أزمات النفط السعودي: أرامكو تفقد نصف تريليون دولار من قيمتها السوقية

14 أكتوبر 2019
الهجمات على أرامكو كبّدت السعودية خسائر باهظة (Getty)
+ الخط -
أزمات متتالية تواجه الحكومة السعودية في خطتها الهادفة إلى بيع حصة من "أرامكو"، أكبر شركة نفط في العالم، وكان آخرها تضارب التقديرات حول القيمة السوقية للشركة، ولاسيما عقب الهجمات الأخيرة على منشآتها التي كبّدتها خسائر باهظة وعطّلت إمداداتها، ما دفع الرياض إلى استيراد النفط لأول مرة من أجل الإيفاء بالتعاقدات التصديرية.
ورغم محاولات المسؤولين السعوديين طمأنة الأسواق بأن الشركة عادت إلى طبيعتها بشكل كامل وأنه تم إصلاح ما دمرته الهجمات الأخيرة، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، مما ينعكس سلبا على خطة الحكومة للإسراع في عملية طرح 5% من أسهم الشركة للاكتتاب العام بقيمة جيدة، حسب مراقبين.

ورجحت صحيفة وول ستريت جورنال، الجمعة الماضية، تقديم مجموعة من المصارف الاستثمارية الضخمة، توصياتها النهائية بشأن تقييم أرامكو. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر مطلعة قولهم، إن الترجيحات تشير إلى أن السعودية قد تخفض قيمة أرامكو من تريليوني دولار، كما كان يأمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى 1.5 تريليون دولار فقط.
وتضيف الصحيفة أن الرقم الذي كان ولي العهد يحاول الوصول إليه واجه بالفعل بعض المقاومة من قبل المديرين التنفيذيين للشركة الذين يرون أن 1.5 تريليون دولار أكثر واقعية، موضحة أن هذا التقييم يلقى دعما أيضا من قبل المؤسسات الاستثمارية والبنوك المكلفة بجذب اهتمام المستثمرين بعرض الاكتتاب الأولي للشركة النفطية الأكبر في العالم.

وفي حالة الاستقرار على التقييم الجديد الذي اقترحته بنوك الاستثمار، فهذا يعني أن القيمة السوقية للشركة ستفقد ربع قيمتها، أي 500 مليار دولار. وبالتالي، فإن نسبة الـ5% المزمع طرحها للاكتتاب ستتراجع قيمتها من 100 مليار دولار إلى 75 مليار دولار، ما سيعد ضربة قوية لخطط ولي العهد الذي كان سيعتمد على حصيلة البيع في تخفيف الأزمة المالية للبلاد، في ظل التراجع الكبير في عائدات النفط، وتكلفة الحرب الباهظة في اليمن ضد الحوثيين، الذين أعلنوا أنهم وراء الهجمات الأخيرة على منشآت أرامكو. 

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتضارب فيها تقييمات القيمة السوقية لأرامكو، إذ أكد تنفيذيون بالصناعة ومحللون ومستثمرون لبلومبيرغ، في وقت سابق، أنّ تحليلاتهم المبنية على احتياطات النفط وتدفّقات الأموال بالشركة وفق سيناريوهات ضريبية مختلفة، تشير إلى أنّ القيمة لا تتخطّى نصف الرقم الذي يطرحه ولي العهد، أي نحو تريليون دولار.
وأشارت إلى أن مؤسسة "وود ماكينزي المحدودة" حددت تقييما تقريبيا أقل بكثير عما يطرح في السوق، إذ قدرت قيمة أرامكو بـ400 مليار دولار فقط، وفق عملاء حضروا اجتماعًا خاصًّا في مكتب مدينة لندن لاستشارات النفط، رفضوا الكشف عن أسمائهم.

وتأتي كل هذه التناقضات، وسط تزايد الغموض حول موقف بن سلمان فيما إذا كان سيمضي قدما في عملية الاكتتاب العام أم سيتم تأجيلها كما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية، حسب مراقبين. في الوقت الذي أعلن فيه أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الشركة مستعدة للطرح للاكتتاب العام على الفور.
وفي محاولة لطمأنة الأسواق، قال مسؤولون في شركة أرامكو السعودية، أول من أمس، إن الشركة تأمل في أن تصلح بنهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني آخر أربعة أبراج لحقت بها أضرار خلال الهجمات التي تعرضت لها منشأتان نفطيتان تابعتان لها الشهر الماضي، في خطوة تتيح لها استعادة طاقتها الإنتاجية بشكل كامل.

وقال خالد بريك، نائب رئيس أرامكو لعمليات النفط في المنطقة الجنوبية، لعدد من وسائل الإعلام التي تمت دعوتها لزيارة المنشأتين المتضررتين في خريص وبقيق، إن الهجمات على بقيق أصابت خمسة أبراج لمعالجة النفط، وإن الإصلاحات لا تزال جارية في ثلاثة منها.
ومنشأة بقيق هي الأكبر عالمياً فيما يتعلق بمعالجة النفط إذ تضم 18 برجاً. وأسفرت الهجمات على منشأة خريص عن إلحاق أضرار بأربعة من خمسة أبراج.

وتوقع بريك اكتمال الإصلاحات في الأبراج الثلاثة في غضون ستة أسابيع، بينما قال مدير محلي كبير، طلب عدم نشر اسمه، لوكالة "رويترز" إنه جرى إصلاح ثلاثة أبراج.
وتسببت الهجمات التي وقعت في منتصف سبتمبر/أيلول على منشأتي بقيق وخريص في أضرار أسفرت عن توقف نصف إنتاج النفط الخام من السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، بفقدان 5.7 ملايين برميل نفط يوميا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الخام عالميا.

واستأنفت أرامكو إنتاج نحو عشرة ملايين برميل من النفط يوميا في غضون عشرة أيام، وقالت إنها في الطريق لاستعادة الحد الأقصى من طاقتها الإنتاجية الذي يبلغ 12 مليون برميل يوميا بحلول نهاية الشهر المقبل. 
وأفاد موقع "ميدل إيست آي"، الجمعة الماضية، بأن السعودية خسرت نحو ملياري دولار من إنتاج النفط الخام في أعقاب الهجمات التي استهدفت منشآتها النفطية الشهر الماضي.

وطاولت الهجمات الأخيرة تصنيف الشركة، إذ قالت وكالة "فيتش"، الاثنين الماضي، إنها خفضت التصنيف الائتماني لشركة "أرامكو" السعودية إلى (A) من (A+). وأضافت فيتش أن خفض التصنيف أخذ في الاعتبار التوترات الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة، وكذلك استمرار عجز الموازنة في البلاد من بين عوامل أخرى.
وفي نهاية الشهر الماضي، خفضت فيتش تصنيف السعودية إلى "A" من "A+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، وجاء خفض التصنيف السيادي في أعقاب الهجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ للحوثيين على البنية التحتية المحلية لشركة أرامكو في 14 سبتمبر/أيلول الماضي.


المساهمون