وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ومسؤولون آخرون يتعرضون للإحراج كل مرة عندما تتم مواجهتهم بقضية قيادة المرأة، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتورط بها الرياض، وعلى رأسها انتهاكات التحالف، الذي تقوده السعودية، بحق المدنيين اليمنيين في حربها على مليشيات الحوثي وصالح.
وجاء الخطاب الخارجي السعودي، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، ليصور أن مسألة قيادة المرأة اكتشاف جديد، وتطور مهم ابتدعته القيادة السعودية فجأة دون بقية العالم، رغم أنها الدولة الوحيدة التي لم تكن تسمح بقيادة المرأة.
وقال السفير السعودي في واشنطن، الأمير خالد بن سلمان، للإعلام الأميركي: "السماح للمرأة بقيادة السيارة خطوة كبيرة، وهو ليس فقط تغييرًا اجتماعيًا، وإنما جزء من الإصلاح الاقتصادي، ولن تكون المرأة بحاجة إلى إذن وليها".
وصفّق ممثل المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، لنفسه وهو يتلو داخل قاعتها بيان منح المرأة لقيادة السيارة، رغم أن الدولة هي نفسها من منعت قيادة المرأة طوال 80 عاماً، وزجت بأعضاء حملات القيادة، في أعوام 1990 و2011 و2014، في السجن، وفصلت عدداً كبيراً منهم من وظائفهم، وهددت أزواجهم وأبناءهم.
ويقول مراقبون إن هذا القرار رغم أنه يمثل تقدماً في منح المرأة السعودية جزءًا من حقوقها المسلوبة منذ نشأة الدولة السعودية قبل ثمانية عقود؛ فإنه لا يعدو عن كونه قرارًا جاء للتغطية على الفشل الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي لولي العهد الحالي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، في محاولة منه لرفع رصيده الشعبي.
وأقدم بن سلمان على عدد من الخطوات التي قلّصت من شعبيته، كما تسببت بسخط كبير لدى أوساط الشارع السعودي؛ وأهمها السياسات النيوليبرالية المتوحشة في رؤية 2030، والتي تستهدف وضع الضرائب ورفع الدعم وخصخصة القطاعات العامة، بالإضافة إلى الفشل الذريع في حصار قطر، وغرقه في مستنقع الحرب الدموية في اليمن.
وبدأت القيادة السعودية في عهد بن سلمان بالاعتقاد أن حل المطالب النسوية، وإغلاق هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (الشرطة الدينية)، وإنشاء هيئة خاصة للترفيه، قد يخفف الضغوط الدولية عليها تجاه الاعتقالات المتكررة للمواطنين السعوديين المعترضين على الفساد المالي والفقر والبطالة وسياسة تكميم الأفواه، بالإضافة إلى وقوع عدد من الجنود والضباط قتلى وأسرى في الحرب الدائرة على الحدود السعودية اليمنية.
لكن السياسة التحررية هذه قد تجعل بن سلمان يخسر أحد أهم حلفاء الدولة التي بناها جده؛ وهم أعضاء التيار الديني، كما أن الشباب الذين سيمنحهم بن سلمان فرصة الترفيه والحرية التي كانت غائبة عنهم لن يسلموا بسهولة له، وسيكونون مشبعين بقيم الديمقراطية والتغيير، بحسب مراقبين.