"بلومبيرغ": هكذا تردّ السعودية بمعاقبة تركيا اقتصادياً لمطالبتها بكشف حقيقة جريمة خاشقجي
تعكف السعودية على محاولة معاقبة تركيا اقتصادياً، في ردّ منها على إصرار أنقرة على المطالبة بالكشف الكامل عن ملابسات جريمة قتل الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، وعلاقة ذلك بولي العهد محمد بن سلمان، وفقاً لتقرير نشرته اليوم الجمعة وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
الوكالة عنوَنت تقريرها "السعوديون يدعون محافظهم تتكلم لمعاقبة تركيا على قضية خاشقجي"، مشيرة إلى حملات على "تويتر" تستهدف الاقتصاد التركي، لا سيما في سياحته ومنتجاته، وتلاحظ أن مشتريات السعوديين من العقارات التركية انخفضت 37% في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
البسكويت والألبان
في التقرير، يظهر البسكويت واللبن كأسلحة مفضلة بيد السعوديين الذين يهاجمون تركيا التي تطارد حكومتهم بسبب جريمة القتل المروّعة بحق خاشقجي في إسطنبول، إذ يدعو السعوديون الموالون للحكومة إلى مقاطعة المنتجات التركية مستفيدين من حساباتهم على "تويتر".
ومن بين أكبر هذه الأهداف شركة "بينار سوت ماموليري سانايي أيه.إس" Pinar Sut Mamulleri Sanayii AS للألبان، وشركة "أولكر بيسكوفي ساناي أيه.إس" Ulker Biskuvi Sanayi AS، التي تمتلك مصنعين في السعودية وتحتل المرتبة الأولى في سوق البسكويت داخل المملكة.
هدف الحملات المُعلن
أما الهدف من الحملة فهو "ليس تدمير الاقتصاد (التركي)"، كما يقول "نايفكو" Naifco، وهو مستخدم سعودي مؤيد للحكومة روّج للحملة، وقام بالتغريد لأكثر من 500 ألف متابع، إنما الهدف منها "التعبير عن غضبنا بطريقة حضارية".
وبحسب التقرير، أصبحت على المحك الآن تجارة ثنائية بين البلدين تُقدّر قيمتها بـ4.8 مليارات دولار، وسوق تصدير رئيسية لبعض الأثرياء الأتراك، وإيرادات تشتد الحاجة إليها من السيّاح السعوديين الذين ينفقون مبالغ كبيرة.
الليرة... والتداعيات العقارية
سبق لتركيا أن تعرض اقتصادها بالفعل في الآونة الأخيرة لأزمة عملة تسببت في ارتفاع معدل التضخم وزادت من خطر الركود الاقتصادي العام.
ولذلك، تعتقد "بلومبيرغ" أن الأثر الاقتصادي للحملة السعودية لن يكون فورياً، في حين أن التداعيات واضحة في سوق العقارات. إذ إن السعوديين، الذين كانوا بين كبار المشترين الأجانب للعقارات التركية عام 2017، احتلوا المرتبة السادسة فقط على هذا الصعيد الشهر الماضي، عندما انحسرت مشترياتهم 37%، وفقاً لبيانات رسمية.
نائبة رئيس دائرة الأبحاث في "إياك ياتيريم"، مليس بوكار، قالت في مذكرة، إن الأثر قد يمتد أيضاً إلى سوق الأسهم في حال زاد منسوب التوتر وأخذه السعوديون في الاعتبار جدياً"، مضيفةً أن شركتَي "أولكر" و"بينار" اللتين تُعتبر السعودية أكبر سوق تصدير لهما، هما الشركتان اللتان يمكن أن تتأثرا على نحو خاص.
شركة "بينار" قالت إنها "تراقب التطورات" لكنها آثرت عدم التعليق أكثر، فيما امتنعت "يلدز القابضة" Yildiz Holding، الشركة الأم لشركة "أولكر" عن التعقيب أساساً.
تهديدات تجارية وسياحية
كما يلاحظ تقرير "بلومبيرغ" أن "هاشتاغ" تحض المستخدمين على تسمية الشركات التركية لوضعها على قائمة سوداء، كانت ناشطة على "تويتر" داخل السعودية، ما يوحي بـ"شعبية" الحراك، بعدما دعت حملة أخرى على شبكات التواصل الاجتماعي الشهر الماضي، مئات آلاف الزوار السعوديين إلى مقاطعة تركيا.
وينفق السائح السعودي عادة ما متوسطه 1200 دولار لدى زيارته تركيا، متجاوزاً بذلك نظيريه الألماني والروسي، حسبما قال للوكالة المدير العام لشركة البطاقات المصرفية "ماستر كارد" في تركيا، ويغيت كاجلايان، في مايو/ أيار المنصرم.
ويشير تحليل المشاركات المؤيدة للمقاطعة، إلى أن معظمها كان عبارة عن إعادة نشر تغريدات من عدد محدد من الحسابات الموالية للحكومة، بما في ذلك حساب "نايفكو"، بحسب مارك أوين جونز، الأستاذ في "جامعة حمد بن خليفة" القطرية.
جونز، الذي يقوم بدراسة الدعاية الإعلامية في الشرق الأوسط على وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح أن بعض التغريدات جاء أيضاً من روبوتات يُحتمل ارتباطها بالحكومة السعودية، أو الحسابات التي تولد الرسائل تلقائياً، ليختم قائلاً: "إنها مدفوعة من الحكومة، أكانت ضمنية أم صريحة".