وفي تقرير نشرته اليوم، وجدت "بلومبرغ" أن السعودية تبحث الآن عن خطة بديلة (الخطة "ب") لدفع صندوق ثروتها السيادي إلى صفوف عمالقة العالم، بعدما كانت الخطة المبدئية تقضي بجمع 100 مليار دولار على الأقل من خلال طرح عام أولي لحصة صغيرة في شركة النفط الحكومية، "أرامكو"، في النصف الثاني من عام 2018.
وعلى الرغم من أن الاكتتاب العام لا يتقدّم وفق ما كان مخططاً له أصلاً، لا يزال "صندوق الاستثمار العام" (PIF) يأمل بالسيطرة على أكثر من تريليونَي دولار بحلول عام 2030.
سبب تكبير الصندوق
معلوم أن الصندوق يُعدّ محوراً رئيسياً لجهود الحكومة الرامية إلى تنويع الاقتصاد بعيداً من النفط، في إطار خطة ولي العهد محمد بن سلمان المعروفة باسم "رؤية 2030". وقد أُنشئ عام 1971 لدعم مشاريع ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة للاقتصاد السعودي، وفي معظم تاريخه ركّز أساساً على السوق المحلية.
ويمتلك الصندوق أصولاً قيمتها 150 مليار دولار في شركات سعودية مُدرجة، بما في ذلك حصص في "الشركة السعودية للصناعات الأساسية" المعروفة اختصاراً باسم "سابك"، ثاني أكبر مصنّع للمواد الكيميائية في العالم، وفي "شركة الاتصالات السعودية"، و"البنك الأهلي التجاري"، أكبر بنك في المملكة من حيث الأصول. لكن خلال السنوات الأخيرة، استثمر الصندوق في جميع أنحاء العالم، ولديه حالياً أصول تناهز 230 مليار دولار.
نوعية الاستثمارات
عام 2017 فقط، أعلن الصندوق (PIF) خطط استثمار تصل قيمتها إلى 45 مليار دولار في صندوق تكنولوجيا ياباني تديره "SoftBank Group Corp"، وبناء مدينة "نيوم" على البحر الأحمر بقيمة 500 مليار دولار، وإنشاء صندوق بقيمة 1.1 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق مشروع بقيمة 4.8 مليارات دولار لإعادة تطوير واجهة جدّة المائية على البحر الأحمر، ووضع 20 مليار دولار في صندوق بنية تحتية أميركي تديره مجموعة "بلاكستون".
وفي الآونة الأخيرة، قيل إن الصندوق بصدد شراء حصة قيمتها 400 مليون دولار في "إنديفور" (Endeavor)، إحدى أكبر الشركات المختصّة بإدارة الموهوبين وإقامة المناسبات في هوليوود، وكانت بين مستثمرين اشتروا 55% من أسهم شركة "أكور" (Accor). وكان دور "إنديفور" في اكتتاب "أرامكو" العام المُخطّط له تزويد الصندوق بدفق كبير من الأموال لإبرام مزيد من الصفقات.
مصير اكتتاب "أرامكو"
يبدو أن أهمية الاكتتاب العام قد تضاءلت في الوقت الذي يتصارع ولي العهد محمد بن سلمان مع أجندة مكتظة من جهة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية داخلية وسياسة خارجية حازمة.
المستشارة في "معهد صندوق الثروة السيادي" (SWFI)، راشيل بيتر، ترى أنه من دون طرح أسهم "أرامكو" للاكتتاب العام، لا يزال أمام الصندوق طريق طويل قبل أن يصبح أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، لكنها تقول إن التسرّع سيكون خطأً، مضيفةً: "لن تحصل إلا على فرصة واحدة لتكوين انطباع أول، وسيراقب العالم من كثب هذا الاكتتاب".
ما البديل؟
تدرس "أرامكو" شراء ما يصل إلى 70% من حصة الصندوق في "سابك" التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 100 مليار دولار، وهذا يعني أن الصفقة قد تجمع للصندوق 70 مليار دولار من رأس المال، فيما يمكن للصندوق أن يجمع المزيد عبر بيع حصصه في الشركات السعودية الأخرى المدرجة أسهمها في السوق المالية.
وتبقى الاستدانة خياراً آخر. ففي أوائل يوليو/ تموز، قيل إن الصندوق أوشك أن يحصل من البنوك على قرض بمليارات الدولارات، ليكون أول قرض يحصل عليه. وقد أعرب الصندوق عن استعداده للاقتراض في سبيل تنويع الاقتصاد السعودي وزيادة العوائد من الاستثمارات.
إدارة الصندوق
يديره العضو الإداري المنتدب ياسر الرميان، المدير التنفيذي السابق لشركة "السعودي الفرنسي كابيتال"، والذي انضم إلى الصندوق عام 2015.
وخلال العام الماضي، تم تعزيز الفريق التنفيذي من حوله، بإضافة عبدالمجيد الحقباني، رئيس إدارة الأصول المحلي في "HSBC Holdings Plc"، بصفة مدير، وعلي رضا الزيمي، المدير الإداري السابق في "بنك أوف أميركا ميريل لينش"، كرئيس لقسم تمويل الشركات والخزينة.
كما تم تعيين راشد شريف، الذي كان يشغل سابقاً منصب المدير التنفيذي لوحدة الاستثمار المصرفي في "بنك الرياض"، لرئاسة الاستثمارات المحلية. ويُقال إن مايكل كلاين، وهو مصرفي سابق في "سيتي غروب للاستثمار"، يعمل مع الصندوق على إستراتيجيته الاستثمارية العالمية ومخططاته التمويلية.