السعودية: مبالغة في تحذيرات الإفلاس

20 أكتوبر 2016
تسعى السعودية للتقليص الاعتماد على النفط (مروان نعمان/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت تصريحات مسؤول سعودي حول حتمية إفلاس المملكة بحلول نهاية العقد الجاري، قبل الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، مخاوف المواطنين، وهو ما تُرجم في تصدر وسم يتناول هذه الأزمة، مواقع التواصل الاجتماعي أمس الخميس.
وقال نائب وزير الاقتصاد السعودي، محمد التويجري، في لقاء تلفزيوني مساء أول من أمس، إن إفلاس المملكة كان أمراً حتمياً في غضون ثلاثة إلى أربعة أعوام بسبب تراجع أسعار النفط عالمياً، وتناقص الاحتياطي وعدم القدرة على الاقتراض.
وقال المسؤول السعودي، خلال مشاركته في برنامج "الثامنة" على قناة "إم بي سي": "لو استمر سعر البترول عند 40 إلى 45 دولاراً، ولم تُتخذ إجراءات وقرارات اقتصادية وترشيد، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية السيئة، فإن إفلاس المملكة أمر حتمي خلال 3 إلى 4 سنوات، وهو أمر محسوب، نظراً لتذبذب الدخل الوحيد وتناقص الاحتياطي وعدم القدرة على الاقتراض".
وتتفق تصريحات التويجري مع تأكيدات سابقة لولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي قال في لقاء مع وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية قبل أشهر: "إن السعودية ستصل إلى الإفلاس التام في أوائل عام 2017 لو لم تغير سياساتها الاقتصادية".
غير أن مراقبين ماليين اعتبروا أن التحذيرات من إفلاس البلد الأكبر تصديرا للنفط في العالم، تحمل مبالغة، معترفين بأن مالية الدولة كانت تعاني من مشاكل وهدر كبير، لكن لا تصل لمستوى الإفلاس الكامل، حتى مع ارتفاع الديون الداخلية والخارجية بنهاية أغسطس/آب الماضي لنحو 73 مليار دولار.
وقال المحلل المالي طلعت حافظ، وهو أمين لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية: "المالية تعاني، ولكن ما زالت تملك احتياطيات نقدية هائلة يصعب معها التعاطي مع احتمالية الإفلاس خلال بضع سنوات".
وأضاف حافظ لـ "العربي الجديد"، أن متوسط مستوى الديون عالميا يقترب من 70% من إجمالي الناتج المحلي للدول، فيما لا يتجاوز إجمالي الدين السعودي 10% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يعني أن المملكة لديها قدرة على اقتراض نحو 424 مليار دولار، لتصل إلى متوسط التداين الحكومي عالمياً.
واعتبر حافظ، أن القرارات التي اتخذتها المملكة مؤخرا، وضعت البلاد على طريق الإجراءات التصحيحية التي طال انتظارها.



وبين أهم القرارات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة مؤخرا، إلغاء جزء كبير من بدلات الموظفين الحكوميين، ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء والمياه وعدد من الخدمات الحكومية.
ويقدر محللون أن توفر هذه الإجراءات نحو 37 مليار دولار سنويا للمملكة، منها 22.5 مليار دولار من إلغاء البدلات والعلاوات السنوية وتحويل دفع الرواتب للأشهر الميلادية، ونحو 12 مليار دولار من الرسوم والتعريفات الجديدة للخدمات.
ويعتقد المحلل المالي ربيع سندي، صعوبة التسليم بإفلاس المملكة في سنوات قليلة، خاصة في ظل التغيير الملحوظ على السياسية الاقتصادية والمتمثل في برنامج التحول الوطني.
وقال سندي لـ "العربي الجديد"، إن المملكة قامت بعدة تغييرات جذرية لن تساهم في تقليص النفقات ودعم الإيرادات وحسب، بل تقلص من هدر الثروات الحاصل في أكثر من قطاع، خاصة الطاقة.
وأثارت تصريحات التويجري جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أطلق ناشطون وسما بعنوان: "#إفلاس_السعودية_بعد_3_سنوات".
ونشر الكاتب الصحافي السعودي والمدير العام لقناة "العرب"، جمال خاشقجي، تغريدة في موقع "تويتر" انتقد فيها عدم دقة الوسم، قائلاً: "لم يقل التويجري وهو اقتصادي محترف، بإفلاس السعودية بعد 3 سنوات، إنما قال سيحصل ذلك لو لم نشرع بالإصلاحات الجارية وتوقع بعدها رخاء ونماء".
وأوضح، في تغريدة ثانية، أن "المقصود بالإفلاس، استهلاك الاحتياطي فينخفض سعر الريال ويستحيل الاقتراض ويذهب كل الدخل لبند الرواتب فتتوقف دورة الإنتاج".
وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي عصام الزامل، في تغريدة عبر "تويتر": "المقصود بالإفلاس هنا. أن الدولة ستستهلك أغلب احتياطاتها الأجنبية. بالتالي لن تستطيع الحفاظ على سعر صرف الريال".
من جهته، قال وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، خلال البرنامج نفسه، إن الانخفاض الكبير والسريع في أسعار النفط أدى إلى الحاجة في تسريع اتخاذ القرارات الاقتصادية الأخيرة في المملكة، ومن ضمنها إلغاء وتعديل عدد من البدلات والعلاوات.
وبخصوص العملة المحلية، نفى الوزير السعودي وجود "أي نية لتعديل سعر صرف الريال".
وقال العساف إن "نشرات إصدار السندات الدولية تتضمن الإفصاح عن كل شيء من ضمنها أقل وأدنى المخاطر، وقد تم عندها التطرق لسعر الصرف، لكن من المؤكد، كما تم التأكيد سابقاً، أنه لا توجد أي نية لتعديل سعر صرف الريال".

المساهمون