أظهرت بيانات رسمية، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن السعودية خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، ما يشير إلى المخاطر المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة الخليجية الأكبر عالمياً في تصدير النفط، بسبب التراجع الحاد في أسعار الخام عالمياً منذ منتصف عام 2014، وارتفاع كلفة الحرب التي تقودها في اليمن منذ أكثر من عامين.
وتهاوى الاحتياطي العام للسعودية، إلى 617.3 مليار ريال (164.6 مليار دولار) في يوليو/تموز 2017، مقابل 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2014، وذلك وفق بيانات النشرة الشهرية الأخيرة لمؤسسة النقد العربي السعودي، والتي نشرتها على موقعها الإلكتروني.
وأشارت بيانات نشرة يوليو/تموز، إلى أن العد التنازلي لاحتياطي السعودية بدأ مع يوليو/تموز من 2015 حينما بلغ 999 مليار ريال، ليتراجع إلى 890.6 مليار ريال في نفس الشهر من 2016، قبل أن يهوي إلى 617.3 مليار ريال في ذات الشهر من العام الحالي 2017.
ومن خلال البيانات، فإن الاحتياطي العام للدولة يسجل أدنى مستوى له في أكثر من 8 سنوات، أي منذ يناير/كانون الثاني 2009.
وحساب الاحتياطي العام للدولة، يحوّل إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة.
ولم يقتصر الأمر على استنزاف الاحتياطي العام، فوفق مؤسسة النقد العربي السعودي، سجلت الودائع لدى البنوك في الخارج، في يوليو/تموز الماضي، نحو 357.5 مليار ريال (95.3 مليار دولار)، مقابل 478.9 مليار ريال (127.7 مليار دولار) في نفس الشهر من العام الماضي، بانخفاض قدره 121.4 مليار ريال، بما يعادل 25.3% من إجمالي الودائع.
كما انكمش صافي الاستثمارات الدولية، خلال الربع الأول من العام الحالي، وهي آخر فترة ترصدها مؤسسة النقد العربي السعودي، إلى 2.24 تريليون ريال (597.3 مليار دولار)، مقابل 2.54 تريليون ريال (677.3 مليار دولار)، في نفس الفترة من 2016، ونحو 2.94 تريليون ريال (784 مليار دولار) في الربع الأول من 2015، أي أن استثمارات المملكة تراجعت بنحو 700 مليار ريال (168.6 مليار دولار)، بما يعادل 23.8% من إجمالي الاستثمارات قبل عامين.
وتعاني السعودية من جراء انخفاض أسعار النفط، إذ تعتمد البلاد بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية، إلا أن الأسعار هوت بأكثر من النصف منذ منتصف 2014، ما أثر بشكل سلبي على إيراداتها المالية.
وأظهر تقرير صادر عن مجلس الغرف السعودية، انخفاض إيرادات المملكة من النفط بنسبة 10.9% في الربع الثاني من العام الحالي، لتصل إلى 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) مقابل 112 مليار ريال (29.8 مليار دولار) في الربع الأول من العام.
وأشار التقرير الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس" في 19 أغسطس/ آب الجاري، إلى ارتفاع العجز المالي للمملكة إلى نحو 47 مليار ريال في الربع الثاني (إبريل/ نيسان حتى نهاية يونيو/حزيران) مقابل 26 مليار ريال خلال الربع الأول.
وبحسب التقرير تمت الاستعاضة عن السحب من الاحتياطيات النقدية، ببرامج الدين الحكومي، إلا أن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي تظهر استمرار السحب من الاحتياطيات مع الاستدانة المحلية والدولية، وذلك رغم إعلان الرياض هذا العام عن خطة تقشفية في الإنفاق وفرض المزيد من الضرائب، لزيادة مصادر الدخل.
وارتفع الدين العام إلى 371.4 مليار ريال (99 مليار دولار)، بما يمثل 15% من الناتج المحلي للبلاد، الذي بلغ 2.4 تريليون ريال (640 مليار دولار) في العام الماضي.
ولم يكن الدين العام يتجاوز نحو 11.8 مليار دولار، في نهاية 2014، وفق وزارة المالية السعودية. وكان عبارة عن ديون محلية تعادل 1.6% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة.
وحالياً تمثل الديون المحلية نصيب الأسد من الدين السعودي، بنسبة 63% (62.5 مليار دولار)، فيما تمثل الديون الخارجية 37% (36.5 مليار دولار).
وأعلنت وزارة المالية، في 13 أغسطس/آب الجاري، تسجيل عجز قيمته 72.7 مليار ريال (19.4 مليار دولار)، في ميزانيتها للنصف الأول من العام الجاري.
ولمواجهة العجز المتوقع تضخمه خلال السنوات المقبل، تخطط السعودية وفق البيانات الرسمية لزيادة نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 30% بحلول عام 2020.
وحذّرت مؤسسة النقد العربي السعودي، في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري من الآثار المترتبة على الانخفاض الحاد في الاحتياطيات النقدية على الاستقرار المالي، مشيرة إلى أن التحدي الأساسي الذي سيواجه الاقتصاد السعودي في العام المقبل، ينبع من سوق النفط العالمية، حيث لا تزال الأسعار منخفضة، مما سيشكل تحدياً للمالية العامة.