الساحل الغربي بيد طارق صالح: خطوة إماراتية لتعزيز نفوذها

11 يوليو 2019
الإمارات بدّلت استراتيجتها العسكرية (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تسرّع الإمارات من حراكها على الساحة اليمنية مع الإعلان عن نيّتها سحب قواتها من هناك، ففي خطوة جديدة تدل على مسعاها لتكريس نفوذ وسيطرة حلفائها، قلبت أبوظبي الطاولة في الساحل الغربي، وغيّرت من خارطة السيطرة على الأرض بعد أن سلّمت كل مناطق هذا الساحل إلى العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وأخضعت كل التشكيلات العسكرية في المنطقة لقيادة طارق صالح. هذه الخطوة أوجدت ردود فعل متفاوتة بين الأطراف اليمنية، ببن مؤيد، وبين متخوف متردد من تأثير ذلك على سلطة الشرعية اليمنية، التي يقل أكثر فأكثر نفوذها الميداني. وأكد بيان صادر عن القوات الرئيسية في الساحل الغربي، المتمثلة في "ألوية ومقاومة تهامة" و"حراس الجمهورية" و"المقاومة الوطنية" و"ألوية العمالقة"، الاتفاق على تشكيل قيادة موحّدة لهذه القوات وتشكيل غرفة عمليات مشتركة مرتبطة بالتحالف السعودي الإماراتي مباشرة، وفقاً لما تمليه عليها "مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية لمواجهة مليشيات الحوثيين".

ولقي ذلك صدى كبيراً لدى الأوساط السياسية ومختلف الأطراف، وقال قائد "حراس الجمهورية" و"المقاومة الوطنية" سابقاً، قائد القوات المشتركة الحالية، العميد طارق محمد عبد الله، في منشور له على صفحته في "تويتر" ‏إن "ما حصل هو إنجاز تاريخي تحقق في الساحل، فكل قوى المقاومة اتّحدت في كيانٍ واحدٍ يضع اليمن نصب عينيه كهدفٍ واحد ومصيرٍ واحد لا يشذ عنه إلا من ربطوا مصيرهم بمصير الأجنبي البعيد في فارس"، في إشارة إلى إيران.

إخضاع "ألوية ومقاومة تهامة" و"ألوية العمالقة" التي كان يتقاسم النفوذ فيها الحكومة الشرعية و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، لسلطة طارق صالح، يعني إخراج هذه القوات من تحت عباءة الشرعية وتسليمها إلى صالح تحت ضغوط إماراتية. وعلى الرغم من عدم صدور تعليق حتى بشكل رسمي من قيادة الشرعية على هذه الخطوة الإماراتية، وحتى من وزارة الدفاع وهيئة رئاسة الأركان، إلا أن هناك آراء لمسؤولين في الشرعية يتخوفون من هذه الخطوة، فيما آخرون رحبوا بها مع تحذيرهم من تداعيات تسليم القوات لأطراف لا تعترف بالشرعية.



وزير الدولة في حكومة الشرعية عبد الرب السلامي ذكر في منشور له في "فيسبوك" أن "إعادة هيكلة ألوية الساحل الغربي لقيادة واحدة بشكل مؤسسي ومهني خطوة جيدة، وهي أفضل بكثير من البعثرة والأشكال المليشياوية الشعبوية السابقة"، مضيفاً أن "إجراء تلك الهيكلة خارج وزارة الدفاع ورئاسة الأركان الشرعية يعتبر مشكلة أخرى كبيرة قد تؤدي، إذا لم تعالج بسرعة وبمسؤولية مشتركة من قيادة التحالف العربي مع القيادة الشرعية اليمنية، إلى شرعنة ظاهرة الجيوش الموازية. وهي ظاهرة لا تقل خطورة عن ظاهرة المليشيات التي يراد تفكيكها". وتابع: "في تقديري نستطيع كيمنيين مع الأشقاء في التحالف العربي، إيجاد حل لهذه المشكلة إذا توفرت الإرادات السياسية الصادقة، فمصلحة اليمن ومصلحة الإقليم والعالم لن تتحقق إلا باستقرار مؤسسات الدولة اليمنية الشرعية وفي مقدمتها مؤسسة القوات المسلحة، ولا يوجد في اليمن دستورياً إلا شرعية واحدة وجيش وطني واحد".

من جهته، اعتبر رئيس المكتب السياسي للمجلس الأعلى للحراك الجنوبي، فادي باعوم، في تعليق على الخطوة، أن "اللعب أصبح على المكشوف"، وقال في منشور له على صفحته في "فيسبوك" إن "أي مقاومة موحدة في الساحل الغربي يتحدث عنها قائد الحرس الجمهوري؟ كما أعرف فالأغلبية جنوبيون بل وبعضهم يرفع علم الجنوب ويعرف طريق الحديدة لاستقلال الجنوب". وتابع: "أصبح اللعب على المكشوف وهذه إرادة الكفيل".
موقف باعوم كان أول رد فعل جنوبي من طرف سياسي رسمي، فيما لم يعرب "المجلس الانتقالي الجنوبي" عن أي ردة فعل حول الخطوة، لا سيما ان هناك ألوية فعلياً كانت توالي المجلس ومدعومة من الإمارات. وألمح مصدر مقرب منه لـ"العربي الجديد" إلى أن "الانتقالي" مرتبط بالإرادة الإماراتية وهناك علاقة بين طارق صالح وبين المجلس، وحتى إن القوات الموالية لـ"الانتقالي" تحرس معسكرات التدريب ومعسكرات صالح في عدن وخارجها، وهذا ما يؤكد أن المجلس أخضع القوات الموالية له لسلطة صالح.

يأتي هذا متزامناً مع تسريبات عن نيّة الإمارات سحب جزء من قواتها من الساحل الغربي، لا سيما بعد أن دعمت ودربت ما يقارب المائة ألف جندي، في الساحل الغربي وفي مناطق جنوب وشرق اليمن. وباتت هذه القوات على علاقة مباشرة بأبوظبي التي تتحكّم فيها، لذلك فقد جاءت خطوة توحيد هذه القوات الكبيرة في الساحل الغربي لتبدو في ظاهرها كتوحيد للقوات ضد الحوثيين، لكن مصدرين سياسيين قالا لـ"العربي الجديد" إن "هذه الخطوة تُعد بمثابة توزيع الأدوار وتقاسم النفوذ على الأرض بين حلفاء الإمارات في الشمال والجنوب، وتقليص نفوذ القوات الموالية للشرعية في مناطق السيطرة".

وعلى ضوء هذه الخطوة، بات حلفاء الإمارات يبسطون سيطرتهم على محافظات ومناطق جنوب وشرق اليمن، لا سيما السواحل من باب المندب إلى المهرة، بينما حلفاؤها في الشمال بقيادة طارق صالح يبسطون نفوذهم على الساحل الغربي من باب المندب حتى ميدي، لتراوح الشرعية مكانها في مأرب والجوف وجزء من صعدة ومن تعز، من دون أي منفذ بحري أو حتى جوي.


المساهمون