسبوعين لإجراء أعمال صيانة ولكن في 27 مايو/أيار قالت متحدثة باسم شركة النفط الأميركية شيفرون إن "حقل الوفرة سيظل متوقفاً لحين حل المشكلات التي تعوق التشغيل"، وكشفت الشركة عن أنها عجزت عن حل نزاعات مع الكويت تتعلق أساساً بحقوق التشغيل.
إلا أن مصادر نفطية أكدت لـ "العربي الجديد" على أن الخلاف بدأ فعلياً في عام 2007، بعد أن ضاعفت الكويت من إنتاجها من الحقل المشترك بين البلدين.
وسيتسبب إيقاف العمل في الحقل، بمشاكل مالية كبيرة للكويت، خاصة بعد عودة أسعار النفط للهبوط لتلامس أدنى مستوى لها منذ ستة أشهر، نتيجة ظهور بيانات تؤكد تباطؤ الطلب في الصين في حين يتجه الخام لتسجيل أضعف أداء في الربع الثالث منذ 2008.

اقرأ أيضا: عجز الخليج المالي..ملفات حساسة وخيارات صعبة
المساهمون