"أثق تماما في استمرار رياض محرز معنا، ليس فقط لسنة جديدة بل لفترة زمنية طويلة". كانت هذه تصريحات المدرب كلاوديو رانييري، خلال المؤتمر الصحفي الافتتاحي للموسم المنتظر، ليؤكد تمسكه الشديد بالنجم الجزائري المبدع الذي قادهم إلى المعجزة في البريمييرليغ، لكن تبقى كلمات الإيطالي مجرد حبر على ورق، خصوصا بعد رحيل نغولو كانتي إلى تشيلسي، وخروج تقارير قوية من الداخل تشير إلى رغبة ساحر الصحراء في الرحيل بعيدا، تجاه فريق آخر ونحو حلم جديد.
القطعة الأهم
وصل رانييري إلى أقصى درجات المجد في الموسم الماضي، فعلها ليستر وحقق بطولة الدوري الإنكليزي، مع نهج تكتيكي صارم ومحكم، بدأ بحماية مرماهم وعدم استقبال أهداف عديدة، ومن ثم استغلال تقدم المنافسين وأخطائهم، ليتم التحول السريع من الحالة الدفاعية إلى نظيرتها الهجومية، بأقل عدد ممكن من اللعبات مع استغلال مهارات وسرعة الأسماء الهجومية في الثلث الأخير.
4-4-2 على الطريقة الحديثة، رباعي دفاعي ثم رباعي في المنتصف وأخيرا ثنائي هجومي متنوع، لا مساحات كبيرة بين الخطوط، وهناك اهتمام مبالغ فيه بتقليل الفراغات قدر المستطاع أمام نجوم الفرق الكبيرة، ليتحول فريق ليستر إلى نسخة إيطالية في الملاعب الإنكليزية، ويجد طريقه أسهل من البقية، لأنه يؤمن باستراتيجية التحكم في الفراغات، ويلعب دون ضغوط على عكس أباطرة البطولة أو "البيغ فور".
احمِ مرماك جيدا في العمق وعلى الأطراف، حاول أن تسجل معتمدا على تحركات فاردي، دافع بقوة يا كانتي، ليحصل درينكووتر على التمريرة الثانية، ويمررها سريعا إلى رياض محرز، الجزائري هو نقطة الاتفاق الأولى بين جميع الخطوط، وهمزة الوصل بين العمل الدفاعي والمردود الهجومي، لأنه يمتاز عن البقية بالمهارة الفائقة، تلك الموهبة التي تجعله في وضع أفضل من الجميع، إنها كلمة السر في معظم المباريات الحاسمة التي جعلت الحلم حقيقة.
الحلم الكتالوني
يعترف محرز بأنه من عشاق ليونيل ميسي، الملك رقم 10 أسر قلب محارب الصحراء منذ سنوات، ليتابع برشلونة كلما حانت الفرصة. وتطورت القصة إلى إعجاب متبادل بين الجانبين، بعد أن كانت مجرد شغف من طرف واحد، ليتابع كشافو النادي الكتالوني محرز في مناسبات عديدة، ويتحدث أسطورة برشلونة تشافي هيرنانديز في حوار حصري مع "العربي الجديد"، مؤكدا على أن رياض قد يكون مستقبل البلاوغرانا في السنوات المقبلة.
روبرتو فيرنانديز أيضا دخل على الخط بكلمات مقتضبة كعادته، المدير الرياضي لبرشلونة رجل مولع بالألغاز والتصريحات التي يكرهها الصحفيون، وحينما سئل عن الصفقات القادمة بعد إعلان التعاقد مع سواريز، أومتيتي، ودينييه، أجاب بأن الصفقة الرابعة ستكون في مركز المهاجم الصريح، لكن إقناع مهاجم باللعب مع الـ MSN فكرة ليست بالسهلة.
في برشلونة، يُقال إن لوسيانو فييتو هو المهاجم المنتظر، لاعب صغير في السن وشاب وسريع، وسيرضى بالمداورة والمشاركة على فترات، لكن إشبيلية يتابع الأرجنتيني بشدة مؤخرا، ومن الممكن أن يدخل في الصفقة وينهيها لصالحه. ليس من السهل على الإدارة الحالية إنهاء الميركاتو بهذه الأسماء فقط، لأن الكل اعتاد على إبرام صفقة قوية في اللحظات الأخيرة، ولا يوجد أفضل من تحويل قصة الإعجاب المشترك إلى واقع ناجح وملموس، ولماذا لا يتعاقد برشلونة مع رياض محرز؟
الخطة البديلة
يستطيع محرز النجاح في أي ناد، هذه العبارة ليست من باب الأمنيات أو الأحلام، بل هي حقيقة ثابتة ومدعومة بالأدلة، فالجزائري قدم موسما تاريخيا مع ليستر سيتي، الفريق الدفاعي الذي يلعب أكثر في نصف ملعبه، ويميل إلى استخدام استراتيجية المرتدات والتحولات، لذلك تكيف رياض سريعا مع خطته، لأنه لاعب يملك الخفة والسرعة الكافية، مما جعله يحصل على الكرات في المساحة المطلوبة، التي تساعده على إظهار مهاراته وقدراته.
دفاعيا، محرز مميز في الـ Work Rate أي العمل المتكامل من ناحية الإحصاءات دفاعيا وهجوميا، فمع قوته في إحراز الأهداف وصناعتها، يعود اللاعب العربي إلى الدفاع، يصنع أكثر من عرقلة مشروعة في كل مباراة، يفتك كرات عديدة، يشارك في الكرات الهوائية بقوة، وبالتالي لديه حس اللاعب الكبير الذي يصلح مع أي فريق، صغيراً كان أم كبيراً.
وحتى على مستوى طريقة اللعب، يستحوذ الأحمر والأزرق على الكرة، يجبر خصمه مهما كان اسمه على العودة إلى الخلف، لذلك تقل بشدة الفراغات أمام لاعبيه، وتصبح الحاجة ملحة لاستخدام لاعب يتفوق في مواقف 1 ضد 1، وبالطبع نجم ليستر سيتي من أفضل الخيارات في هذا الجانب، ليكون جاهزا بشدة للمشاركة مع الكبار، نفسيا، رقميا، تكتيكيا، ومهاريا.
أين سيلعب محرز؟
رياض هو الجناح الداخلي في خطة 4-4-2، أي اللاعب الذي يشارك على الورق في الطرف، لكنه يدخل كثيرا إلى العمق، للقيام بدور صانع اللعب أثناء الاستحواذ، بينما يعود إلى مناطقه بالرواق، ليدافع رفقة الظهير في الحالة الدفاعية، ويتحرك تجاه المنتصف بعض الشيء، لتقوية خانة الارتكاز وتقليل الفراغات في وبين الخطوط، هذا ما أبدع فيه باختصار شديد في الدوري الإنكليزي.
وفي حالة تعاقد برشلونة معه، سيتغير الأمر قليلا، لأن محرز سيتحول إلى دور لاعب الوسط المتقدم في خطة 4-3-3، الطريقة المفضلة داخل أروقة الكتلان، فالمدرب لوتشو يلعب بنفس طريقة طيب الذكر غوارديولا، لكن مع اختلافات خططية واضحة، فلم يعد اللعب الموضعي في الوسط هو الأساس، ودانت السيطرة للثلاثي الهجومي في الأمام.
يلعب بوسكيتس في خانة الارتكاز، يتحرك أمامه كل من راكيتيتش وإنيستا، مركز لاعب الوسط المساند، الذي يتحرك أكثر على الأطراف، ويعود بعض الشيء إلى المنتصف لحماية ظهر الثنائي ميسي ونيمار يمينا ويسارا، والشيء المثير للاهتمام أن دينيس سواريز أيضا يقوم بدور قريب من اللاعب الجزائري لكن على اليسار، بينما يتفوق محرز أكثر في خانة اليمين، وبالتالي ستزيد بشدة الخيارات الهجومية أمام برشلونة في الوسط وأطراف الهجوم، فهل تتم أقوى صفقات هذا الميركاتو؟
يرجح المنطق إمكانية عقد الصفقة، فبرشلونة سيفتقد بشدة داني ألفيش وانطلاقاته، وسيحتاج إلى دينامو جديد يقوم بتحريك اللعب على اليمين، مع ثبات الظهير الأيمن الأساسي في الخلف للتغطية، أو جعل الوسط الهجومي ينطلق من جهة اليمين، وتتم التغطية العكسية من اليسار عن طريق سواريز، "دور راكيتيتش في الخطة الحالية"، ومع زيادة الخيارات المتاحة أمام إنريكي، سيكون الأمر أفضل لأي مدرب يلعب على كافة البطولات المتاحة.